حقوق وحريات

أي الوثائق أولى بالاتباع وثيقة ضرار أم وثيقة الانتصار لشريعة الرحمن ؟

د. هاني السباعي

مدير مركز المقريزي للدراسات التاريخية بلندن.
عرض مقالات الكاتب

أنشرأنموذجاً لمسودة وثيقة عن تحرير مصر تشرفت بكتابتها وصياغتها مع الشيخ الدكتور طارق عبد الحليم سنة 1437هـ الموافق 2016، ونشرناها فلاقت حينئذ قبولاً من مجموعة من الفضلاء؛ لكن للأسف ظلت جامدة، ولم تجرؤ أي محطة فضائية على نشرها أو نشر خبر عنها!! ثم مرت السنون ولا يزال حال المسلمين من سيئ إلى أسوأ! لا يزال العسكر يبطش بالمسلمين بلا رحمة! ثم ها نحن أولاء منذ عدة أيام نرى جماعة من “المتعلمنين” “والمتأسلمين”؛ بزعامة الليبرالي “أيمن نور” صاحب قناة الشرق التي تبث من تركيا؛ ينشرون بتاريخ 11 فبراير 2021 وثيقة أشبه بوثيقة ضرار!؛ خليط قليل من الحق مع كثير من الباطل! وأخرى لسد النهضة مستندين على دستور انقلاب العسكر!؛ يتزلفون بنشرها للمجتمع الدولي لعل وعسى أن يعير لهم بايدن رئيس أمريكا  اهتماماً!! وهيهات أن ينتصر لهم الغرب بزعامة أمريكا! المشكلة أن أصحاب وثيقة ضرار وأخواتها! يسّوقون أنفسهم للغرب متوهمين أن أمريكا ستختارهم بديلاً للسفاح السيسي!! هؤلاء يتعاطون الغفلة! فجيش احتلال مصر حارس أمين لمصالح الكيان الغاصب لفلسطين! فلماذا يتخلى الغرب حالياً عن خادمهم السيسي حيث لم يقصر في قتل وسجن إذلال المسلمين!! لماذا يتخلصون من السيسي ويستبدلونه بغيره حالياً والشعب لا يزال تائهاً ضائعاً في سراديب الخوف!! الغرب لا يحترم إلا الأقوياء! فعندما يقوم الشعب ثائراً مزمجراً كالطوفان يدمر ويدمدم كل شئ أمامه؛ هنا سيضطر الغرب الرضوخ لإرادة الشعب! أما وثائق ذوي الياقات البيضاء! والفضائيات المفتوحة!؛ وثائق بيع الأوهام وتخدير الشعوب!؛ فبضاعة كاسدة في سوق الغرب المتوحش!!

 على أية حال ها أنا ذا أعيد نشر مسودة وثيقة تحرير مصر مع تعديل طفيف.. رجاء أن تقرأ بعناية ليستبين لنا أي الوثائق أولى بالاتباع؛ وثيقة العلمنة “ضرار” أم وثيقة الانتصار لشريعة الرحمن.

مسودة نص الوثيقة

وثيقة تحرير مصر وإعادة هويتها

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد.

تقدمة:

لقد كانت القارعة التي أصابت مصر منذ تنحية الشريعة الإسلامية عن سدة الحكم إبان حكم محمد علي باشا وبنيه، واستبداد العسكر بالحكم بانقلاب 23 يوليو 1952 حتى انقلاب العسكر بقيادة السيسي في 3 يوليو 2013، وما أعقب ذلك من مجازر ارتكبها العسكر، ولا يزال سادراً في غيه وإجرامه، لا يزال يلغ في دماء الأبرياء؛  صدمة عنيفة لمن كان يحسن الظن بالعسكر؛ رغم أنها كانت متوقعة عند من له بصر بمكر السياسة العالمية، وبخيانات العسكر، وطرق خداعهم منذ تأسيس الجيش على معاداة الإسلام والمسلمين!.

لقد عاث العسكر في أرض مصر فساداً وبرزت مخالب الدولة العميقة، تنهش في جسد المسلمين المصريين، وتعرّض أهل الإسلام للتعذيب والتحريق والقتل والسجن والتشريد، واستباح جيش احتلال مصر أنفسهم وأموالهم وأعراضهم، لقد اغتصبت المسلمات واستبيحت مصر برمتها.

وبعد هذه التقدمة: نعلن نحن الموقعين على الوثيقة التالي:

من نحن؟:

الأول: نحن جمع من أبناء الشعب المصري ومسلمي العالم؛ رجالا ونساء؛ لسنا حزباً أو تنظيماً أو جماعة بالمعنى المتعارف عليه في القاموس الإعلامي السياسي.

هدفنا:

الثاني: هدفنا  مرضاة الله تعالى، والحكم بشريعة الرحمن وتطبيقها في كافة المناحي الحياتية وبها وحدها بغية أن يستعيد المواطن المصري هويته الإسلامية التي فقدها أو غيبها العسكر قسراً، وأن يسترد حريتَه التي سلبت منه، وكرامتَه التي مُرغت في التراب، وثروتَه التي نُهبت، ولن يكون ذلك إلا بحكم الإسلام وحده.

مبادئ أساسية:

الثالث: من حق أي مسلم  مصري أن يدافع عن دينه ويتصدى لكل دعوات الانسحاق والانهزام التي لا هم لها إلا تقزيم الإسلام وحصره في زوايا ضيقة.

الرابع: إننا نؤكد على اعتزازنا بهويتنا الإسلامية وشريعة الرحمن وحدها. إننا مسلمون، قبل أي انتماء قوميّ أو حزبيّ أو جماعيّ.

الخامس: الإسلام منظومة شاملة متكاملة (عقيدة وشريعة، عبادة وأخلاق، عدل وحرية) فمن رفع أي شعار غير شعار الإسلام فقد استبدل الذي هو أدنى بالذي هو خير، وأن أي شعار غير شعار الإسلام هو تهميش للإسلام وتحقير من شأنه كمنهج شامل زمانياً ومكانياً.

السادس: نرفض الدعاوى الخبيثة التي تتعمد إقصاء الإسلام واستبعاده من سدة الحكم، وإن جاءت في ثوب الإصلاح، فالإسلام هو العمود الفقري الذي به يستقيم أمر البشرية بأسرها خاصة في عالمنا العربي والإسلامي؛ بل إن الإسلام هو الجسد والروح والعقل والقلب للمسلم في أي زمان ومكان (قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

مصر إسلامية منذ عام 20 هـ

السابع: مصر إسلامية منذ أن فتحها الصحابي الجليل عمرو بن العاص رضي الله عنه في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 20هـ، وتستمد شرعيتها من الإسلام وحده.

الثامن: مقاصد الشرع الحنيف تتعلق بحفظ الضرورات الخمس، الدين والنفس والمال والعقل والعرض. فأي شئ يتعرض لهذه الضرورات بالأذي فهو معتد أثيم يجب صده.

التاسع: أحكام الشريعة الإسلامية وأدلتها التفصيلية هي المصدر الوحيد للتشريع.

الشورى مبدأ إسلامي أصيل

العاشر: الشورى مبدأ إسلامي أصيل في المسائل التي لانص فيها من كتاب أوسنة أو إجماع؛ بالضوابط الشرعية الصارمة التي ذكرها فقهاء الإسلام سلفا وخلفاً كما هو مدون في أمهات الكتب. وهي في روحها وتطبيقها تختلف عن أي مستورد خارجي.

الحادي عشر: تطبيق الشّريعة ليس اختياراً، وليس التزاما أخلاقيا فرديا كما يروج البعض، بل هو التزام اجتماعيّ، فرضه الله على الجماعة وعلى القائم بأمرها.

الحياة والحرية بأرض مصر:

الثاني عشر: الحياة على أرض مصر والاستمتاع بالحرية فيها مكفول لكل إنسان، في حدود ما نصّ عليه ديننا الحنيف، حسب فهم الصحابة والتابعين وسلف الأمة الصالح.

النظام القائم بمصر مغتصب للسلطة:

الثالث عشر: إن نظام الحكم في مصر معاد للإسلام والمسلمين ومغتصب للسلطة، ساقط شرعا؛ نظام نخر السوس في بنيته، نظام أصابه سرطان الظلم والخيانة إذ لا يجدي معه إصلاح، بل يجب تغييره وبتره وإزالته لتنهض الأمة، ويحيا أهل مصر بسلام وأمان وعزة وكرامة.

الرابع عشر: المؤسسات القائمة في الدولة اليوم، ونخص منها الجيش والمؤسسات الأمنية والقضاء والإعلام؛ أدوات نظام الحكم الغاصب المارق، والحربة التي يرهب بها المسلمين؛ ومن ثم؛ لزام هدمها وإعادة بنائها على أساس قويم.

الخامس عشر: إن دعاوى إصلاح نظام مصر المعادي لدين الإسلام وأهله عبارة عن ترقيع ثوب خَلِق فاسد، وستر لعورته الهمجية، بغية الإطالة في بقائه جاثماً على أنفاس أمتنا. (إِنَّ اللَّهَ لا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ).

القصاص في النفس والأطراف

السادس عشر: القصاص في النفس حق لأولياء الدم وحدهم، والقصاص في الأطراف وسائر الجسد للمجني عليهم وحدهم؛ وليس من حق الحاكم التنازل عن حقهم. (وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) البقرة آية 179. 

تحرير الأسرى

السابع عشر: تحرير الأسرى واجب شرعي كما في الحديث الشريف الصحيح: “فكوا العاني يعني الأسير”. ومن ثم؛ فإن الحرية لكافة المعتقلين.

حقوق المرأة:

الثامن عشر: كلّ ما يتعلق بحقوق المرأة مكفول مضمون بكفالة الله له في الشرع الحنيف.

حقوق غير المسلمين:

التاسع عشر: فيما يتعلق بغير المسلمين، فإن لهم حقوقا وذمة في أعناق المسلمين؛ ما احترموا دين الإسلام ورضوا به حاكما في البلاد. ثم إن لهم كنائسهم يمارسون فيها شعائرهم وطقوسهم ما أرادوا دون عدوان، وأن يقيموا بينهم أحكام دينهم ما شاءوا في أحوالهم الشخصية.

وسيلتنا في تحقيق هدفنا:

العشرون: الطريق إلى تحقيق ذلك، كما علمنا ديننا الحنيف، هو الالتزام بما جاء بالكتاب والسنة من نصوص متعلقة بكيفية تغيير المنكر بالضوابط الشرعية التي ذكرها فقهاء المسلمين من السلف والخلف كما هو مسطور في مظانه.

الحادي والعشرون: الدعوة لتقويم الثورة وتصحيح مسارها ليكون الإسلام معتقدها وهويتها ومنطلقها ومظلتها في مواجهة عسكر ظلوم غشوم خائن جاثم على صدر أمتنا. 

الثاني والعشرون: نشر الوعي عن المبادئ التي ذكرناها في الوثيقة، والتركيز على جرائم العسكر، وحربهم الضروس على الإسلام وأهله؛ عبر كافة المنابر الدعوية والإعلامية ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها.

الثالث والعشرون: الإعلان عن هذه الوثيقة قد لايرضي البعض؛ فلا ننشغل بضجيجهم  وشغبهم، لابد من  تمييز الصفوف، وتطهيرها من الدخلاء (لِّيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَن بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَن بَيِّنَةٍ) الأنفال آية 42.

الرابع والعشرون: عدم الاغترار بالكم المؤالف أو المخالف، فإن الأمر معلقٌ بالصدق والإخلاص لا بالعدد والأسماء (إن تنصروا الله ينصركم) (وكم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله).

الخامس والعشرون: أن يكون الحكم بيننا وبين من يشغب على هذه الوثيقة أو يسعى لتفسيرها على غير مرادها، هو قول الله تعالى (فإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَٰلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا)النساء آية 59 فالرد إلى الكتاب والسنة هو القول الفصل الوحيد عبر من اتفق الناس على قبول علمهم وفقههم.

السادس والعشرون: ندعو ـ نحن الموقعين على الوثيقة ـ شعبنا المسلم بمصر إلى الفلاح الحقيقي وهو الاستمساك بالإسلام وحده وأن نعتصم وإياهم بحبل الله لا بحبال الناس (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا) آل عمران آية 103, فالاعتصام بالله وبدينه الذي اختاره لنا هو طريق الهدى والصلاح والفلاح في الدنيا والآخرة (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ) آل عمران آية 101.

السابع والعشرون: إن الموقعين على هذه الوثيقة يرحبون بكل من هم على نفس الطريق، ونسعد بموافقتهم، وانضماهم معنا في نشر، وشرح المبادئ التي ذكرناها بالوثيقة.

والله على ما نقول شهيد.

كتبها وشارك في صياعتها

الدكتور طارق عبد الحليم … والدكتور هاني السباعي

2 جمادى الأولى 1437هـ ـ 10 فبراير 2016

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى