مقالات

خصائص الدولة

د. محمود سليمان

أكاديمي سوري، دكتوراة في القانون الدستوري.
عرض مقالات الكاتب

من المعروف أنه لقيام الدولة لابد من توافر ثلاثة أركان ،الشعب والاقليم والسلطة السياسية، وتبعًا لذلك تكون الدولة مجموعة من الأفراد يقطنون أرضًا معينة على وجه الدوام والاستقرار ،ويخضعون للسلطة السياسية المنظمة ،وبتحقق تلك الأركان الثلاثة يتحقق الوجود القانوني وتثبت لها الشخصية القانونية.

على هذا النحو تجمل خصائص الدولة في أمرين : السيادة ،والشخصية القانونية ، ونوضح هاتين الخاصتين ببعض الإيجاز:

  • الخاصية الأولى :بما أن وجود السلطة السياسية يعتبر ركيزة من ركائز قيام الدولة ،ومن مميزاتها هو إتصافها بالسيادة لابد من عدم الخلط بناحيتين :
  • الأولى: عدم الخلط بين السلطة السياسية وممارستها،فالسلطة السياسية أساسها الدولة وهي مجردة عن أشخاص الممارسين لها وليس لهم حق ذاتي أو أساسي في هذه السلطة وهي دائمة وليست عرضية.ا
  • الثانية: عدم الخلط بين السيادة والسلطة السياسية في الدولة ،لأن السيادة صفة من صفات السلطة السياسية،وهذه السلطة تكون عليا فلاتوجد سلطة أعلى منها أو موازية لها،فهي تسمو فوق الجميع وتفرض ذاتها،وهي سلطة أصيلة لا تستمد أصلها من سلطة أخرى وغير قابلة للتجزئة،بمنعى تعدد السلطات الحاكمة في الدولة لاتقوم بتقاسم السلطة وإنما بتقاسم الاختصاصات ،وهي سلطة أمرة عليا تفرض إرادتها على الجميع سواء من خلال القوانيين أو القرارات، ولهذه السلطة مظهران أولهما خارجي ،فنكون إزاء سيادة خارجية والثاني داخلي ،فنكون إزاء سيادة داخلية، والمؤكد أن الدولة هي صاحبة السلطة السياسية العليا والآمر بالدولة وهي مجردة ومستقلة في بقائها عن الأشخاص الممارسين لها (طبقة الحكام بالدولة ) فهم أداة في يد الدولة تمارس عن طريقهم مظاهر سلطتها.وهناك نظريتان في الفقه حول إسناد السلطة السياسية ،نظرية سيادة الأمة ونظرية سيادة الشعب وذلك يعود إلى اعتناق أيهما بظروف وتاريخ كل دولة من الناحية السياسية والاجتماعية والواقعية،وإن كانت نظرية سيادة الشعب هي التي أخذتها غالبية الدساتير المعاصرة نظرًا لاتفاقها والمبادئ الديمقراطية.
  • الخاصية الثانية : للدولة شخصيتها القانونية ،ويكاد الاتفاق قائمًا بين جمهور الفقهاء على الاعتراف للدولة بالشخصية القانونية وتسمى بالشخصية المعنوية تمييزًا لها عن الشخصية القانونية الطبيعية للأفراد،ويترتب على ثبوت الشخصية القانونية للدولة أن تكون أهلاً لاكتساب الحقوق وتحمل الالتزامات باعتبارها وحدة متمايزة ومستقلة عن مجموع الأفراد المكونين لها وعن الأشخاص الذين يزاولون مهام السلطة فيها،وهي كائن مستقل يتسم بالاستقرار والدوام ،ولذلك فإن الشخصية المعنوية للدولة لا تتأثر بتغير الأفراد المكونين للدولة ولا بالأشخاص الذين يزاولون مهام السلطة. يختلف الحال في الأنظمة الاستبدادية، حين يبتلع النظام الدولة ثم يبتلع الدكتاتور النظام كما هو حال نظام بشار أسد حيث ترتبط الدولة وكل سلطاتها سواء كانت تشريعية أو تنفيذية أو قضائية بشخص الدكتاتور، ويتم تكريس تلك الهيمنة من خلال القوانيين والدستور، وذلك عندما تغيب الحرية وإمكانية تعبير الشعب عن رأيه، ويصبح الحاكم دكتاتورًا مستبدًا ،حتى يصل الأمر إلى ربط الدولة ومؤسساتها ومرافقها باسمه وتحت سلطانه!

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى