دين ودنيا

الجمع بين الصلوات في المطر والبرد والثلج والجليد؟

د. أكرم كساب

كاتب ومفكر إسلامي
عرض مقالات الكاتب

خلاصة الفتوى:

من رحمة الإسلام أن شرع للناس التيسير ورفع الحرج، ومن ذلك ما أجازه من جمع الصلوات بسبب ما يعيق حركتهم كمطر أو ريح أو برد أو ثلج، وما يكون من خوف على مال أو ولد أو نفس، ولهذا أجاز جمهور الفقهاء الجمع بسبب الثلج، وهذا إنما يكون لمن أتى المسجد وسيخرج منه، أما من نوى البقاء في المسجد كمعتكف فلا يجوز له الجمع، وكذلك المقيم في بيته أو في عمله لا يجوز له الجمع. • تفصيل الفتوى:الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله،،، ثم أما بعد..فمن المعروف أن شريعة الإسلام قائمة على اليسر ورفع الحرج عن الناس، وقد قال ربنا جعل وعلا: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقال: {هُوَ اجْتَبَاكُمْ وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج: 78]، وقد كان من دعاء أهل الإيمان: {رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ} [البقرة: 286]، ومبدأ التيسير أساس في كل العبادات، ومنها الصلاة، ولهذا شرع الله الجمع بين الصلوات لأسباب عدة، منها: المطر والطين والوحل الشديدين، والبرد والثلج، والخوف والمرض، والسفر.

• الجمع بسبب بسبب المطر والبرد والريح:وقد أجاز غير الأحناف الجمع بسبب المطر والبرد والريح وغير ذلك، وقد جعل بعضهم الجمع في الصلوات الجهرية دون السرية، يقول ابن قدامة: ويجوز الجمع لأجل المطر بين المغرب والعشاء. ويروى ذلك عن ابن عمر، وفعله أبان بن عثمان في أهل المدينة. وهو قول الفقهاء السبعة، ومالك، والأوزاعي، والشافعي، وإسحاق، وروي عن مروان، وعمر بن عبد العزيز.. وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن. قال: إن من السنة إذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء…. ((المغني لابن قدامة (2/ 202)).وأجاز الشافعية الجمع بين الظهر والعصر، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى..

• الجمع بسبب ما يعيق الحركة:ويلحق بالمطر ما نتج عنه من وحل يعيق الحركة والمشي، أو يلحق الضرر بالإنسان، إصابة لثيابه، أو يعرضه للوقوع على الأرض…

• الجمع بسبب البرد والريح الشديد:أما البرد والريح الشديد فالراجح أنه يجوز الجمع لهما، فقد روى ابن ماجه عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُنَادِي مُنَادِيهِ فِي اللَّيْلَةِ الْمَطِيرَةِ، أَوِ اللَّيْلَةِ الْبَارِدَةِ ذَاتِ الرِّيحِ «صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ»، قال ابن قدامة: فأما الريح الشديدة، في الليلة المظلمة الباردة، ففيها وجهان: أحدهما، يبيح الجمع. قال الآمدي: وهو أصح. وهو قول عمر بن عبد العزيز؛ لأن ذلك عذر في الجمعة والجماعة… ((المغني لابن قدامة (2/ 203)). وأرى أنه لا بأس من الجمع مع البرد الشديد وكذلك الريح الشديدة؛ ما كان البرد شديدا والريح قوية، وضابط ذلك: أن تكون الريح أو البرد خارجا عن المعتاد، وما تحصل به المشقة للناس…

• الجمع بسبب الثلج:ومثل المطر الثلج، لأن الثلج في معنى المطر، وهو قول جمهور الفقهاء (مالك والشافعي وأحمد)، أما المالكية فقد جاء في (الفواكه الدواني): (والجمع ليلة المطر) الكثير ولو المتوقع الذي يحمل الناس على تغطية الرأس، أو الطين الذي يمنع المشي بالمداس مع الظلمة، ومثله الثلج والبرد… (الفواكه الدواني على رسالة ابن أبي زيد القيرواني (2/ 269).وهو كذلك قول عند الشافعية، قال النووي: وسواء قوي المطر وضعيفه إذا بل الثوب قال: أصحابنا والثلج والبرد إن كانا يذوبان ويبلان الثوب جاز الجمع وإلا فلا هكذا قطع به الجمهور في الطريقتين وهو الصواب وحكى صاحب التتمة وجها أنه يجوز الجمع بالثلج وإن لم يذب ولم يبل الثياب… (المجموع شرح المهذب (4/ 381).وأما الحنابلة فقد قال المرداوي: (والمطر الذي يبل الثياب). ومثله: الثلج والبرد والجليد. واعلم أن الصحيح من المذهب: جواز الجمع لذلك من حيث الجملة بشرطه، نص عليه، وعليه الأصحاب… (الإنصاف في معرفة الراجح من الخلاف للمرداوي (2/ 337).

. وأخيرًا فكل ما حصلت به المشقة جاز معه الجمع، سواء كان مطرا أو بردا أو ثلجا أو جليدا أو ريحا شديدة أو وحلا أو طينا أو خوفا على نفس أو ولد أو مال…. والله تعالى أعلم…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى