مقالات

الدولة تعريفها، وظائفها أنواعها ،وشكل الدولة في عالمنا المعاصر

د. ياسين الحمد

أكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

ما أعرضه أراه موضوعًا مهمًا للحوار، والنقاش ، وهو مفهوم الدولة وتعريفها ، و أنواعها، وحدود دورها في الحياة  الاقتصادية، والاجتماعية، لاسيما بعد أن كثر الحديث عن شكل الدولة ونظامها في الثورة السورية …
  طبعًا الموضوع  مركب ومعقد، و حاولت قدر الإمكان  الاختصار وتوصيل الفكرة.
●تعريف الدولة ” هي هيئة اعتبارية  يتم تكليفها  من قبل الشعب، أو ممثليه  المنتخبين للقيام بالخدمات العامة  التي لا يستطيع الأفراد القيام بها بأنفسهم ، مقابل تقديم للدولة  الإيرادات لإنفاقها من أجل القيام  بهذه الخدمات  التي يحدد حجمها وحدودها من قبل ممثلي الشعب، وذلك  بتقديم  ثروات الوطن، والضرائب والرسوم  وأنواع أخرى من الإيرادات للقيام بوظائفها التي كلفت فيها  في الدستور ومن قبل ممثلي الشعب “. 
وظائف الدولة  .
●تنحصر وظائف الدولة بقيامها بالخدمات العامة التالية :
1-  حماية  حدود الوطن من أي اعتداء خارجي ، وذلك بتشكيل جيش وطني ، وتحديد حجمه  ، وتحديد ميزانيته  للقيام بهذه المهمة ( رواتب . تسليح ، …الخ )
2-  حماية والحفاظ على حياة  الأفراد، وأملاكهم  في المجتمع، وتشكيل  قوات الأمن الداخلي الشرطة ،وتأمين كافة الإيرادات قيامها بوظيفتها.
3‐ النظام القضائي  لحل المنازعات  سواء بين الأفراد ، أو بين الأفراد، والدولة  وفق القوانين التي أقرها،   وصادق عليها ممثلو الشعب ، وتأمين كافة احتياجاته للقيام  بوظيفته   كجهاز قضائي .
4- القيام ببناء البنية التحتية  للبلاد ، وخاصة  المشاريع الضخمة العامة ذات التكاليف الكبيرة ، والتي من الصعوبة  أن  يقدم   القطاع الخاص، أو المشترك ، أو الخارجي  للاستثمار فيها .  الطرق الاستراتيجية ، الجسور، المطارات المدنية . طرق الري …الخ 
5‐ دورها في الحياة الاقتصادية  ،ودرجة تدخلها ،  كثير من الدول، وخاصة  الدول الاشتراكية، والدول التي سارت في فلكها ،  كان دور الدولة كبير في  أكثرية هذه الدول ،  وانتهج  التخطيط  المركزي لإقامة التناسب بين القطاعات الاقتصادية .  
بالنسبة لسورية   اتخذت نهج على أساس القطاع العام هو القطاع الرائد  ويقود  بقية القطاعات للاقتصاد  الوطني  ، والتجربة السورية  نموذج سيء  لهدر الموارد وعدم الاستغلال  الكفء  ، بل أصبح القطاع  عبء على الاقتصاد القومي ، واستغل  بدرجة كبيرة  من  قبل  حلفاء النظام  . 
لذلك  موقفي  يعارض  دور الدولة  سواء في النظام الاشتراكي أو سورية ، وأتفق تمامًا مع  موقف العالم العربي الكبير ابن خلدون في موقفه  المناهض  لانخراط  الدولة بشكل مباشر في النشاط  الاقتصادي  
 كتب في مقدمته ( إن انخراط الدولة في التجارة  سيؤدي إلى تراجع  الدولة ، والأنشطة الاقتصادية ، لأنها ، تعيق المنافسة ، وتربك  آلية السوق  أي العرض،   والطلب،   وتخل بعمله ، وتدخلها  يمنع أصحاب المشاريع  من التداول والاستثمار وتحقيق الأرباح ) وكتب في مكان آخر (الدولة منتج وتاجر فاشل ، وتدخلها يؤدي للخراب والدمار ) 
● أنواع الدولة  .
هناك تصنيفات عدة للدولة ، منها تصنيف من الوجهة السياسية، ومنها تصنيف من الوجهة القانونية… ، و أعتقد أن تصنيف الدولة من وجهة النظر الاقتصادية  أكثر شمولية، وأهمية،   و تعبير وانعكاس للنظام الاقتصادي القائم . تقسم أنواع  الدول عمومًا  إلى مجموعتين رئيسيتين  . وهما :
أ-  الدول المتدخلة  . 
ب- الدولة غير المتدخلة .
أ- الدولة المتدخلة ، 
يقصد بها  الدور الذي تلعبه في الحياة الاقتصادية والاجتماعية ، وتختلف درجات التدخل ، وكان أعلى درجات التدخل . تمثل تجربة  الاتحاد السوفيتي والبلدان الاشتراكية ، حيث قام النظام الاشتراكي  على أن  الدولة هي مالكة لوسائل الإنتاج في المجتمع . تحت ما يسمى الملكية العامة للوسائل ، وكانت آلية عمل النظام يعتمد على التخطيط الشامل لكافة قطاعات النشاط الاقتصادي الوطني،   والحياة الاجتماعية للشعب . الإقامة التناسبات والتطوير المتناسق لكافة قطاعات الاقتصاد . 
طبعًا اختلفت التجارب وفق كل بلد، وخصوصيته  في نموذج الدولة المتدخلة. وأثبت أن النظام الاقتصادي الذي تقوم عليه الدولة المتدخلة  فشلت وسقط . 
ب- الدولة غير المتدخلة 
النظام  كونه تبنى آلية السوق  في نظامه الاقتصادي كانوا رواد الرأسمالية الكلاسيكية  ضد تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية  بالمطلق ، ومازال  التيار اليميني  في النظام الرأسمالي  يعتقد بذلك ، ويعتبر أن آلية السوق كافية  لحل المشاكل التي تعترض سير النظام الاقتصادي ، ومازال اليمين المتطرف المتمثل بالحزب الجمهوري في أمريكا ،وحزب المحافظين في بريطانيا  وبعض دول أوروبا الأخرى. 
لكن تطور الاقتصاد في العصر الحديث،   وتفاقم أزمات النظام الرأسمالي، وفشل آلية السوق  في حل  الأزمات والمشاكل التي تعترض سير النظام ، أظهرت مدارس فكرية  تطالب بضرورة تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية ، وكان العالم كنز من أكبر علماء الليبرالية  مؤيد لتدخل الدولة في الحياة الاقتصادية ، عبر نظريته  للطالب الفعال ، من خلالها قلب الفكر الرأسمالي . وقال عكس فكر  ساي  وقانونه “المنافذ” من مؤسسي الفكر الرأسمالي ، بأن العرض يولد الطلب . كنز أثبت أن الطلب هو الذي يولد العرض ، وعلى الدولة أن تتدخل عن طريق تحريض وتحسن الطلب  وخاصة في حالة الركود الاقتصادي  لتحقيق نمو اقتصادي . واستطاع كنز إنقاذ النظام الرأسمالي  في أزمة 1929 ، وساعد النظام الرأسمالي في معركة ضد النظام الاشتراكي الذي حقق نجاحات واضحة .  وكنز نفسه هو الذي وضع الأسس للنظام الدولي بعد الحرب العالمية الثانية  ، وصندوق النقد الدولي  والبنك الدولي،   ومنظمة التجارة العالمية. ويمثل اتجاه التدخل في الرأسمالية الأمريكية  الحزب الديموقراطي  في أمريكا 
ويلاحظ أيضا في عهد أوباما  التدخلات الواسعة لدور الدولة  أثناء أزمة الرهن العقاري عام 2008 .
●مما  تقدم  نستنتج أن السمة العامة  للاقتصاد العالمي الحديث في كافة  اقتصادياته  أخذت باتجاه  حتمية تدخل الدولة في الحياة الاقتصادية .(لم أقصد القطاع العام الرائد وتجربة البعث والنظام بالتدخل . ونتيجتها الاستبداد وتسخير مقدرات الاقتصاد لصالح النظام )، 
ولكن الخلاف بين مختلف المدارس والتجارب  حاليًا هو حول درجة وحدود تدخلها  في الحياة الاقتصادية ، ويتحدد من خلال طبيعة النظام الاقتصادي الذي سنقوم ببنائه  والذي سنحدد دور الدولة،   و مساحة تدخلها .  والذي يشكل مضمون الدستور الحقيقي ومواده.

الأسئلة المطروحة  للإجابة  عليها : 
●ماهو النظام الاقتصادي المقترح  والذي يستجيب لواقع سوريا، و مواردها، وطاقاتها ، ويتفق مع إرثنا التاريخي، ومعتقداتنا وقيم شعبنا ، ويتفق مع العصر، وأحدث ما أنتجته  شعوب العالم من أفكار وتجارب ؟؟ 
أتمنى لا أحد يستسهل الجواب ويقول بسيطة الليبرالية  هو النظام المطلوب ؟؟؟
وأنا أقول تيار الليبراليين،   هناك  مئات التجارب والنماذج  لليبرالية في تاريخ وتجارب العالم والرأسمالي خاصة  ، هذا جواب لا يفيد ولا يعطي اي شئ ولا قيمة له .
  ما هو شكل الدولة  ودورها  في حياتنا  الاقتصادية، والاجتماعية . 
أنا أذهب مع العالم العربي المسلم ابن خلدون ، بالإضافة إلى وظائفها العامة الرئيسة ، بحيث دورها الاقتصادي والاجتماعي   يقتصر . (مهمة الدولة تحقيق الاستقرار وتشجيع الاستثمار والإنتاج  والتجارة  ،  وتقديم الإعانات  للطبقات  الاجتماعية الأكثر فقرا  ومساعدة  العاطلين  للعمل  والتدريب . …الخ 
دور الدولة  في  هذه الحالة  نسميه الدولة الشرعية،   أو دولة العدالة، أوالدولة الاجتماعية ، أو الدولة  الإنسانية .
  والتسمية  طبعًا مرتبطة باسم ومضمون  النظام الاقتصادي . 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. شكرا للدكتور ياسين الحمد على هذا الموضوع القيّم الذي يمكن ان يبنى عليه من قبل اختصاصيين في مجالات متعددة للدولة .

اترك رداً على محمد خليفة إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى