مقالات

اللامركزية السياسية واللامركزية الإدارية

د. محمود سليمان

أكاديمي سوري، دكتوراة في القانون الدستوري.
عرض مقالات الكاتب

يدور الحديث بشكل دائم عن اللامركزية بشكل عام، وحاجة الدول لها دون التمييز بين اللامركزية الإدارية واللامركزية السياسية !
بادئ ذي بدء ؛علينا التذكير أن اللامركزية السياسية تتعلق بنظام الحكم السياسي في الدول المركبة (الاتحادية الفيدرالية) ،حيث تتوزع السيادة الداخلية بين دولة الاتحاد المركزي والولايات أو الدويلات الأعضاء فيه ،وما يرتبه ذلك على تمتع كل ولاية أو دويلة باستقلال ذاتي في مباشرة السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ،وبهذا توزع الوظيفة السياسية في الدولة بين الدولة الاتحادية ،ودويلات الاتحاد ولذلك لايتصور قيام اللامركزية السياسية في الدول الموحدة البسيطة ،حيث تنتفي ظاهرة ازدواج السلطات العامة، سواء التشريعة أو التنفيذية أو القضائية .
أما اللامركزية الإدارية؛ فيقصد بها توزيع الوظيفة الإدارية بين السلطة المركزية الإدارية وبين هيئات مستقلة إقليمية (كالمحافظات والمدن والقرى)أو مرفقية (كالهيئات والمؤسسات العامة) وتباشر اختصاصاتها تحت إشراف ورقابة السلطة المركزية ،لذلك نظام اللامركزية الادارية لايتعلق بنظام الحكم السياسي وإنما بكيفية مباشرة الوظيفة الإدارية ،لأنه نظام إداري وليس سياسيًا ،ولذلك درج فقه القانون العام العام على دراسة نظام اللامركزية السياسية ضمن موضوعات الأنظمة السياسية والقانون الدستوري ،بينما يتم دراسة اللامركزية الإدارية ضمن موضوعات القانون الإداري.
وكما ذكرنا مرارًا، لسنا بصدد المفاضلة بين شكل الدولة البسيطة الموحدة ،والاتحادية الفيدرالية ،لأن ذلك يعتمد على ظروف وطبيعة ومكونات كل دولة ،وما يهمنا بعد هذا التوضيح التأكيد بأن اللامركزية السياسية والتي هي الفيدرالية للدولة وبظل الظروف الراهنة للدولة السورية فأن طرح اللامركزية السياسية (الفيدرالية ) لها مثالب وسلبيات كبيرة بهذه الفترة بخاصة في مرحلة ثورة قام بها الشعب السوري على نظام فاسد ،ومستبد قتل وهجّر الكثير من سكانها الأصليين ،ولأن اللامركزية السياسية أي الفيدرالية تطرح من قبل مليشات قياداتها من خارج الحدود تلتقي مصالحها مع مصالح نظام بشار أسد الذي يفضّل الفيدرالية عندما يجد نفسه غير قادر على إجهاض ثورة الشعب السوري التي نادت بإسقاطه؛ والقضاء على الفساد والاستبداد، وإقامة دولة مواطنة ومؤسسات لجميع السوريين على مختلف انتمائاتهم السياسية والإثنية والقومية ،والدينية ولأن طرح الفيدرالية أي اللامركزية السياسية تطرح بظروف غير طبيعية من قبل أحزاب انفصالية من ضمن مكون من مكونات الشعب السوري ويشكل أقلية بالمحافظات الثلاثة حيث يتم طرحها (ديرالزور والحسكة والرقة) ويستغل انشغال السوريين بثورتهم وتهجيرهم من خلال سلطة الأمر الواقع ،والاستقواء عليهم بقوى خارجية لن يدوم تواجدها بتلك المناطق، وليس للسوريين على مختلف مكوناتهم إلا التعايش والعيش المشترك على أساس المواطنة الحقة ،وهذه مسؤولية كل العقلاء من جميع السوريين للوصول إلى توافقات تحترم الجميع ،وتكرّس العدالة والمساواة بين جميع المواطنيين ،وليس التعاون والتنسيق مع نظام بشار أسد ونهب ثروات المنطقة ومقايضته على حساب حقوق وعذابات أبناء المنطقة وإمداده بالثروات للإمعان بقتل وتشريد السوريين!

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. دكتوري العزيز . في عام 1994 حدثت ثورة في بعض الولايلات المتحدة ، ضد الديموقراطية التمثيلة الليبرالية . واعتبروا الشكل السائد للديموقاطية هو شكل من اشكل الاستبداد وسلب لارادة الشعب ، لان الاحزاب التي تقوم غلى ادارة النظام تمثل طبقة الاحتكارات الراسمالية وتخدم مصالحها ، واصبح هناك تعبير جديد هو الديموقراطية التشاركية ، وتلقفت اكثر دول اوروبا هذة التجربة واخذت بها . مثل سويسرا ، والسويد والنروج . وحققت اشواط في تجربتها ، بحيث تتنازل السلطات المركزية سواء التشريعية او التنفذية او القضائية قسم من صلاحيتها لمجالس الاقاليم والمحافظات والمدن ، بحيث يتم توسيع ادارة الشعب وممثلية لادارة مواردة وانفاقها . وعملت دراسات في هذا المجال . وكثير من البلدات في طور النمو اخذت بدساتيرها هذا التجارب ومنها تونس في دستورها بعد الثورة . ممكن الاستفادة من هذة التجارب الرائدة لتجاوز عيوب الظيموقراطية التمثيلة . والقضاء على الاستبداد الى الابد من خياة الشعوب . وتجاوز طروحات الغدرالية والحفاظ على وحدت اراضيها . الاهتمام بهذة التجارب وبحثها مفيد للشعب السوري . طبعا اطلعت غلى تجربة سويسرا والسويد والنروج ومشاكلها .

    1. مقال رائع عرفنا منه كيف نفرق بين السياسية والادارية والمقال السابق ايضا في شكل الدول وبالنسبة للاخ المعلق ياريت يتعلم يكتب بشكل صحيح بعدها ينتقد معقولة دكتور يكتب والحفاظ على وحدت أراضيها ؟؟؟؟ يعني ما يفرق بين التاء المربوطة والمفتوحة ؟؟؟ وصارت وحدة وحدت ؟؟؟ شي عجيب فعلا !!!!!

  2. سلمت يداك دكتور محمود سليمان
    نحن الآن في أمس الحاجة إلى التوعية السياسية. لأن الأنظمة العربية سلبت إرادة التفكير لدى شعوبها عن طريق سياسة الجهل والتجهيل. الربيع العربي بث الأمل في الشعوب لتنهض من سبات سجونها المظلمة. حررت نفسها لتفكر وتبحث عن روحها الغيبة. لكن مع الأسف نهضت وما زال قيد الجهل يكبل رجليها.

  3. صح لسانك دكتورنا الغالي .
    نتمى عليك وعل الخيرين الاختصاصيين من حين لاخر ان يتحفونا بمثل هكذا مواضيع لنتعرف على العالم من حولنا على اكثر من صعيد .
    جزاكم الله خيرا وسدد خطاكم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى