مقالات

أفكار ثورية للشباب السوريين المطلوبين للخدمة العسكرية الإجبارية

د. موفق السباعي

كاتب ومحلل سياسي
عرض مقالات الكاتب

من قبيل مشاركة أهلنا في همومهم، وأتراحهم، وأحزانهم، ومشاكلهم! ومتابعة لسلسلة هموم الثورة السورية، وضرورة مواصلة السير فيها إلى النهاية، مهما كلف الأمر من تضحيات، ومتابعة لكيفية تجاوز العقبات، والمعيقات، والتغلب عليها، والتي كتبنا عنها مقالات عديدة، ولا قت أصداءً طيبة، لدى كثير من شعبنا الطيب المقدام. 

نتطرق اليوم، إلى موضوع هام جداً، يؤرق نفوس الشباب، ويقلق بالهم، ألا وهو: إجبارهم من قبل النظام على الخدمة الإلزامية في الجيش، أو دفع ما يسمى (البدل العسكري) وهو مبلغ كبير، قد يصل إلى ثمانية آلاف دولار أمريكي. 

أولا يجب التعريف بهذا القانون الذي قد يجهله بعض السوريين  

(إن قانون الخدمة الإلزامية أو الإجبارية للشباب السوريين، الذين تجاوزت أعمارهم ثمانية عشر عاماً، في الجيش، قديم منذ جلاء الاستعمار الفرنسي عن سورية، حيث صدر مرسوم في آواخر 1947 يحدد بالتفصيل طريقة الخدمة الإجبارية). 

التجنيد بعد الاستقلال: 

(بتاريخ 15 كانون الأول عام 1947 وبعد نيل سورية لاستقلالها، وجلاء الفرنسيين عنها، وقيام وزارة الدفاع الوطنية، وتنظيم الجيش، صدر القانون رقم 356 الخاص بالخدمة الإجبارية (خدمة العلم) كما تبعه القانون رقم 874 المنظم لأعمال مديرية التجنيد العامة وشعبها، وكانت أول قرعة سيقت للخدمة الإلزامية، هي مواليد 1929 وكان تعدادها (45029 ) مكلفا سيق منهم (20911 ) للخدمة، والباقون لم يساقوا، لأسباب مختلفة، منها التأجيل الدراسي، والإداري، والموانع الصحية، والإعالة، ودفع البدل من الحالات التي لا يسمح بها القانون). 

(وجرت تعديلات كثيرة، على هذا القانون خلال العهود السابقة، ومرت ظروف قاسية على المجندين، في خلال حكم العائلة الأسدية! وخاصة بعد حرب تشرين الأول 1973 حيث أنه، بحجة وذريعة استمرار الحرب مع الكيان الصهيوني، كان المجندون يبقون في الجيش أطول من الفترة القانونية، فكان بعضهم يبقى ثلاث سنوات أو أكثر)! 

(ومن هذه التعديلات، صدور المرسوم التشريعي رقم 115 تاريخ 5/10/1953 وتعديلاته، المتضمن قانون خدمة العلم، وكذلك المرسوم التشريعي رقم 30 لعام 2007 المتضمن قانون خدمة العلم) التجنيد بعد الاستقلال. 

ومن الجدير بالذكر، أن قانون التجنيد العسكري الإجباري، موجود لدى دول كثيرة في العالم، لكن تطبيقه في سورية يختلف كل الاختلاف عن تطبيقه في تلك الدول! وخاصة بعد سيطرة عائلة الأسد على الحكم فعلياً منذ 1970 حيث يتصف، بإهانة المجندين بشكل مقصود، وإذلالهم، ولا يُستثنى من ذلك، حتى أساتذة الجامعات! فالكل مهان، وذليل، ويُعامل بغلظة، وبطريقة وحشية قاسية، وفيها نوع من التفريق الطائفي والديني!  

وبما أن معظم قادة الجيش، من أعلى رتبة إلى أدناها، من الطائفة النصيرية، الحاقدة جداً جداً على الإسلام، وعلى المسلمين، ويسبون الله عز وجل ورسوله ودينه، علانية وجهاراً، طوال اليوم، وفي كل حديث مهما كان قصيراً ولو لبضع ثوانٍ، بقصد إغاظة المسلمين، وتحقيرهم! 

وتزداد نوعية الشتائم والسباب بشكل أكثر، مع المجندين الملتزمين بالدين، كما تزداد قسوة المعاملة وشدتها معهم أكثر، بشكل متعمد! 

 لذلك تكون فترة الخدمة العسكرية في سورية، فترة شقاء وبلاء كبيرين، وفترة عذاب نفسي، وجسدي، وفكري، وعقلي! عدا عن تضييع سنوات من عمر الشباب بدون فائدة! 

وحينما يتم تسريح المجند، حتى ولو كان في الموعد القانوني المحدد، يكون يوم ميلاد جديد له، إلى حد كبير، مع بقاء شيء من التنغيص عليه، بسبب أنه يبقى تحت الطلب للاحتياط ، فكانوا في عهد الأسد الكبير، يتم استدعاءهم كل سنة أو أكثر، لشهر يقل أو يزيد، حسب الظروف السياسية. 

ومن خلال هذه الصورة السوداوية القاتمة، المظلمة، للخدمة الإلزامية، والبغيضة إلى قلوب السوريين كلهم، يدرك كل واحد، مدى الهم والحزن، والأرق والقلق، الذي يصيب الشباب السوري بأجمعه!  

لذلك سنعرض في مقالنا هذا، إلى طرق إبداعية، ثورية، صدامية مع الطاغوت الأسدي، تحطم هذا القانون المستبد، وتحطم منفذيه، وتجعلهم هم المؤرقين والقلقين من تطبيقه، وتجبرهم في النهاية على التخلي عنه، وإلغاءه، خاصة في هذه المرحلة الثورية.  

الطريقة الأولى تخص الشباب الذين يملكون البدل العسكري كاملاً أو جزءاً منه  

يجب على هؤلاء الشباب، قبل تحديد تاريخ موعد طلبهم للخدمة العسكرية، التواصل مع بعضهم البعض في كل منطقة بشكل سري، والاتفاق مع بعضهم، على تحديد أموال البدل العسكري التي يملكونها، وتقدير عدد ونوع الأسلحة التي يستطيعون شراءها! 

ومن ثم تشكيل خلايا صغيرة سرية، لا يتجاوز عددها عن ثلاثة شباب، والاتفاق مع عسكريين أكبر منهم، للتدرب على استخدام الأسلحة، التي تم شراؤها. 

والمرحلة الثالثة الانتقال إلى العيش في الكهوف، والمغارات، وبين شعاب الجبال، وبين الأدغال، ورسم خطط متجددة ومتبدلة، لمهاجمة عناصر النظام الأسدي في كل مكان، والاقتداء بنفس الطريقة، ونفس الأسلوب، الذي اتبعه أبو بصير بعد صلح الحديبية، حيث جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم مسلماً، لكن بعد توقيع اتفاقية مع مشركي قريش، بأن أي شخص يأتي من طرفهم إلى طرف المسلمين يردونه إلى قريش، بينما إذا جاء شخص من المسلمين إلى طرف المشركين يبقونه عندهم! 

وتبدو هذه الاتفاقية من حيث الظاهر، أن فيها جوراً وإجحافاً بحق المسلمين، ولذلك اعترض عليها عمر ومعظم الصحابة، إلا أنه كان فيها الفتح المبين، فجاء بعد توقيع الاتفاقية مع سهيل بن عمرو من طرف قريش، ابنه أبو جندل مسلماً، فرده مع أبيه إلى المشركين، ولما اعترض أبو جندل على رده! قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اصبر واحتسب، سيجعل الله لك ولإخوانك فرجاً ومخرجاً). البداية والنهاية 4/389  

ونفس الشيء – كما ذكرنا آنفاً – حدث مع أبي بصير، فأرسلت قريش رجلين ليأتيا به، إلا أن جرأته وشجاعته، مكنته من الاحتيال عليهما، فأخذ سيف أحدهما، فقتله! وولى الآخر هارباً! 

وجاء إلى المدينة، وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم بما حدث له، ولما عرف أنه سيرده إليهم، أتى سيف البحر، ثم لحقه أبو جندل وآخرون من المسلمين المستضعفين، وكونوا عصابة عسكرية ثورية قتالية، بدأت تهاجم قوافل المشركين، وتوقع بهم خسائر فادحة في الأرواح والأموال، مما دفع كفار قريش، تناشده الله والرحم، وتطلب من الرسول صلى الله عليه وسلم، تعديل الاتفاقية مكرهين مجبرين، واستقبال أي شخص يأتي المسلمين من قبلهم، دون إرجاعه إلى قريش، وذلك للتخلص من هذا القلق، والأرق، والهم الذي أصابهم، وعطل عليهم مصالحهم التجارية. وهذا أول حرب عصابات في التاريخ !!! 

ونزل قوله تعالى ﴿وَهُوَ ٱلَّذِی كَفَّ أَیۡدِیَهُمۡ عَنكُمۡ وَأَیۡدِیَكُمۡ عَنۡهُم بِبَطۡنِ مَكَّةَ مِنۢ بَعۡدِ أَنۡ أَظۡفَرَكُمۡ عَلَیۡهِمۡۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعۡمَلُونَ بَصِیرًا﴾ الفتح 24. 

وهكذا، بنفس الأسلوب، يستطيع الشباب السوري، بدلاً من أن يدفعوا إلى جيش الأسد، الأموال الطائلة باسم البدل العسكري، ليخدموه ويزيدوه قوة إلى قوته، فليلجؤوا إلى الطريقة المذكورة آنفاً، ليروعوا عناصر الجيش الأسدي ويذيقوهم مر العذاب، ويسفكوا دماءهم، ويجعلوهم يعيشون على أعصابهم، يترقبون القتل في كل لحظة، وحينها سيستغيثون، ويناشدونهم إيقاف عملياتهم، وإلغاء الخدمة العسكرية!   

الطريقة الثانية تخص الشباب الذين لا يملكون البدل العسكري  

فهؤلاء الشباب الفقراء المعدمون، لديهم طريقتان، إما الانضمام إلى الطائفة الأولى، إذا وجدوا أنهم يستطيعون خدمتهم، ومساعدتهم بغير المال! أو أن يلتحقوا بالخدمة العسكرية، على أن يضعوا خطة عسكرية استشهادية، من قبل الالتحاق بالجيش الأسدي! 

وتنبني هذه الخطة، على أن كل شاب يجب عليه أن يقتل رئيسه المباشر، أيا كانت رتبته العسكرية، أو يقتل رفاقه الموالين للأسد في كتيبته، بحيث يتحين الفرصة المناسبة، بالصبر والحلم، والأناة، وطول البال، لتنفيذها بدقة بالغة، مع احراز النجاح الكامل.  

وهذه الطريقة قديمة أيضاً، ويشهد التاريخ حوادث كثيرة، على قيام الحارس الشخصي للقائد أحياناً بقتله، غيلة وهو نائم، كما حدث مع القائد زنكي، الذي قتله حارسه الروماني، الذي كان يُظهر الإسلام، ويُبطن الكفر! 

وكما تم قبله قتل أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، على يد المجوسي الخبيث أبي لؤلؤة، الذي كان يتردد على عمر، ويشكو له حاله وفقره، وقلة أجره، وكان ماهراً في صناعة الخناجر، وقد طلب منه عمر صنع خنجر له، فوعده أبو لؤلؤة الملعون بأن يصنع له خنجراً متميزاً، وفريداً من نوعه له رأسان! فصنع هذا الخبيث ذلك الخنجر، ليقتل به عمر رضي الله عنه في المسجد أثناء صلاة الفجر.   

مع التنبيه والتأكيد، على أنه يجب أن يتحلى الشباب في هذه الطريقة، بالمهارة والحذاقة، واتباع أساليب الخداع، والتمويه، والتظاهر بالولاء الكامل لقادة الجيش الأسدي، والتكتم، وعدم البوح بأسرارهم حتى إلى أقرب المقربين منهم، وبحيث يحوذوا على ثقتهم، ويتمكنوا من الوصول إلى الضابط الذي يحمل أعلى رتبة في الجيش، ثم الانفراد به، والقضاء عليه.  

مع التذكير، بأنه قد تفشل بعض العمليات، ويُقتل هذا المجند الشهم، قبل تنفيذ مهمته، ولكن لا يضره شيئاً، فإن يُقتل، يكون شهيداً، ويذهب إلى جنة عرضها كعرض السماوات والأرض.  

وإذا فكر الشباب ملياً، فقد يكتشفون طرقاً أخرى، أجدى وأنفع من هاتين الطريقتين، أو إضافة إليهما، فلا بأس بتنفيذها، واعتمادها. 

المهم، ألا يكون الشباب، وقوداً للجيش الأسدي، يستخدمهم لتسعير الحرب ضد أهلهم، وإخوانهم، وأن يضعوا دائماً أمام أعينهم، هذا الشعار الذي قاله الشاعر المتنبي يوماً ما:  

عِشْ عزيزاً أوْ مُتْ وَأنتَ كَرِيمٌ    بَينَ طَعْنِ القَنَا وَخَفْقِ البُنُودِ 

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. أما الحديث عن حرب العصابات التي تعود بواكيرها الأولى الى الصحابي أبو جندل رضي الله عنه، فأمر جدير بالبحث والنقاش…ولطالما تفكرت لم لم تتبع الفصائل الثورية، في الغوطة وحوران والقلمون وحلب، أسلوب حرب العصابات وهي كانت قادرة على إنهاك عصابة النظام…فلا طاقة للنظام ولا لحلفائه من عصابات ايران وروسيا مقاومة حرب استنزاف تشن باقتدار… ثم خلصت إلى الجواب، وقد أكون مخطئا فيه، أن حرب العصابات هي، في الأخير، اسلوب يخدم استراتيجية ثورة شاملة، وفي غياب هذه الاستراتيجية فالأسلوب معناه تضحيات عبثية عقيمة…أو هذا ما أخشاه؟ وقد حدثني بالأسم أحدهم كيف أنه بعد وصولهم إلى ساحة العباسيين و أوشكوا على الوصول الى ساحة المرجة جاءتهم التعليمات بالانسحاب…حينها أدرك أن الأمر لعبة بلعبة فرمى بالسلاح والتزم داره. أما ابن عمه الذي قرر اعتزال القتال بعد إدراكه خيانة القادة فكان مصيره الاعدام على يد الفصيل الجهادي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى