مقالات

مواطنون بلا وطن!

مصعب الشريف

ناشط سوري
عرض مقالات الكاتب

في السنوات التي سبقت الثورة، كنّا مواطنين مسالمين منزوعي الكرامة راضين – للأسف- بلقمة العيش، المغمَّسة بالذل والهوان، منتظرين الفرج من عند الله، بسبب حكم القطب الواحد المسلّط على رقاب الشعب! فغّيب الأكثرية السنية ولجأ للأقليات وأراذل الأكثرية ،وشكّل تحالفات بقيادة الطائفة العلوية التي نسب رأس النظام نفسه زورًا إليها.
لم يتخيل أحد ولو في الحلم أن هذا الحال سوف يتغير ،وأن الشعب سيخرج عن صمته، لأنهم منعوا عنا حتى الحلم ! والأفرع الأمنية لها قصص مع من حلموا بأنهم يتناولون طرفًا من أطراف حريتهم ،وأنا منهم !

ففي بداية فترة الاعتقال بسبب خروجنا على جلادينا ،وقد أوسعونا ضربًا بآلاتهم المخصصة للتعذيب وكأننا خرجنا على خالقنا -استغفر الله وحاشا لله أن نفعل – معترضين على خلقه وحكمه وقضائه! قالوا لنا : بدكم حرية ، تعالوا لنذيقكم طعم الحرية ، فصبّ الجلاوزة علينا العذاب صبًّا..
لم يكن بشار ولا طائفته ولا من معه يخال يومًا أن يتحرك الشعب ، وينادي بإسقاط النظام ، حتى سخّر الله أطفالاً يافعين لانطلاق شرارة هذه الثورة العظيمة ، لكننا لم نكن نحسب أن يتآمر عليها كل شذاذ الأرض من مشرقها إلى مغربها، وكل الغاية؛ لإبقائنا تحت سطوة الحذاء العسكري ، وحكم طائفي عميل ، لم يجدوا بديلًا عنه ، ولهذا كان علينا أن نحتمل القتل والتشريد كما خططوا لنا في الخفاء والعلن!
كنّا نشعر دائمًا بأننا مواطنون بلا وطن…
وكأن هذه الأرض التي خلقنا الله عليها وترعرعنا فيها، ليس لنا منها نصيب أو حتى شبر أرض نسكن فيه أو يكون لنا قبر… وكأنها ماكانت يومًا لآبائنا وأجدادنا، وإنما ملك لأناس آخرين خلقوا أسيادًا ونحن خلقنا عبيدًا ..
ضحكوا علينا بلقمة العيش فاستعبدونا وسرقونا وسرقوا خيرات الوطن ظنًا منهم أن هذا الحال سوف يدوم إلى الأبد، ونسيوا أنّ دوام الحال من المحال، حتي خرج الشباب الطاهر الذي لم يطق أن يبقى في ظل هذا الاستعمار الداخلي المنصب علينا من قبل المستعمر الخارجي فترة أطول من التي مرّت رغم قسوتها، فخرج عن صمته، وتجمّع وتجمهر في كل ساحات سوريا دون ترتيب أو موعد ،وهتف في آن واحد وبصوت واحد ،وفي وقت واحد بإسقاط النظام الذي يحكمنا بالحديد والنار، الذي هو أصلاً ساقط دينيًا وأخلاقيًا وحتى إنسانيًا، فأعجب العالم كله بشجاعة الثوّار الأحرار إلّا من لهم مصلحة في بقاء هذه العصابة الحاقدة على العرب والمسلمين.
الكل مجتمع تحت هدف واحد !
وهو الحرية والكرامة وإعادة الوطن لأهله.
هتف الشباب ، “سلمية سلمية” فسالت دماء ، وأزهقت أرواح … لأول مرّة نشعر بالوطن وحبّ الوطن ، فكانت تضحيات الشباب تترى وهي تتلمس طريق الحرية ..

لم يتوقف القتل ، والاعتقال والتصفية والاعتداء على الأعراض ، وشتم الذات الإلهية وارتكاب المجازر الجماعية ، حتى اضطر الشباب على حمل السلاح وحماية المضاهرات من بطش العصابة البهرزية
فماذا حدث بعد ذلك؟
لقد حرر الشباب ثمانين بالمائة من الأراضي السورية، فتداعى العالم أجمع لحماية البهرزي من السقوط ، وصبّوا المال صبًّا لتصنيع فصائل متناحرة ومنعوا عن أهل الثورة السلاح النوعي ليصول ويجول طيران العصابة قصقًا بالمدنيين ويسقط البراميل المتفجّرة على الآمنين ، بل استخدم النظام الطائفي السلاح الكيماوي وكل هذا ولم يستطع أن ينهي ثورة الشعب السوري ..حتى أدخلوا صنيعتهم داعش لتفتك بالثورة والثوّار لصالح عصابات البهرزي، ومن ثم تدخل المجتمع الدولي للقضاء على الثورة بحجة داعش! فأحرقوا الشجر وأفنوا البشر ودمروا الحجر، وكل هذا نصرةً لصبيهم المدلل فتى الماسونية والصهيونية بشارالبهرزي
ومازال ما يسمى بالمجتمع الدولي غير قانع بنهاية البهرزي ، فلم تنته سورية بعد ، ولم يكف هذا العالم المتلفّح كذبًا بالديمقراطية وحقوق الإنسان عشرة ملايين مهجّر ومليون شهيد ومليون مفقود ، وتغيير ديمغرافي ومذهبي بإشراف عصابات الولي الفقيه …!

كل هذا ومازال المجتمع الدولي متمسكًا بهذا الصبي المعتوه، ويبحث عن سبيل لإعادة تدويره كما تُدوَّر النفايات في بلاد الغرب تحت مسمى الانتخابات ، ونحن نقول كما قال أطفالنا في المخيمات :

نريد إعدام الأسد لا انتخابه ..

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى