ثقافة وأدب

في الذكرى الثالثة بعد المئة لوفاة السلطان عبد الحميد الثاني، بعضًا مما قيل في سجاياه نثرًا وشعرًا

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

أهرق الكثير من الحبر في الوقوف عند شخصية الخليفة العثماني عبد الحميد الثاني، نقداً وجرحاً، وثناءً، ومدحاً.

لم يكن انشطار المؤرخين، والمثقفين بين المدح، والإعجاب، والذم ،والقدح بالرجل جاء من فراغ، وإنما قد جاء غالباً عن هوى وعن خلفية أيديولوجية، إلا من اتخذ الموضوعية منهجاً في تقييمه وحكمه على الأشياء.

اليوم تمر الذكرى الثالثة بعد المئة الأولى لرحيل الخليفة العثماني عبد الحميد الثاني، وبهذه المناسبة أود الاقتصار بحديثي عن تلك الشخصية من خلال طائفة من الأقوال النثرية والشعرية التي قيلت فيه:  

آرنولد توينبي:

” إن السلطان عبد الحميد كان يهدف من سياسته الإسلامية، تجميع مسلمي العالم تحت راية واحدة، وهذا لا يعني إلا هجمة مضادة، يقوم بها المسلمون ضد هجمة العالم الغربي التي استهدفت عالم المسلمين”.

الكاتب التركي آت صز:

( عبد الحميد الثاني، واحد من أعظم الشخصيات المفترى عليها في التاريخ ).

الأستاذ الجامعي والكاتب سعيد الأفغاني:

“رحم الله عبد الحميد، لم يكن في مستواه وزراء، ولا أعوان ولا شعب، لقد سبق زمنه، وكان في كفايته ودرايته، وسياسته وبعد نظره، بحيث استطاع، وحده بدهائه، وتصرفه مع الدول، تأجيل انقراض الدولة ثلث قرن من الزمان، و لو وجد الأعوان الأكفاء، والأمة التي تفهم عنه لترك للدولة بناء من الطراز الأول “

الدكتور رضا توفيق:

“أيها السلطان العظيم، لقد افترينا عليك دون حياء”.

وتقول عنه ابنته عائشة: “كان والدي يؤدي الصلوات الخمس في أوقاتها، ويقرأ القرآن الكريم، وكان كثير الارتياد للجوامع، لا سيما في شهر رمضان”.

البروفيسور ورئيس جامعة بودابست اليهودي (أرمينيوس وامبري): “إرادة حديدية، عقل سليم.. شخصية وخُلُق وأدب رفيع جداً، يعكس التربية العثمانية الأصيلة، هذا هو السلطان عبد الحميد.. والسلطان متواضع ورزين إلى درجة حيّرتني شخصياً، وهو لا يجعل جليسه يشعر بأنه حاكم وسلطان كما يفعل كل الملوك الأوروبيين في كل مناسبة، يلبس ببساطة ولا يُحبُّ الفخفخة، أفكاره عن الدين والسياسة والتعليم ليست رجعية، ومع ذلك فإنَّه متمسك بدينه غاية التمسُّك، يرعى العلماء ورجال الدين، ولا ينسى بطريرك الروم من عطاءاته الجزيلة”.

جمال الدين الأفغاني: “إنّ السلطان عبد الحميد لو وزن مع أربعة من نوابغ رجال العصر لرجحهم ذكاء ودهاء وسياسة”.

البطريرك الماروني إلياس الحويك: “لقد عاش لبنان وعاشت طائفتنا المارونية بألف خير وطمأنينة في عهد السلطان عبد الحميد الثاني، ولا نعرف ماذا تخبئ لنا الأيام بعده”.

الشاعر أحمد الكاشف

لك الولاء الذي لم يخفه أحدُ    

                 ولا خلت أمة منه ولا بلدُ

قد قمت بالحكم عدلاً لا يميل بك الـ

                      هوى ولا يتخطى رأيَك الرشد

وسرتَ بالملك مأمون المذاهب ميـ

                        مون المساعي على القرآن تعتمد

وبت تدفع عنه الحادثات كما  

                             يبيت يقظانَ يحمي غيلَهُ الأسد

حتى رفعت له فوق النجوم حمى 

                               الحزم أسبابه والحكمة العمد

فبات ممتنعَ الأركان تحرسه  

                    عين الإله إذا حراسه رقدوا

أمير الشعراء أحمد شوقي:

هضتَ بعرشٍ ينهض الدهر دونه

خشوعاً، وتخشاه الليالي وترهبُ

فأحييت ميْتاً دارس الرسم، غابراً

كأنك فيما جئت عيسى المُقرّبُ

وشِدت مناراً للخلافة في الورى

تُشرّق فيهم شمسه، وتُغرّبُ

أمولاي! غنّتك السيوف فأطربت

فهل ليراعي أن يغني فيُطربُ!

الشاعر حذيفة العرجي في رثائه للخليفة عبد الحميد الثاني:

ما كنتَ تحفظُهُ من أرضنا اغتُصِبا

                   قُم من جديدٍ لترجع كلَّ ما سُلبا

  تقاسم الغربُ يا مولايَ كعكتنا

                 وقطَّعوا الدينَ والتاريخَ والأدبا

  خلّوا لنا دولاً صُغرى، مُعلَّبَةً

                       وفوقَ ذلكَ نالوا النفطَ والذهبا

  يا سيّدي يا أميرَ المؤمنينَ، نعم       

                           هذي البلادُ لنا، لكنّنا غُرَبا

   قُم من جديدٍ فما في عهدنا رجلٌ

                   للمسلمينَ وما يجري بهم غَضِبا

  جرداءَ بعدكَ -من خوفٍ- منابرُنا

              يا ابنَ الخلافةِ قُمْ واسترجعِ الخُطبَا

   بيعت فلسطينُ، قلنا سوفَ نُرجعُها

              ثمَّ العراق فقلنا كانَ مُضطرِبا

  بيعت دمشقُ وبيعت بعدها عَدَنٌ

            ماتَ الحِصانُ وما زلنا نقولُ كبَـا!

عبدَالحميدِ أيا أصلاً بلا نُسَخٍ

   من جرَّبَ السيفَ لا يرضى بهِ خشبَا

تخلّصوا منكَ إذ خالفتَ رغبتَهُم

        ولم تبِع، أو تَخُنْ أو تُعلنِ الهَربا

يا شوكةً في حلوقِ الغربِ عالقةً

  يزيدُها الماءُ عُمراً كلَّما شُربا!

مكايد الغربِ من فينا سواكَ لها

       وقد تفاقمَ جُرحُ الدينِ والتهبا

كلُّ الذينَ أتوا من بعدكَ انتصروا

       على الشعوبِ! وخانوا اللهَ والكُتُبا

هنا رئيسٌ.هنا شيخٌ.هنا مَلِكٌ

       هنا شعوبٌ تُعاني ظُلمَهُم حِقَبا

ذُقنا الأمَرَّين عُسراً بعد مَيسَرةٍ

       وما تعبنا ولكن صبرُنا تَعِبَا

ماذا يضيرُكَ يا حيَّـاً بأضلُعنا

    لو عُدتَ فينا وأرجعتَ الذي ذَهبا؟

قرنٌ مضى يا أميرَ المؤمنينَ سُدىً

       أهلُ السياسَةِ فيهِ جرَّموا القُبَبَا!

أكادُ أُقسمُ لو عادَ الزمانُ بنا

        لما قبلنا على جدْبائكَ السُحبَا!

كنّا وكنّا.. وما ماضٍ بمُنقذنا

       صاروا أنوفاً ولم يرضوا بنا ذَنَبا!

كن بيننا في رَخانا أو بمحنَتِنا

     نحنُ اليتامى، ولا نرضى سواكَ أبا

واللهِ سوفَ يجيءُ النصرُ مُبتسماً

    ويرفعُ الله عنّا الذلَّ والنَصَبا

قم من جديدٍ، فقد قال النبيُّ لنا

   ستُنصَرونَ  ويبدو أنَّهُ اقتربا

.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى