مقالات

هل هُزمت الثورة ، ولماذا ؟ من مذكرات ثائر سوري 1

محمد حساني

ناشط ثوري
عرض مقالات الكاتب

في أيار 2012 التقيت مع أعضاء المكتب التنفيذي للمجلس الوطني ،ومجموعة من الاخوة الافاضل كمندوبين عن الثواروبعد عدة اجتماعات كتبت نصًا نثريًا استشرف فيه القادم ومنه :


أحبك ثورتي أنقذت شعبي من الدمار
أحبك ثورتي رغم النوازل والاعصار
أحبك والدمع يملأ محاجر الثوار الصغار
برعشة بفرحة ينادون ارحل يابشار
أخرجتنا البيوت من حجراتها الصغار
لنلتقي بالساحات الله أكبر عليك ياجزار
رصاص ومدفعية ودبابات ونار
تترسنا بإيماننا شوقًا للانتصار
تآخينا تسابقنا للمجد لرفع الشعار
شهداؤنا وقود ثورتنا
جرحانا عزيمة لاصطبارنا
أسرانا نور ونار
إليك ياشامي الحبيب أقدم الولاء
ومنك يارب أطلب الرجاء

الحقيقة التي رأيتها منهم اذهلت عقلي، وكأن الأمر لا يعنيهم ،أو أن الثورة صرّاف آلي وبايديهم بطاقات يسحبون منها مكافآت متى أرادوا واشتهنت أنفسهم !
بكل تأكيد نحن كمجموعة ممثلة للحراك الثوري في محافظة حماة، ما جئنا لتركيا للاستجمام وليس معنا مايوهات سباحة! لكن ماحملناه أمانة في أعناقنا ومسؤولية تبنيناها ، قد جعلتنا نحمل الهمّ والألم .. الخوف والرجاء…
تحملنا صعوبة الطريق ،وصعود الجبال ووعورتها ، يومها مسموح لنا الدخول إلى تركيا..
تحملنا مخاطر الطريق، وملاحقة عصابات الأسد المنتشرة في كل مكان لنبلغ رسالة الثوار للمجلس الوطني ،وبعض الطلبات التي تخصّ الثورة ،وتصب في صالح انتصارها ولكن …
حملنا رسائل كثيرة في عقولنا ، وكنا مدركين أوعلى – يقين – أن النظام سيسقط قريبًا ، كيف ستتم إدارة البلد ،ومنع فوضى السلاح ،وتقديم الخدمات للشعب ؟

وفي الوقت ذاته ؛كنا نحمل بعض الأفكار – التي كنا نراها مفيدة وجيدة – لقطع المسافة الأخيرة من النصر ،واتخاذ الخطوة المناسبة لاسقاط النظام، ولكن للأسف ضاع كل شيء..
ساعات من التعب المضني على سفوح الجبال امضيناها للوصول للحدود التركية حسب قول الدليل ؛وما أن وصلنا الحدود ،حتى قبضت علينا الجندرما التركية ،ومازال ذلك المشهد مرتسمًا أمام ناظري الجندرما يصرخون علينا ،ونحن لا نقول إلا كلمة واحدة : ماء ماء فقد كاد العطش يفتك بنا !
قبضوا علينا وأعادونا للحدود السورية ،وأسقط في أيدينا ، وسألنا أنفسنا : هل نستسلم، ونحن نحمل أمانة لا بد من ابلاغها لأهل الشأن أو هكذا كنّا نظن بهم ؟!
قرب الحدود ،وجدنا خيمة سورية دخلنا إليها ،وبدأ الجوع ينهش أمعاءنا ،فقدموا لنا بعض الخبز وحبات البندورة ، وقتها شعرنا أننا لم نذق ألذ منها..
ليلاً؛ جاءنا دليل، وأدخلنا راكضين على أجر معلوم إلى إحدى القرى التركية في بيت مختارها ،واسمه ابو خميس وفعلا كان خميسًا – اسأل الله ان يبارك فيه وفي عيالة – فقد أكرمنا غاية الإكرام ،وساعدنا بكل ما يستطيع ،وجعلنا نشعر أن آمالنا ستتحقق..
انطلقنا بعد ثلاثة أيام إلى أنقرة لمقابلة المجلس الوطني، وإيصال الأمانة -بعد عدة اجتماعات مع سوريين في انطاكيا – وتدارس أمور الثورة وسبل انجاحها.
وصلنا إلى مركز التجارة ،حيث يقيم أعضاء المجلس الوطني، واجتمعنا مع أعضاء المكتب التنفيذي لكن مما لاحظته بداية أن كل واحد مستقل عن الثاني وكأنهم جيران وليسوا مؤسسة ثورية ،يتظاهرون فيما بينهم المودة ،وما تخفي صدورهم أكبر ! وكان ذلك نذير شؤم بالنسبة لي..
اجتمعنا على مدى ثمانية أيام عدة اجتماعات ،سادها من قبلهم أسلوب الدبلوماسية والخطابة والشعارات وافتقدت الخطوات العملية التي كنا نرقبها ونتمناها ، ,إذ البون بيننا وبينهم شاسع جدا ..
بالطبع ؛ شرحنا لهم وضع الداخل بشكل دقيق ،ومستوى الحركة الثورية، وكيف ننظم أمورنا بواسطة التنسيقيات كقائدة للثورة ،وبينّا أيضًا تخوفاتنا بعد سقوط النظام ،والسبل العملية لتجاوز المطبات والصعوبات ،غير أني لم أجد عندهم اي اهتمام بمثل هذه الأمور التي كنا نراها في غاية الأهمية!
قدمنا لهم طلبات ورؤية عملية ،وصورة لحقيقية الوضع لاتخاذ افضل السبل لصالح الثورة والشعب، ولا زلت أذكر كان من أهم المطالب توحيد صندوق الدعم ،وتشكيل لجان للدعم مرتبطة بلجان داخلية للإشراف الدقيق والصحيح، وأنه لا يستقيم – في حالتنا- أن يكون الدعم فرديًا بالمطلق.

مازلت اذكر كلمة وجهتها لهم ، حيث قلت أقسم بالله إن لم تفعلوا هذا لتجدوا غدًا كل ثائر تحت نجمة!
أيضًا طلبنا افتتاح محطة تلفزيونية يديرها مفكرون يفهمون ما معنى الثورات، ليقدموا لنا فكر الثورة فسورية قد تمّ تصحيرها سياسيًا وثقافيًا، وفرضت عليها – لعقود- نخبة تافهة من صنع النظام !

طلبنا مكاتب اتصال مشتركة بين التنسيقيات والمجلس الوطني ،حتى يكون ثمة توازن في العمل والتنسيق ، ولا ترهق الثورة المشاكل نتيجة غياب التنسيق !
اجتمعنا عدة اجتماعات مع أكثر أعضاء المكاتب التنفيذية، لكني لاحظت أن معظم كلامهم كان مسايرة لنا ، فنحن في وادٍ وهم في وادٍ آخر! وقتها أدركت أن المعارضة لا تقود الثورة ، وأن ثمة انفصالاً بيننا وبينهم ..
بكيت في داخي ، ولم استطع أن أخفي دموعي ، فقد تراءى لي حال الشعب السوري -الذي ينتظر شهورًا أو أقل ليسقط النظام – مشرّدًا بائسًا إن استمر هؤلاء بقيادة الثورة !

سألني بعض من كان معي ، كيف ترى المستقبل ؟

أقرّ أني ما كنت أتصور بما سيفعلونه في المستقبل – رغم يقيني أنّهم دون مستوى الثورة – فقلت هؤلاء يسيرون بدرب لا يشبه درب ثورتنا ، و لكني وبكل صراحة لم أكن اظنهم يرتكبون أعمالاً خيانية فيما بعدأو لنقل بعضهم ممن ما زال يفاخر بالخيانة باسم الثورة !

رغم أن جوابهم لي أنني متشائم، وكأنهم كانوا يومها لايريدون أن يصدقوا ما شاهدوه، فالفاجعة كبيرة والثامن غالٍ جدا..
للأسف حدث ما كنت أخافه وأخذونا إلى زواريب السياسة ،ومزّقوا صفنا وشتتوا شملنا ،واتبعونا لدول كثيرة مستغلين حاجتنا ومستغلين تصحر الشعب السياسي والثقافي …

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى