تحقيقات

شباب إدلب يكرمون د. فيصل القاسم بلوحة موزاييك

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

لاشكّ أن د. فيصل القاسم يعد أنموذجًا متفردًا في الإعلام العربي ، ولاشك أنّه من أكثر الإعلاميين تأثيرًا في الثورة السورية ، حتى أصبح برنامجه الشهير “الاتجاه المعاكس” يشكّل أرقًا للنظام السوري، والقاسم كما هو معروف من أكثر مئة شخصية تأثيرًا في العالم العربي ، وظل محافظًا على هذا النجاح سواء في التأثير أو في قوة برنامجه وتأثيره في العالم العربي .

و الإعلام هو نشر للمعلومات، والأخبار، والأفكار والآراء بين الناس على وجه يعبر عن ميولهم واتجاهاتهم، وقيمهم بقصد التأثير.

وهو عملية نشر، وتقديم معلومات صحيحة وحقائق واضحة، وأخبار صادقة، وموضوعات دقيقة، ووقائع محددة، وأفكار منطقية وآراء راجحة للجماهير مع ذكر مصادرها ، خدمة للصالح العام.

والإعلام يخاطب عقول الجماهير، وعواطفهم السامية ، ويقوم على مناقشة الأفكار والحوار والإقناع ، وينزع نزعة ديمقراطية، وعلى هذا الأساس لابد أن تتسم العملية الإعلامية بالأمانة والموضوعية.

والإنسان الناجح والمؤمن بالإنسانية الحقة عندما يختار في حياته أي طريق مهني علمي، أو أدبي، أو إنساني، أو تكنولوجي….فعليه أن يحافظ على مبادئه التي آمن بها ويعض عليها بالنواجذ، والتي بطبيعة الحال تكاد تتقاطع بين البشر الأسوياء، فلا يمكن أن نقول: لظالم، أو قاتل، أو كاذب ،أو لص، أو متلون ،أومنافق…إنه صاحب مبدأ!

فالمبادئ الأخلاقية تعريفاً هي معايير الفرد، والمجتمع المنبثقة من معتقده وقناعاته، والمستندة لأساس علميّ، تضبط فكر وسلوك من يؤمن به ويتمسك بتطبيقها.

ولو استحضرنا التاريخ واستعنا به، والذي لابد من العودة إليه في تحليل أي ظاهرة، لوجدنا أنه يحدثنا عن نماذج كثيرة قد دفعت حياتها ثمناً للدفاع والتمسك بمبادئها.

من ذلك تلك القصة العجيبة التي حدثت مع ماشطة ابنة فرعون، والتي ألقي أولادها أمامها واحداً تلو الآخر بنقرة من نحاس أحميت، وهي تنظر إليهم حتى جاء دورها وهي ثابتة على مبادئها رابطة الجأش.

ولو تحولنا إلى التاريخ القريب لوجدنا أن كثيرً من شباب الربيع العربي قد دفعوا حياتهم ثمناً لمبادئهم، وفضلوا الموت على أن يغيروا مبادئهم.

ما يؤكد كلامنا ما قام به شباب إدلب بمنح وسام الثورة السورية -إن صح التعبير – الذي أجمع من يعيش في المحرر على منحه للدكتور فيصل القاسم الذي ما فتئ منذ قيام الثورة على دعمها، ومناصرتها بكل ما أوتي من قوة فكرية وإعلامية، وثبت على مواقفه كالطود الراسخ لم يفت من عضده كل التهديدات، وكل الأحكام التي صدرت بحقه، بل زادته ثباتاًا وتصميمًا، على الرغم من الانعطافات و(التكويعات) التي حدثت لكثير من الأفراد والمنظمات والدول التي كانت محسوبة على الثورة، وتفاخر بكفاحها ونضالها.

والواقع أن الإعلام منذ التاريخ السحيق قد لعب دورًا مهمًا في الذبّ عن حياض الحق، والخير والجمال، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يشجع حسان بن ثابت(يمكن وصفه بالإعلامي في ذاك العصر) على هجاء الظالمين وأعداء الحق ويقول له: “اهجهم(يعني الأعداء من قريش) فوالله  لهجاؤك عليهم أشد من وقع السهام في غلس الظلام “.

إذا كان الإعلام الذي يفتقر لكل التقنيات التي نعيش في كنفها الآن، كان له تلك الفاعلية، فما بالنا اليوم ونحن نتقلب بين الشبكة العنكبوتية، والقنوات الفضائية، التي  ملأت الدنيا، وشغلت الناس، وجعلت العالم قرية صغيرة.

الإعلام رسالة سامية وفاعلة ، بل هو من أعظم الرسائل في هذا العصر ، ولكن ما يؤسف له أن معظم من يتعاطى معه، خان الأمانة، وضيع الرسالة، وجعله وسيلة ارتزاق، وقزمه في دائرة ( من يدفع أكثر أنا نصيره ولسانه على الفضائيات).

لو أردت أن أحصي الشخصيات والمواقع وحتى القنوات الخاصة، التي يسير إعلامها في ركب مشغليها، لوجدتها كالمطر، وكالسحب الكثيفة التي تغطي الحقيقة، وآية ما أذهب إليه، تقلب تلك الأشخاص بين الفينة والأخرى من ضفة إلى أخرى، ومن أقصى اليسار إلى أقصى اليمين ، ومن العلماني إلى القومي إلى الليبرالي إلى الإسلامي…حسب الأوامر الصادرة، هذا المشهد الأسود، والمرعب دفعني لنعت كل المتعاطين مع الإعلام (بفاقدي الضمير) لولا وجود فيصل قاسم وأمثاله.

والحقيقة أن ثمة أمرًا آخر لدى الشخصية التي يدور حديثي حولها وهو من الإنصاف بمكان أن نذكره.

إن الشخص الإعلامي الذي يعمل في قناة رسمية، أو شبه رسمية ( وأنا أعتبر كل القنوات التي تصدر من الدول العربية رسمية) مثل قناة الجزيرة يجب أن يخضع لرياحها حسب الدارة السياسية – إن كان يعتبر الإعلام ورق يقرؤه – وقد طرأ تحولات على القناة التي يعمل بها عندما حوصرت من قبل الدول الأربع، فتغيّرت سياستها التحريرية تجاه إيران، وراحت بعض برامجها تغازل إيران وميليشيا حزب الله، ولكن القاسم بقي على عهدنا به، عبر برنامجه، وعبر منصاته المتنوعة، صاباً جام غضبه وسلاطة سهامه، على أولئك المجرمين الذين فتكوا بالشعب السوري دون وازع من الرحمة.

وفي النهاية؛ نبارك للدكتور فيصل هذه اللوحة الموزاييكية التي يستحقها بجدارة، ونشد على أياديه في مواصلة فضح عورات المجرمين وعلى رأسهم الأسد وروسيا وإيران، وأن التكريم الذي حظي به د. فيصل من قبل شباب الثورة يؤكد أن أهل الثورة يعرفون من يناصرهم ويدعمهم ، فهم البوصلة الحقيقية لمعرفة الغث من السمين .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى