مقالات

النقاط الوهمية؟

رضوان الأطرش

الرئيس السابق للهيئة السياسية في محافظة ادلب
عرض مقالات الكاتب

بعد فشل الجولة الخامسة للجنة الدستورية السورية، والتي لم تكن خيراً من سابقاتها،والتي   انتهت من دون تقديم أي نتيجة، ورغم توقع ذلك من جمهور الثورة، والشعب السوري ككل، ودون إحراز أي تقدّم في تناول أي من المضامين والمواضيع الدستورية، رغمَّ ضبابية المفهومَين، وعدم الفهم والاستيعاب لقاعدة عريضة من الشعب عن الفرق بينهما، وربما يكون عدد لابأس به من أعضاء اللجنة الدستورية كذلك، كون هذه اللجنة تشكلت وفق مبدأ المحاصصة بعيدة عن استقطاب الكفاءات والخبرات القانونية، وفي ظل استمرار وفد النظام الأسدي في طرح قضايا خارجة عن القضايا الدستوريةكعادته، وكأنه مرسل لهذه الغاية فقط ، واقتراح مضامين استفزازية بعيدة عن الدستور ، وبالتالي لم تتمكن اللجنةمن  الدخول في صلب المهمة التي شُكلت من أجلها، بالرغم من مضي أكثر من 13 شهراً على تشكيلها، و قبل الدخول في كل جولة كانت التصريحات الصادرة من الأطراف المشاركة بأن هذه الجولة سوف تكون مفصلية، وأن جدول الأعمال، والمهام قدو وُضع، ولا يستطيع أيّ من الفريقين الخروج عن النص، وأن البدء في كتابة مواد الدستور هو الشغل الشاغل للأطراف فقط.
ولم يجد المبعوث الأممي الخاص إلى سورية، غير بيدرسون، سوى نتيجة واحدة، وهي الإعلان على أنّ اجتماعات الجولة الخامسة كانت مخيبةً للآمال، مع إبلاغه أعضاء هيئة صياغة الدستور المصغرة (١٥) بعدم إمكانية الاستمرار على هذا النحو، من دون وجود منهجية وآلية عمل للجنة، رغم أنّ هذه الآلية والمنهجية وتحديد سقف زمني كانت مطلب جميع منتقدي اللجنة، في الوقت الذي كان بيدرسون يصمُّ أذنيه عن سماع ذلك.
مع يقينه بأنّ وفد النظام هو الرافض الوحيد لعدم الالتزام بأي سلوك، ومنهجية للعمل قد تدفع هذه العملية نحو الأمام، ومع تهربه المستمر من تحميل هذا الوفد المسؤولية عن ذلك، لدرجة بات وكأنه في صف هذا الوفد، وبذلك فقد حياديته وجزءاً كبيراً من المهام المسندة له، وليعود ليلقي الكرة في الملعب الآخر طالباً من الجميع الاتفاق على أسس جديدة للعمل كي تبقى اللجنة على قيد الحياة، مع وعود قدّمها بأنه سيلتقي الأطراف الفاعلة في الموضوع، وعلى رأسهم روسيا، وإيران مع زيارة لرأس النظام في دمشق لإجراء مزيدٍ من المشاورات حول عمل اللجنة،والمتابعة في تطييق بنود القرار ٢٢٥٤ ،علماً أن هذه الزيارات تكررت قبل كل جولة والنتيجة هي ذاتهاإضاعة الوقت وفشل في المسار  مع تهرّب بيدرسون من وضع النقاط الصحيحة على الحروف الصحيحة، وتحميل وفد نظام الأسد الذي لا يملك من أمره شيئاً سوى اضاعة الوقت، والتهرب من أي اصلاح دستوري ، ليبقى  التعطيل والفشل هما غاية ما يقصد ، مع عدم الانصياع  للقرارات الدولية والأممية، وخصوصا القرار 2254، الذي ينص على البدء في مسار سياسي تفاوضي سوري سوري تحت إشراف أممي بغية الوصول لهيئة حكم انتقالية مشتركة ولا تحمل أية صبغة طائفية ومن ثم الدخول في كتابة دستور جديد في غضون أشهر محدودة وكذلك انتخابات رئاسية، وبرلمانية حرة، ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة.

لكنّ ذلك كله تم تغاضيه مقابل السير في مسار اللجنة الدستورية لأنها مخرجاً روسياً  ولدت حسب مزاعم الكرملين لتنفيذ ٢٢٥٤،  لكن الحقيقة هي عكس ذلك، وماهي إلا جهود لنسف أي انتقال سياسي مع بقاء المجرم على رأس السلطة، وهو الحل الوحيد الذي تريد روسيا وايران الوصول له مع صمت غير مبرر من المجتمع الدولي.
وأمام هذا الواقع ينتظر الشعب السوري الخيارات الجديدة التي ستطرحها المعارضة السورية في المقام الأول، ومن بعدها الأمم المتحدة، وهل ستكون وفاة اللجنة الدستورية هي وفاة للمسار السياسي برمته؟ أم أنها بداية لانطلاقة جديدة وضوء في نهاية نفق بات ينتظره الشعب؟
أم أنّ  استراتيجية تسجيل النقاط الوهمية  على نظام مجرم فاقد لأدنى قيم  الإنسانية، و لا يقيم أي وزن أو اعتبار للعمليات السياسية والتفاوضية هوالحل فقط؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى