مقالات

ارتباط عائلة الأسد بمجموعة بيلدربيرغ!

الباحث المحامي ياسر العمر

محامٍ وباحث سوري
عرض مقالات الكاتب

في ربيع عام 1954 عُقد مؤتمر سري لمجموعة من أصحاب النفوذ }سياسيين ورأسماليين{ ينتمون لدول غربية متعددة في مدينة ارنهيم الهولندية؛ وفي فندق عُرف بإسم بيلدربيرغ وقِيل إن عددهم 70 شخصية؛ وكان صاحب فكرة هذا المؤتمر رجل يُدعى جوزيف ريتينجر بولندي الأصل كاثوليكي الديانة ينتمي الى طبقة ارستقراطية أهًلته لتكوين شبكة من الأصدقاء مع كبار المسؤولين أمثال تشرشل. وتبنى الأمير الهولندي بيرن هارد الدعوى لهؤلاء الشخصيات المنتقاة.

في هذا المؤتمر تم الاتفاق على رسم سياسة العالم ،وأن يجتمع الأعضاء في ربيع كل عام لمناقشة وضع العالم؛ عُقد الاجتماع الثاني في مدينة باربيزون بفرنسا، وتَشكلتْ أمانة عامة لهذه المجموعة. وتوالت الاجتماعات، وتغيرت الشخصيات، باستثناء النواة الصلبة والتي كان دورها الإعداد للاجتماعات. كان من نتائج أعمال هذه المجموعة؟ تشكيل الاتحاد الأوربي وتوحيد الألمانيتين واعتماد العملة الموحـدة ” اليورو” والتخطيط لاتفاقية التجارة الحرة الامريكية الأوربية وغزو العراق ….

مما فعلته هذه المجموعة في سورية يَتمثل في صناعة عميل لهم ! ففي ربيع عام 1967 تَسربت الانباء والتي تقول : إن وزير الدفاع السوري -آنذاك – حافظ الأسد اختفى لمدة ثلاثة أيام ! عندما كان هو أحد افراد البعثة العسكرية السورية الى إحدى الدول الاوربية؛ وعندما ظَهر لم يُبرر لأفراد البعثة عن مكان اختفائه!

بعد فترة قليلة جدًا وفي شهر حزيران من نفس العام ! تقع النكسة العربية ويحتل الكيان الصهيوني قسماً من الأراضي العربية ويعلن وزير الدفاع ” الخائن” حافظ الأسد عن سقوط مدينة القنيطرة السورية قبل أن يدخلها جيش الصهاينة بأكثرمن ثمانية عشر ساعة؛ ويطلب من عناصر الجيش السوري في مناطق الاشتباك الانسحاب الكيفي! لتسقط أراضي الجولان السوري بيد المحتل الإسرائيلي وليصبح جزءًا من الشعب السوري يحمل صفة نازح!

بعد نحو ثلاث سنوات ، يكافئ هذا العميل ويُرسم له طريق ليَتم مكافئته على ما فعله فيقوم بانقلاب عسكري على رفاقه البعثيين الذين كانوا يطالبون بمحاكمته بعد اتهامه بالخيانة العظمي! فيستولي على السلطة في سورية ويُنصِب نفسه رئيساً للبلاد ويَزِجُ برفاقِهِ البعثيين في المعتقلات أمثال رئيس الجمهورية نور الدين الاتاسي، ورئيس الوزراء يوسف زعين ، ووزير الداخلية محمد عيد العشاوي .

 وبعام 1973 وبالاتفاق مع العميل المصري أنور السادات تُرسم مسرحية حرب مع الكيان الصهيوني. بموجبها تَخسر سورية ومصر أراضٍ أخرى، وتعاد أجزاء من مدينة القنيطرة مدمرة لحافظ الأسد، ولولا تدخل القوات العراقية لأصبحت العاصمة دمشق بيد الصهاينة.

تبدأ مسرحية احتفالات النصر بإعادة القنيطرة ويظهر الأسد بطل قومي بعد أن أوحى للجميع غسل عار نكسة ال 67، ويبدأ مسلسل التمجيد بالشعارات القومية ومحاربة الإمبريالية الأمريكية مع زيادة القبضة الأمنية وازدياد نفوذ الفاسدين في مفاصل الدولة؛ وأصبح الاقتصاد السوري بقبضة العصابات الأسدية العلوية مع قليلاً من الفاسدين السنة والطوائف الأخرى.

بعد ظهور الموقف العربي في حرب ال 1973 ولا سيما العراقي ” وما قَدمه للمعركة ووقْفَهُ تقدم الجيش الإسرائيلي “،  والسعودي “المتمثل بالملك فيصل بن عبد العزيز الذي قطع امدادات النفط عن الغرب ” فلابد أن يكـون هناك سـيناريو يعالج هذه الحالة!  فتم اغتيال الملك فيصل بن عبد العزيز. ويُصْبَر على العراق لغاية عام 1979 عندما حِيكتْ مسرحية ما يسمى الثورة الإيرانية، ويُنقل الخميني من العاصمة الفرنسية باريس بواسطة طائرة فرنسية مخصصة له إلى طهران عاصمة إيران ليؤدي الدور الذي رُسِمَ له وهو الانتقام من البلد العربي ” العراق العظيم “الذي اتخذ الموقف العروبي الأصيل وحَمَى دمشق عندما تقدم اليها الجيش الإسرائيلي.

 بعد أشهر تبدأ العصابة الخمينية بالتحرش بالقوات العراقية لتَنْشَب الحرب العراقية الإيرانية وليعلن العميل حافظ الأسد “صاحب الشعارات القومية” وقوفه الكامل مع العصابة الفارسية الخمينية لَيمِدها بكل مستلزمات الحرب على حساب قوتْ الشعب السوري.

كما تَكَشَفَ الدعم الإسرائيلي بالعتاد والسلاح للعصابة الفارسية الخمينية وليُغَطَى على هذا الدعم بقِصة مفتعلة سُميتْ  ” قضية إيران غيت”.

 ولتغطية ذلك رُفِعت الأصوات عالياً من طهران وهي تنادي “الموت لأمريكا وإسرائيل وتحرير القدس” مثلما رفع حافظ الأسد من شعارات مناهضة للإمبريالية الأمريكية والصهيونية.

 استمرت الحرب لثماني سنوات اُستنزف فيهاالاقتصاد العراقي ،وقدّم آلاف الشهداء ، ليجد العراق نفسه بعد أن خرج من هذه الحرب الظالمة التي فُرِضَتْ عليه بمواجهة عملاء الأمريكان! ويُجَر الى حرب الخليج ( غزو الكويت ) وليُشَكل تحالف ثلاثيني دولي بقيادة أمريكا لمواجهته وبطل المقاومة والممانعة حافظ الأسد (صاحب شعار محاربة الامبريالية الامريكية) يلتحق بصف هؤلاء المتحالفين!

 تَمر الاحداث على العراق ليُحتل كاملا ً من أمريكا؛ وتُحلْ الدولة العراقية وتُسلم لأعداء الشعب العراقي “العصابات الشيعية العراقية والإيرانية” ولتصبح دولة لا يمكن أن تقوم لها قائمة إلا بعد أجيال.

 استمرار الأسد في الحكم كان له أثمان كبيرة سواء على السوريين أو الجوار ومنه لبنان وظلّ يُمارس أبشع أنواع التنكيل بالشعب السوري. ثم كلّف بتدمير لبنان وتصفية المقاومة الفلسطينية فغزا لبنان البلد الشقيق تحت راية ” قوات الردع العربية ” ! والحقيقية كما ذكرنا أن دوره يتمثل بإنهاء كل مقاومة بوجه الكيان الصهيوني في فلسطين ” وبمباركه مِنْ هذا الكيان وعلى رأسهم آنذاك اسحق رابين الذي قال قولته المشهورة ” لماذا نعارض دخول الأسد الى لبنان مادام يؤدي الدور الذي نريد “.

 واستطاع الأسد القضاء على المقاومة الفلسطينية في لبنان وترحيل قادتها وعلى رأسهم ” ياسر عرفات ” إلى تونس. ليَنْفرد بما تبقى من الشعب الفلسطيني في لبنان ويرتكب فيهم المذابح. سقط في مذبحة ” تل الزعتر” أكثر من عشرة الاف ضحية بين طفل وإمرة ورجل كبير في السن ولتظهر الصور المروعة لهذه المذبحة للعالم والذي لم يحرك ساكناً اتجاهه، وأصبح مسيطراً على لبنان بشكل كامل ويختار رئيس جمهوريته. وبَين ذلك الرئيس الفرنسي جاك شيراك في مذكراته فقال ” حرص حافظ الأسد على استشارتي في كانون الأول/ديسمبر 1998 حيال تعيين الرئيس اللبناني المقبل. وطلب مني أن أرسل له خمسة أسماء يختار من بينها، فوضعت بينها اسم الجنرال إميل لحود الذي كان يتمتع بسمعة طيبة وتم فرضه في نهاية الأمر من قبل دمشق “.

واسْتَجَر جماعة من الشعب السوري (الإخوان المسلمون) إلى مصيدته؛ وبذريعة الحرب معها استطاع القضاء على قسم كبير من المسلمين السنة في المدن السورية، فارتَكَبَ المذابح في ” جسر الشغور، وحلب، وقام بتدمير مدينة حماه وقتل منها ما يقارب الخمسين ألف مواطن ” ولم يُحرك الغرب – مدعي الدفاع عن حقوق الانسان -ساكناً تجاه ذلك، ولم تَفق النخوة العربية !

استمربنهجه الدموي في الحكم لغاية تاريخ العاشر من حزيران عام 2000 لتُعلن شبكة سي إن إن الأمريكية نبأ وفاة حافظ الأسد – والسوريون لا يعلمون – ومن ثم تنقل الخبر وكالة الانباء الفرنسية بعدها أعلن التلفزيون السوري بعد هذه الوكالات خبر وفاته “بعد أن جُهِزَ كل ما يلزم لتسليم ابنه ” بشار” زعامة سورية ودليل ذلك ماقاله جاك شيراك في مذكراته ” إن حافظ الأسد أوكله بذلك وطلب إليه مساعدة الرئيس المقبل لسوريا، وهو لم يُقصر، فاستقبلَ بشار الأسد استقبال الرؤساء قبل عام من وصوله إلى سدة الرئاسة السورية “.

شارك بمراسم تشييع جنازته بعض من زعماء الدول الاوربية وعلى رأسهم الرئيس الفرنسي جاك شيراك.

حضرت مراسم الدفن في دمشق وزيرة الخارجية الامريكية مادلين اولبرايت (المكلفة بالظاهر من الرئيس بيل كلنتون – وفي الباطن من مجموعة بيلدربيرغ) وألقت نظرة الوداع الأخيرة على جثمان عميلهم الأسد لتَجتمع بعدها مع العائلة لساعات وتُقدم توصياتها ومن ثم تغادر سورية.

يُطلب مما يسمى أعضاء مجلس الشعب السوري ” أحجار الشطرنج ” للاجتماع وتلافي الإشكال الدستوري الذي يمنع بشار الأسد من استلام الرئاسة بعد أبيه -كان عُمُربشار أربعة وثلاثين عاما والمادة 83 من الدستور السوري توجب أن يكون عمر رئيس الجمهورية لا يقل عن أربعين عاما -وتتم مهزلة تعديل الدستور التي يعرفها الجميع ويعتلي بشار الأسد سَدت الحكم في سورية!

تابع بشار الأسد سياسة أبيه بإدارة البلاد ، إلا أن ضعفه كان سبباً في ازدياد الفساد والقبضة الأمنية. لكن هذا الضعف جاء لمصلحته عندما ظهر لغالبية السياسيين المعارضين لسياسة أبيه أنه رجل ينشد الديمقراطية وسيعطي هامشاً من الحرية، وعندما اطمئن هؤلاء السياسون المعارضون قاموا بممارسة النشاطات السياسية وظهرت جماعة إعلان دمشق وبرزت الأقلام الحرة؛ إلا أنه وبعد فترة قصيرة يقوم بالانقضاض عليهم ويزجهم في المعتقلات، ليظهر حقيقته ومهمته القائمة على تحطيم البلد وبكل مفاصله. ولتظهر مجموعات الحرامية وعلى رأسهم ابن خالة رامي مخلوف الذي استولى على غالبية الاقتصاد السوري؛ وليزداد الشعب فقراً أكثر مما كان فيه، ويعم الفساد في كل مفاصل الدولة؛ أدى ذلك في النتيجة إلى قيام غالبية الشعب السوري بثورته على بشار الأسد وزمرته الحاكمة، ولتظهر الذريعة لبشار الأسد لإتمام مهمته بإكمال تدمير سورية حجراً وأرواحاً باعتبار أنه كان قد دَمَر المجتمعات السورية، وما فعله مع الثائرين السوريين في غالبية المحافظات السورية وارتِكابَه أبشع المذابح بحق الشعب السوري؛ واستعماله كل أنواع الأسلحة الفتاكة من البراميل والصواريخ وقذائف المدافع والدبابات؛ واستعمال السلاح الكيماوي؛ واستجلاب الكتائب الطائفية الشيعية والمحتل الإيراني والروسي ورهنَه بعضاً من المنشآت الاقتصادية الهامة في سورية للمحتل الروسي والإيراني؛ كل ذلك أدى إلى تدمير المدن السورية وتهجير أهلها بحيثُ أصبح أكثرُ منْ نِصف الشعب السوري مُهَجَر سواءٌ في الداخل أو في الخارج.  وأصبحت سورية دولة فاشلة يُعاني من ويلات هذا الفَشَل مَنْ بقي تحت هيمنة هذا النظام  .   تساءل الكثير من السوريين السؤال التالي: لو خضنا حرباً مع الكيان الصهيوني هل يحدثُ فينا مثلما فَعَلَ بشار الأسد وزمرته المجرمة؟ متناسين أن ما فَعَله الأسدان هو نتيجة أداء مهمة قاما بتنفيذها على أكمل وجه؛ وساعدهما بالتنفيذ ضعف قطاع كبير من الشعب السوري واستسلامه وقبوله بالذل مقابل فتات من خيرات البلد ترمى لهم ! إلا أن هذه المهمة لم تشمل الأقليات من الشعب السوري، وما حدث مؤخرا في مدينة السويداء وتقديمه الاعتذار لشيخ من شيوخها يثبت أن هناك خطوطاً حمر لا يحق له تجاوزها، وأن المُستَهدف هو لون واحد من الشعب السوري يتمثل بالعرب السنة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى