مقالات

الإسلاموفوبيا في ذكرى مذبحة كيبك

محمد شريف كامل

مدون وكاتب مصري
عرض مقالات الكاتب

يجب علينا أن نقر بسعادتنا البالغة بإعلان الحكومة الفيدرالية لكندا يوم 29 يناير من كل عام يوم لتذكر مذبحة المسجد الكبير في مدينة كيبك ولمحاربة الإسلاموفوبيا، ذكرى لما حدث في ذات اليوم منذ 4 سنوات حيث قام شاب متعصب بإطلاق النار على المصليين فقتل 6 وأصاب 19 بإصابات بالغة، وهو يوم يجب ان نتذكر فيه شهداء ذلك الحدث وأسرهم التي فقدت أغلى ما لديهم، وأن نتذكر المصابين وأسرهم الذين سيعيشون بإصاباتهم واعاقاتهم طوال حياتهم.


إن ذلك الإعلان ولا شك يعد نجاح كبير لجهود الكثيرين الذين عملوا لمحاربة الإسلاموفوبيا، عملوا معا لسنوات ومنذ 2008، أي قبل ذلك الهجوم البربري كفريق عمل واحد في البداية ثم متفرقين بعد ذلك.


ومن الطبيعي أن يشعر البعض بالإحساس بالنشوة والانتصار لتحقيق هدف كبير بهذا الإعلان لتخصيص يوم لمحاربة الاسلاموفوبيا، ولكن علينا أن ندرك اأن ذلك هو بداية العمل الحقيقي لمحاربة الكراهية التي نعيشها ،ويعيشها العالم بأسرة مُفعلة في كل دول العالم بأيدي اليمين المتطرف وعلى رأسها الانظمة الديكتاتورية التي تحكم الدول ذات الاغلبية المسلمة ،والتي – للأسف- يسبّح بعض المسلمين بحمدها، المعركة واحدة ،وهي مكافحة كل انتهاك لحقوق الإنسان في أي مكان في العالم، والانتصار للحق والعدل والمساواة.


ونعود لكندا، وتحديدًا لكيبك لننظر على حال المجتمع الإسلامي الذي يجب عليه أن يقود هذه الحرب ضد الكراهية والعنصرية، أو على الأقل علينا أن نعمل بصفوفها، لأنه شاء أي منّا أو أبى فنحن الهدف منها أو على الأقل نحن المتربعين على قمة أهداف اليمين المتطرف وأدعياء العلمانية التي هي منهم بريئة.


ولكن حتى يكون تأثيرنا إيجابيًا في ذلك المعترك ،علينا أن نراجع أنفسنا وأن ننقي ضمائرنا من الأمراض المزمنة التي سيطرت علينا، والتي يجب استئصالها، ونذكر منها هنا:

– الذاتية: فالعديد منا أصبح أهم أهدافه هي ذاته ومنظمته وحاشيته، أهم من الهدف الأكبر وتحتل ذاته مركزًا متقدمًا على كل شيء، حتى أنه يأتي قبل حال الجالية ومستقبلها، وإذا اصطدمت أهدافه الشخصية بالهدف العام والمصلحة العامة يعلو هدفه الشخصي حتى ولو دمر العمل والجالية معا.

– العنصرية: نحن نمارس العنصرية والطائفية ليل نهار، ونتحلى بقيم الجاهلية الطائفية والعرقية، ونتهم الآخريين بالعنصرية وهذا حقّ، ولكننا نمارسها حتى بين أفرادنا ،ونمارسها ضد من هم من غير ديننا أو طائفتنا اولوننا، بل حتى عنصريتنا امتدت لتشمل الاصل العرقي ومحل الميلاد.

انا لست ناصحًا لأحد ولا أنا وصي على أحد، ولكني ناصح لنفسي أولاً، وللجميع ألا نستسلم لمحاولات الإرهاب والاستبعاد التي مارسها ويمارسها البعض من الذين يسعون لتصدر المشهد ،واستبعاد بل ومقاضاة كل من يختلف معهم، وهذه هي أكبر الآفات التي يجب استئصالها ،واستئصال كل من يشارك فيها.

في ذكرى مذبحة كيبك، وقبل أن نذكر شهدانا ونترحم عليهم، علينا أن نطهّر أنفسنا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى