مقالات

سقوط النخب الثقافية “اليمن مثالاً”

آدم أمير المزحاني

كاتب يمني
عرض مقالات الكاتب

باعتقادي أنّ أكثر الأسباب التي أسقطت المهنة الإعلامية والصحفية ومبادئ الأدباء والمثقفون والارتهان للغير هو العوز المادي الذي طال حياتهم؛ نتيجة ما مرّت به اليمن من حرب وتهجير وإغلاق لأغلب الصحف والقنوات والمنابر الإعلامية، وأيضاً التعطيل الكامل لجميع فعاليات وأنشطة الأندية الثقافية والأدبية التي كانت تقام من حين لأخر؛ والتي كانت أيضاً سبباً للعائد المادي الذي كانوا يتلقونه حتى ولوكان  قليلاً، فقد  كان الصحفي والكاتب المثقف يكتب مقابل شيء يعود عليه بالنفع ،فضلاً عن أنّ له مشاركات في كثير من المجلات العربية والعالمية.

الأزمة الحالية ؛كشفت حقيقة الكثير من الأقلام والنخب التي كانت- سابقاً – تبدو لنا قدوة في النزاهة وقول الكلمة الحق في وجه كل فاسد ولص داخل هذا الوطن، لكنها اليوم تساقطت ، ولم تعد أقلام الحرية والتعبير الصادق بفعل تأثير المال ، بل ربما كان مالاً زهيداً اشترى عقولهم وضمائرهم مع بيع شرف المهنة بتذكرة سفر لـ شواطئ النيل ومرافئ بيروت!

إنّ حرمان المثقف والصحفي أو الإعلامي اليمني من حرية التنقل بين بلدان العالم، جعل – شريحة كبيرة منهم –  سهل الشراء عند أضعف مواقف اختبارات المهنة العملية اكتب مقابل أن تدفع هكذا تجلت صراع حرب الأقلام مؤخراً.

نعود بالذاكرة قليلاً نتذكر أيام النظام السابق، كان لدينا قنوات وصحف ورقية بالجملة أغلب من يديرونها كانوا من المُطبلين له، وأتذكر شخصيات كانت تعمل في قناة اليمن الفضائية ليل نهار ،وكأنها ملكهم الخاص لا يغادرونها أبداً ،وجوه مألوفـة عند كل نشرة إخبارية ،أو برامج حوارية ،وكانوا أكثر من طبّل ومدح نثراً ونظم شعراً ،وعرض لقطات “الزوامل” بحق النظام ،حتى جاءت ثورة فبراير، فخرج البعض ،وبقي البعض الآخر مناصراً، ليستمر بتجسيد الدور والتنقل ليومنا هذا (معك يالقوي.(

 لكن بفعل الأزمة انتهىٰ كل هذا ،وأصبح واقع الكثيرون منهم مزرياً للغاية فما كان من البعض إلاّ الهروب إلى وجه أخر، وجه يجدون فيه سبيل للعيش في وضع أرقىٰ فباعوا أقلامهم لمن يدفع أكثر، وأصبح الكثير لسان حال فساد غيرهم ،ومجرد أبواق مأجورة متناسين شرف المهنة والكلمة والقلم مثل هؤلاء هم مُجرد كائنات ضارة أفسدت البيئة المُجتمعية ،وعززت من بقاء الفاسد نتيجة التطبيل المتكرر لكل منجز زائف يقومون به دون الشعور بأدنىٰ مسؤوليـة!

أصبحت فكرة الأقلام الصفراء مهنة مربحة لدى الكاتب والصحفي المرتزق، فقد وجد من خلالها ربحاً مادياً مكنه من العيش في مُستوى وافق رغباته وطموحاته، التي كان سابقاً يأمل أن يكون عليها ،وأبسطها السفر خارج حدود الوطن أُمنيات الأغلب من كُتاب ومثقفي “الارتزاق ” اليوم.

نمو وتطور هذا الأسلوب النمطي ربما ساهم كثيراً في انهيار الصف المستقيم داخل الوسط الثقافي . لا ننسى أنّ كثيراً من الصحفيين،  كان لهم دور شجاع في قول الحقيقة ، ومقارعة الاستبداد ، وقد كان لهم تاريخ ناصع أيام حكم النظام السابق ، فقد كانوا يواجهون بأقلامهم ويعملون على تعرية فساده بكل تفاصيله رغم المخاطرة التي أدت بحياة الكثير من الأدباء والمثقفين وأصحاب الرأي المُعتدل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى