مقالات

لا إحم ولا دستور!

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

مثل شعبي، سمعناه كثيراً يردده المصريون في أفلامهم،حين يدخل أحدهم مجلساً، أو يتدخّل في حوار او مسألة دون استئذان من الموجودين، فيقال حينئذ:”دخل علينا من غير إحم ولا دستور”!
وأصل المثل كما أورده البعض: أن رئيس وزراء مصر “اسماعيل صدقي” في ثلاثينات القرن الماضي-وكان مستبداً في قراراته- علّق العمل بأحكام دستور البلاد، ولجأ إلى الأحكام العرفية، ومنع الحديث في أمر الدستور المعلّق، ونشر أجهزة الأمن لتعتقل كل من يتحدث في ذلك.
وفي أحد الليالي، مرّ مواطن مصري فقير يعاني من نزلة صدرية من جانب أحد ضباط الشرطة ،و”سعَلَ” بصوت عالي، مما اثار حفيظة الضابط وانزعاجه، فصرخ بالمواطن أن يبتعد وإلاّ زج به في السجن، فما كان من هذا الفقير إلاّ ان ردّ عليه بالقول:”يعني لا إحم ولا دستور” ،أي غيرمسموح لنا لا بالحديث عن الدستور ولا حتى بالسعال، وذهب قوله من بعد ذلك مثلاً يجري على ألسنة المصريين!

ما دفعني للحديث عن هذا المثل، هو موضوع “اللجنة الدستورية” بعد انتهاء جولتها الخامسة وما تمخض عنها من نتائج “صِفريّة”كالعادة، بانتظار عقد جولة “أخرى”-الهمزة هنا في كلمة “أخرى” مضمومة وليست مفتوحة- سيعلن عنها ممثل الأمين العام للأمم المتحدة”غير بيدرسون”،والذي استطاب هذا العمل، والإستمرار في هذه المهمة إلى ما شاء الله!

وفد المعارضة في اللجنة الدستورية -رئيساً وأعضاء- لم يعد لديهم من المبررات والدوافع التي تبرر لهم الإستمرار في هذه المهزلة، بعد أن سدّ عليهم وفد النظام -المشارك في هذه اللجنة- كلَّ السبل، وأغلق عليهم النوافذ التي كانوا يطلّون من خلالها على الشعب السوري، ليبيعوه وهماً اسمه الحل السياسي للقضية السورية من خلال “سلّة” اللجنة الدستورية، بعد أن وضعوا كلّ “بيضهم” فيها،إمّا غباءً وإمّا تسليماً بواقعية المهزوم. !

اللجنة الدستورية،وبعد جولاتها الخمس، وبعد ثلاث سنوات من الجلسات العبثية، لم تتوصل لأية نتيجة فيها بريق أمل لحل سياسي للقضية السورية، بل كانت مهرباً للنظام المجرم وداعميه الروس، من استحقاقات تنفيذ القرار الدولي /2254 / والذي جعل من “سلّةالتغيير الدستوري” آخر سلال التفاوض وليس أولها!

لقد أعطى أعضاء وفد المعارضة المشارك في اللجنة الدستورية لأنفسهم الحق في التحدث باسم الشعب السوري، ودخلوا المحافل الدولية دون”إحم ولا دستور” ودون استئذان او تفويض من هذا الشعب الذي ابتلي ببعض المعارضين الذين خدموا أعداءه أيّما خدمة، إمّا غباءً او “قلّة خبرة”، وإمّا “قلّة حياء”، وهذا هو المرجّح!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى