دين ودنيا

لاتعصّب عند المذاهب الفقهية

المحامي محمد نادر العاني

باحث في مجال حقوق الإنسان
عرض مقالات الكاتب

أئمة المذاهب الفقهية وغيرهم من أهل العلم مجتهدون، فما أصابوا فيه لهم أجران، أجر الاجتهاد وأجر الإصابة، ومن أخطأ منهم هو مأجور أجراً واحداً على اجتهاده وبذله وسعيه لمعرفة الحقّ، وقد جاء عن الأئمة الأربعة نصوص فيها وصاياهم لغيرهم ،بأن يأخذوا بما دلّت عليه الأدلة ويتركوا أقوالهم، لكتاب الله، فقيل: إذا كان خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم يخالفه؟ قال: اتركوا قولي لخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقيل: إذا كان قول الصحابة يخالفه؟ قال: اتركوا قولي لقول الصحابة .

فورد عن الإمام أبي حنيفة أنه قال: لا يحل لأحد أن يأخذ بقولنا ما لم يعرف مأخذه من الكتاب والسّنّة ،أو إجماع الأمّة أو القياس الجلي في المسألة، وقوله: إذا صحّ الحديث فهو مذهبي

قول الإمام مالك: إنما أنا بشر أخطئ وأصيب، فانظروا في رأيي، فكل ما وافق الكتاب والسّنّة فخذوه، وكل ما لم يوافق الكتاب والسّنّة فاتركوه.

قول الإمام الشافعي: ما من أحد إِلَّا وتذهب عليه سنّةٌ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وتعزب عنه، فمهما قلت من قول أو أصلت من أصل فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلاف ما قلت، فالقول ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قولي

وقوله: إذا وجدتم في كتابي خلاف سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقولوا بسنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوا ما قلت ، وقوله إذا صحّ الحديث فهو مذهبي.

قول الإمام أحمد وقد قيل له: الأوزاعي هو أتبع أم مالك؟ قال: لا تقلد دينك أحداً من هؤلاء، ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه فخذ به، ثم التابعين بعدُ الرجلُ فيهم مخير.
وقوله: لا تقلدني، ولا تقلد مالكاً ولا الشافعي ولا الأوزاعي ولا الثوري، وخذ من حيث أخذوا

أما عن الامتداح فيما بينهم رضي الله عنهم جميعاً :

فقد روي عن الإمام أبي حنيفة كانت له مقولة يكررها دوماً ((لولا السنتان لهلك النعمان))، يريد السنتين اللتين صحب فيهما لأخذ العلم الإمام جعفر الصادق رضي الله عنه حيث لزم عنه العلم.
الشافعي قال في حق أبو حنيفة: ((الخلق كلهم عيال أبي حنيفة في الفقه وفي رواية من أراد أن يتبحر في الفقه فهو عيال على أبي حنيفة)).
قيل لمالك هل رأيت أبا حنيفة، قال: ((نعم رأيت رجلاً لو كلمك في هذه السارية أن يجعلها ذهباً لقام بحجّته)).

أما فيما قالوا عن الأمام الشافعي فقد روي عن محمد بن الحسن الشيباني تلميذ الإمام أبا حنيفة أنه قال: (إن تكلم أصحاب الحديث يوماً ما فبلسان الشافعي).
يقول أحمد بن حنبل: (كان الله تعالى قد جمع في الشافعي كل خير).

أما عن الإمام أحمد بن حنبل فقد قال حرملة بن يحيى (سمعت الشافعي يقول: خرجت من بغداد وما خلّفت بها أحدا أتقى ولا أروع ولا أفقه أظنه قال ولا أعلم من أحمد بن حنبل)).

كان الإمام الشافعي يردد الأبيات عند زيارته للأمام أحمد:

قالوا: يزورك أحمد وتزوره
قلت: الفضائل لا تغادر منزله
إن زارني فلفضله أو زرته فلفضله
فالفضل في الحالين له.

وكان الإمام أحمد يردد على الإمام الشافعي هذه الأبيات:

تحب الصالحين وأنت منهم
ومنكم يرتجى نيل الشفاعة
وتكره من تجارتهم معاصي،
وقاك الله شر البضاعة.

[أخيراً التعصب وازدراء الآخر والانتقاص من المقابل لاينم إلا عن جهل وحقد ،وأكثر مايخور قوى الأمة هو التعصب والتقليد عن جهل].

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى