مقالات

تنظيم الدولة.. آن له يعود!

محمد غسان عبدو

كاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

عند انتهاء معركة الباغوز شرق ديرالزور بين قوات قسد مدعومة من التحالف الدولي من جهة وتنظيم الدولة الإسلامية “داعش” من جهة أخرى ؛ظن الجميع أن إعلان النصر كان حقيقياً ،وأن هذا التنظيم المتشدد لن تقوم له قائمة فيما بعد ،إلا أنّ من كان يتابع  مسيرة هذا التنظيم منذ تشكله وحتى إعلان القضاء عليه كان يعلم أن هذا الأمر لم يكن صحيحاً ،فطبيعة المنطقة الشرقية في سوريا تشابه إلى حد كبير ما هي عليه غرب العراق ،فالأراضي ذات غالبية سنية تعاني من ظلم الأنظمة الدكتاتورية الطائفية، وتشكل بيئة خصبة لهذه الجماعات ناهيك أنه لا يوجد طرف من الأطراف يرغب في زوال مثل هذا التنظيم.

فالقوات الأمريكية المتواجدة في سوريا والعراق ،تفضّل بقاء التنظيم على زواله ،حيث تكتسب قواتها شرعية التواجد بحجة مقاتلة الإرهاب كما أنها تستغل ذلك الأمر في الضغط على الأطراف الأخرى، فلا يمكن للروس في سوريا التفرد في إدارة المدن والبلدات وفق هواهم، كما لا يمكن لإيران في العراق المطالبة برحيل الأمريكان لعدم قدرتهم على التغلب على مثل هذا التنظيم بأعداده الكبيرة وشراسة مقاتليه؛ كما أن الروس يستغلون تواجد تنظيم الدولة للضغط على الأتراك والأمريكان وقسد وسلبهم الأراضي التي يسيطرون عليها باستخدام فزاعة تنظيم متطرف يتحرك وفق توجيهات دولية.

اليوم يتبين حاجة الأطراف لإعادة ظهور التنظيم في سوريا بما يخدم مصالحهم، فإخراج العناصر المتطرفة من المعتقلين عند قوات التحالف بالإضافة لمئات المقاتلين المتواجدين في البادية السورية سيكون كفيلاً بتشكيل جيش قوي قادر على الإطاحة بالروس والنظام في ديرالزور بشكل كامل ؛وهو ما ستستعمله القوات الأمريكية في حال رفض الروس والإيرانيين لأي طلبات أمريكية، قد يكون منها الانسحاب من الحسكة والبوكمال في أقصى ريف ديرالزور الشرقي. هذا الأمر تناقلته وسائل إعلام موالية قائلة إن التحالف الدولي يعطي غطاء لهذه العناصر المتشددة التي تهاجم قوات النظام وحلفاءها على طريق ديرالزور دمشق ،حيث من الممكن إعادة تجميع التنظيم لقواه والسيطرة على المحافظة بشكل كامل.

من جانب آخر؛ تشهد محافظة الحسكة توتراً كبيراً بين قوات النظام وقسد، ما دفع الأخيرة إلى طلب انسحاب قوات النظام من المربع الأمني في الحسكة والقامشلي ،وهو الأمرالذي قد ترضخ له مليشيات الأسد نتيجة ضعفها في هذه المناطق ،لكن ليس بسهولة كبيرة حيث من المتوقع أن تفرج قوات النظام أيضا عن عناصر داعش المحتجزين لديها بشرط مهاجمة مليشيات قسد في الحسكة ليكون لها مبرراً للتدخل ،وإعادة السيطرة على المدينة بشكل كامل تحت ذريعة مكافحة الإرهاب.

ريف ديرالزور الجنوبي و بالأخص طريق ديرالزور دمشق يشهد مؤخراً عمليات عسكرية قتل وأصيب خلالها عشرات من مليشيات النظام والأصابع موجهة نحو التحالف ؛كما تشهد أرياف ديرالزور الشرقية و الغربية عمليات اغتيال متكررة تحمل صبغة نظام الأسد لكن تحت مسمى عمليات تنظيم الدولة ما يدل على نشاط كبير للتنظيم في أرجاء المحافظة ،قد ينتج عنه إعادة بسط قوات داعش لسيطرتها على الحسكة أو ديرالزور في القريب العاجل ،وقد تكون محافظة الرقة أيضاً ضمن هذا المخطط حيث أصبح التنظيم أداة بيد جميع الأطراف يحركونها كما يشاؤون و المتضرر الوحيد هم المدنيون القاطنون في هذه المناطق حيث سيرتكب التنظيم المتطرف أفعالاً إجرامية بحقهم في إعادة شبه كاملة لما يحدث في العراق منذ سنوات حيث يدخل التنظيم إلى هذا المناطق و يعدم العشرات من أبناء المنطقة بحجة التعامل مع النظام العراقي و التحالف لتستعيد بعد ذلك قوات الحشد و التحالف هذه المنطقة و يقتلون أبناءها بحجة التعاون مع تنظيم الدولة في مسلسل من المتوقع أن يستمر لسنوات طويلة قادمة. لكن هذه الفرضيات وعلى الرغم من إمكانية حدوثها إلا أنها ستبقى الخيار الأخير لهذه الأطراف في حال فشل تقسيم خارطة السيطرة خلال المفاوضات.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى