ثقافة وأدب

في رثاء الأحبة

شريف قاسم

شاعر سوري
عرض مقالات الكاتب

الأخ الفاضل الأستاذ المجاهد الصَّابر / يوسف طلب … أحد أعلام الدعوة الإسلامية في ديرالزور ، عاش مدرسا وفيا لرسالته التعليمية ، حفيًّا بفلذات الأكباد الطلاب الذين عاش معهم في فصولهم الدراسية ، عانى كما عانى بقية الناس من الظلم والجور ، فصبر واحتسب ، وهاجر بدينه ليعيش غريبا ، ثم ليلاقي وجه ربه الكريم الرحيم غريبا أيضا . أسأل الله له الرحمة ، وأن يحشره ربه مع الأنبياء و الصديقين و الشهداء والصالحين وحسُن أولئك رفيقا ، ولا نقول إلا مايرضي ربنا تبارك وتعالى ، وإنا لله وإنا إليه راجعون ، وإنا على فراقك يا أبا محمد لمحزونون .

يــبـكـي الـفـقـيـدَ الإخــــوةُ الأبــــرارُ

وتــئــنُ مــــن بــعــدِ الــفــراقِ ديـــارُ

وتــضــجُ ديــرالــزور يــــوم وفــاتــه

والأهــــــل والأحـــبــابُ والأخـــيــارُ

( يايوسف الطلب ) الذي افتخرت به

أيَّــــــامُ عُـــمْـــرٍ ويــحــهُــنَّ قِـــصــارُ

أمـضـيـتَـها تــدعــو لــديــنِ مُــحَـمَّـدٍ

وتــــردُّ دونِ حِـيـاضِـه مَـــن جـــاروا

لـــم تــحـنِ هـامـتَك الأبـيَّـةَ يــومَ أنْ

ألــقــتْ ضـغـائـنَ صــدرِهـا الأشـــرارُ

تــأبــى الــمـذلَّـةَ ، فـالـعـقـيدةُ عــــزَّةٌ

فــــي الـعـالـمـين ورفــعــةٌ و فــخـارُ

ونـسـجـتَـها حــلــلاً لــكــلِّ مــجـاهـدٍ

مـــــا أخَّـــرتْــكَ بــدربِــهـا الأعـــــذارُ

ورحــلــتَ عــنـهـا مــرغـمًـا لاتـنـثـني

فــسـبـيـلُـك الإيـــمـــانُ والإصــــــرارُ

وهـــي الــتـي شــهـدت مـحـيَّانا بـهـا

تــغــشـى زمـــــانَ ربـيـعِـهـا الأنــــوارُ

عــشــنـا بــديــرالـزور نــرفــعُ رايــــةً

وصــروحُـهـا فــــي الــحــقِّ لاتـنـهـارُ

تـــفـــتـــرُّ إســـلامـــيَّـــةً عـــمـــريَّــةً

يــخـشـى هــبــوبَ ريـاحِـهـا الـكـفَّـارُ

و وقـفـتَ فـيـها يــا أخـي صـلدًا فـما

هـــــزَّتْ صــمــودَ فــــؤادِك الــفـجَّـارُ

طـلـبـوك فـــي يـــوم الـوقـيـعةِ إنَّـمـا

يــحــمـي جــنــودَ الــدعــوةِ الــقـهَّـارُ

اللهُ أكـــبـــرُ إن بـــغـــوا وتــجــبَّــرُوا

ولــهـم مـــن الـحـقدِ الـبـغيضِ الـعـارُ

وبــظـلِّ ديـــنِ اللهِ عــشـتَ مـجـالـدا

ولــــك الــوفــا والــصِّــدٌقُ والإكــبـارُ

إخــوانُــك الأبــــرارُ قـبـلـك أدلــجـوا

والآخـــرون عــلـى الـطـريقةِ ســاروا

والــمـوعـد الـمـيـمـونُ جــنَّــةُ ربِّــهـم

والــــحـــورُ والـــولـــدانُ والأنـــهـــارُ

فـلـوجـهِ مــولاهـم رَنَـــتْ أبـصـارُهم

وَلْــتَــنْـعَـمِ الــنــظــراتُ والأبـــصـــارُ

هـــي هـــذه الـدنـيـا تــزولُ ويـنـتهي

مــافــي مـنـاكـبِـها وتـخـلـو الـــدَّارُ !!!

أمَّـــا الـنَّـعيمُ فـفـي الـجِـنانِ خـلـودُه

والــخــيـرُ بــيــن قــصـورِهـا زخَّــــارُ

والـقـلبُ يـحـزنُ يــا أخــي لـفـراقِكم

والــعـيـن يــجــري دمـعُـهـا الــمـدرارُ

والأُنــسُ فــي الـدنـيا سـويـعةُ نـزهةٍ

تُــطــوَى ولــيــس لـسـفـرِهـا إظــهـارُ

فــي الـدير : ديـرالزورِ مـاتَ صِـحابُنا

والأنــــسُ فــــي الــدنـيـا لـــه إدبـــارُ

هـــم مــوكـبُ الـقـيـمِ الأثـيـرةِ إنَّـهـم

لــلــنـاسِ رغــــم الــدَّاجـيـاتِ مــنــارُ

كــانـوا وكـنـتَ أخــا الـمـآثرِ والـنُّـهى

حـــقــلا ونـــفــحُ ظـــلالِــه مــعــطـارُ

كـنـتـم وربِّ الــعـرشِ زيــنـةَ ديـرِكـم

والـــدَّيــرُ أهـــــلُ بــيـوتِـهـا أحـــــرارُ

عـشـتُـم تـعـيـدون الـفـضـائلَ سـيـرةً

نــبــويَّـةً شـــهــدتْ لـــهــا الأمــصــارُ

لاتـرتـضـون الـضَّـيمَ خـيَّـمَ كـالـدجى

أو تُــرتَـضـى فــــي الــسـيـرةِ الأوزارُ

أو تــركــنـون لــظـالـمٍ فــــي عــهــدِه

نـــــالَ الــجــنـاةُ الأمـــــرَ والــفــجَّـارُ

يـايـوسـفُ اسـتـبـشرْ بـرحـمةِ راحــمٍ

فــلـكـم مــــن اللهِ الـعـظـيـمِ جِــــوارُ

لـــكــمُ الـمـثـانـي مــنـهـجٌ و رســالــةٌ

والـــسُّـــنَّــةُ الــــغــــرَّاءُ والأذكـــــــارُ

هـاهـم وقــد ظـهـرَ الـفـسادُ وسـوقُـه

وهــــو الــهــوى والــعــودُ والـمـزمـارُ

صـحـفٌ سـيـطويها الـردى ، ومـردُّها

يــــومَ الــحـسـابِ وتُـنـشـرُ الأســـرارُ

لــو يـعـلمُ الـسـفهاءُ ســوءَ مـصيرِهم

لَــبَـكـوا دمًــــا ولــهــم هــنــاك الــنَّـارُ

فـاهـنأ أخــي بـجـوارِ أحـمدَ لـم يـزل

يـــأتـــي إلـــيــه الإخـــــوةُ الأبـــــرارُ

وَلَــكَـم فُـجِـعـنا يـــا أخـــي بـوفـاتهم

و وفـــــــــاةِ آلافٍ لـــــهــــم تــــــــزآرُ

فَــهُـمُ الأســـودُ أســودُ ديــنِ مُـحَـمَّدٍ

ولـــهــم بــنــجـداتِ الـــوغــى آثــــارُ

سـيـعودُ ديـنُ اللهِ يـحكمُ فـي الـورى

ولــــــه جـــنـــودٌ ركــبُــهــم جــــــرَّارُ

إســلامُـنـا ولــــه الــلـواءُ كــمـا تـــرى

فـــــي الـعـالـمـيـن رفــيـفُـه والــغــارُ

قــــــد لاحَ خــفَّــاقًــا يــبــشِّـرُ أمَّـــــةً

أن جــــاءَ مـــن بــعـدِ الــظـلامِ نــهـارُ

ولآلـــــك الأخـــيــارِ جــــاءَ عــزاؤُنــا

وبـــــه الـــمــودةُ يــــا أُخَــــيَّ تُــثــارُ

يــرعـاهـمُ الــبــاري ويـكـلـؤُهـم بــمـا

يــرعــى الــقـلـوبَ الــرَّاحــمُ الـغـفَّـارُ

لـــــكَ ، لــلـدعـاةِ ، ولــلأُبــاةِ مــكـانـةٌ

عـــلـــويَّـــةٌ ونــشــيــدُهــا هــــــــدَّارُ

ولـكـلِّ أهـلِ الـفضلِ فـي زمـنٍ طـغى

ســيــلُ الــفـسـادِ وعــجَّــتِ الأكـــدارُ

إذ فــازَ فـيـه الـمـؤمنُ الأتـقـى ومَــن

هـــــو بــالـهـدى مـسـتـعـصمٌ صــبَّــارُ

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. قصيدة جميلة حزينة صادقة لشاعر أصيل من أبناء ديرالزور الأستاذ شريف قاسم خطيب مساجد ديرالزور لأكثر من عشرين عاما قبل خروجه من سوريا ، وهو أخ وفي للأستاذ الشيخ يوسف طلب يرحمه الله ، وكانا لايفترقان ، ولشاعرنا قصائد رثاء عديدة لكثير من إخوانه الذي استشهدوا في هذا العهد المجرم ، والأخ المرحوم الشيخ يوسف يستحق التقدير لمواقفه الكريمة دفاعا عن عقيدته وإخوانه :
    ( يايوسف الطلب ) الذي افتخرت به

    أيَّــــــامُ عُـــمْـــرٍ ويــحــهُــنَّ قِـــصــارُ

    أمـضـيـتَـها تــدعــو لــديــنِ مُــحَـمَّـدٍ

    وتــــردُّ دونِ حِـيـاضِـه مَـــن جـــاروا

    لـــم تــحـنِ هـامـتَك الأبـيَّـةَ يــومَ أنْ

    ألــقــتْ ضـغـائـنَ صــدرِهـا الأشـــرارُ

    تــأبــى الــمـذلَّـةَ ، فـالـعـقـيدةُ عــــزَّةٌ

    فــــي الـعـالـمـين ورفــعــةٌ و فــخـارُ

    ونـسـجـتَـها حــلــلاً لــكــلِّ مــجـاهـدٍ

    مـــــا أخَّـــرتْــكَ بــدربِــهـا الأعـــــذارُ

    ورحــلــتَ عــنـهـا مــرغـمًـا لاتـنـثـني

    فــسـبـيـلُـك الإيـــمـــانُ والإصــــــرارُ
    رحمك الله فقيدنا الغالي ، وأسكنك جنة الفردوس

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى