ثقافة وأدب

خاطرة – غزّة اليوم

فيصل عكلة

صحفي سوري
عرض مقالات الكاتب

فور سماعها لصوت البائع الجوال وهو ينادي بصوته المتقطع و المبحوح:
اللي عندها بيض للبييييع ..!
تحمل خالتي قفة القش الصغيرة وقد حشرت بها عشرات البيضات ،بعد أن فرشت أرضها بالتبن الناعم
يعرض عليها البائع شراء ما يحمل على ظهر (طنبره) الخشبي من كبات السلوك ،أوالأمشاط أو الحنا و لكنها ترفض و تصرّ على قبض الثمن نقدًا ..
يفتح البائع عقدة كيس المصاري المعلق في زناره على مضض، ويخرج منه ملء يده ، لينقد خالتي المبلغ فرنكين فرنكين ،ويختم الحساب بتسليمها نصف فرنك الأخير، و يقسم إنه أعطاها سعرًا لن تجد مثله و لو دارت الخافقين ….
تدخل خالتي البيت متوارية عن أطفال الدار، وتضع ما تحمل من نقود في طاسة صغيرة إلى جانب (الامضاي على الوجاق الأبيض) وتنتظر سحابة النهار لتستمع إلى صوت المؤذن وهو يدعو إلى التبرع لأهل فلسطين ولمنظمة التحرير ،ولكن يطول انتظارها ،وترفض كل طلبات الأبناء أن تصرف فرنكاً واحدًا من المبلغ فإخوتها في فلسطين أحق بذلك ..!
تذكرت خالتي و انا استمع إلى قادة ( حماس) يقفون في صف من قتل أبناء خالتي و دمّر بيتها ، ويصفون المجرم سليماني بالشهيد ..
الحمد لله أنّ خالتي رحلت قبل أن ترى أو تسمع ما حلّ بنا ، ويقينها أن كل فرنك تبرّعت به وصل لمن يستحق ..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى