مقالات

مشكلتنا في الرياض وليست في صنعاء!

محمد الخامري

كاتب ومحلل سياسي يمني
رئيس تحرير صحيفة إيلاف اليمنية
عرض مقالات الكاتب

أعتقد اننا ونحن على أعتاب السنة السابعة من الحرب العبثية والدمار الممنهج لكل شيء في حياتنا نحن اليمنيين، وتفتيت بلادنا وضياع أجزاء غالية منها كسقطرى وبعض المحافظات الأخرى في الطريق؛ وجب علينا ان نعود إلى العقل، وان نبتعد عن الفجور في الخصومة وان ننبذ المناكفات السياسية التي أوردتنا المهالك وقتلتنا وأضاعت بلادنا، وأصبحت قياداتنا مثلاً عالمياً للارتزاق والارتهان وتجارة الحروب..!!

الخطوة الأولى في طريق الإصلاح واستعادة الدولة وانهاء الحرب هي الصدق في قراءة المشهد العبثي القائم، وفرز الصح ونقد الخطأ وفق بوصلة اليمن لابوصلة العاطفة والهوى التنظيمي الحزبي، او الفكري الايدولوجي، الذي دمر اليمن وزاد من تشظي مجتمعه وتفتيته.. حينها فقط يمكن ان نساهم في استعادة الدولة ومؤسساتها وترميم النفوس وإعمار اليمن وفق المصالحة الوطنية الشاملة التي لا تستثني أحد..

مادعاني لكتابة هذا المقال هو تصنيف الادارة الجمهورية الاميركية المغادرة جماعة الحوثيين ضمن الجماعات الارهابية في قوائمها الخاصة، ودغدغة عواطف البُلهاء بذلك القرار الذي سيدخل حيز التنفيذ آخر يوم من ايامها في البيت الأبيض 19 يناير الجاري، والذي سيتم فيه آخر اجتماع للجان الكونجرس الحالية بأغلبيته الجمهورية، وآخر يوم لترامب في البيت الابيض..

لأولئك الراقصون وراء سراب القرار الاميركي أقول: إنكم تكررون نفس الرقصة منذ ست سنوات بغباء منقطع النظير كلما سمعتم خبرا يستهدف خصمكم ويطربكم، دون التدقيق فيه والبحث في جدواه وجديته بالنسبة لليمن واليمنيين وليس لكم وللحوثي..

أخطر ماورد في القرار ومارحب به الراقصون هو إدراج الثلاث الشخصيات الرئيسية فى الجماعة على قائمة الإرهاب الدولي، وهم عبدالملك الحوثي، وشقيقه عبدالخالق الحوثي قائد ألوية الحرس الجمهوري والقوات الخاصة والمنطقة المركزية العسكرية فى صنعاء، وعبدالله يحيى الحاكم الشهير بـ”أبو على الحاكم” قائد الجناح العسكري للجماعة وأحد أبرز قياداتها العسكرية..
عندما ندقق قليلاً في هذه الاسماء نجد انه سبق وضعها على قائمة العقوبات الاممية بقرار مجلس الأمن منذ العام 2014 وهي القائمة الملزمة للعالم أجمع، فما الذي حصل؟!

لنفكر قليلاً: ماذا خسرت تلك القيادات الحوثية وماذا نال منها ذلك القرار الأممي الذي يعتبر أمضى وأكبر وأعم وأشمل من اللائحة الاميركية الخاصة بها كدولة فقط..!!
كما أن نفس الأسماء الثلاثة مدرجة على قائمة التحالف العربي منذ عدة سنوات، وبمكافآت مرصودة بملايين الريالات، فماذا استجد في الأمر..

بالمختصر الشديد جداً..
مشكلتنا أيها الأعزاء في الرياض وليست في صنعاء، مشكلتنا في الديوان الملكي واجندته التاريخية ضد اليمن أولاً، ثم في فندق الريتز وغيره من الفنادق التي يقيم فيها من سلموا الجمل بما حمل للسعودية واسترخوا في أجنحتهم الأثيرة، وحصروا مسئولياتهم في تكديس المبالغ المالية التي يحصلون عليها من اللجنة الخاصة، وتجارة الحرب التي يديرونها عبر مواقع التواصل الاجتماعي، وإنشاء الإدارات الشكلية للحكومة والبرلمان ومجلس الشورى وسلطات الدولة المختلفة في أجنحة تلك الفنادق، والتحرك وفق أجندة الكفيل والممول والمانح ومن بيده القرار..!!

الرياض التي تقدم نفسها كحمل وديع امام صلف وعنجهية وعبثية ربيبتها المدللة الامارات في تفتيت اللحمة الوطنية، ودعم المليشيات المتمردة، والسيطرة على المنشآت الحيوية، واحتلال سقطرى وماخفي كان أعظم، تبارك كل ذلك العبث، ثم تكمل الدور العبثي كمصلح اجتماعي وطرف ثالث فاعل خير لاستدعاء واستضافة زعماء تلك المليشيات في أرقى فنادقها ومساواتهم برئيس الدولة، وأكل جزء من شرعيته الدولية لصالح تلك الجماعات المتمردة، بل وتقويتهم والوقوف إلى جانبهم في كل مايقومون به من خروقات قانونية، وجرائم دستورية جسيمة، وخيانة وطنية يجب محاسبتهم لامكافأتهم عليها بتقاسم الدولة وشرذمتها تحت علمين وقيادتين وسلطتين، شكلية وواقعية..

أسأل اولئك المهللين للعقوبات الاميركية غير المجدية على الحوثيين، ماهو الفرق بين الحوثيين والانفصاليين التابعين والممولين من الامارات.. كِلا الجماعتين اعلنتا انقلابهما على الدولة وشرعيتها القائمة بل وطردها، الأولى من صنعاء والثانية من عدن، وكلاهما تعبثان بالمواطنين وتقتلان المدنيين..!!
الحوثيون يحتلون العاصمة صنعاء، والانفصاليين احتلوا العاصمة المؤقتة عدن..!!
لجماعتان تمارسان نفس العبث، بخطوات مدروسة وكأن المخرج واحد..
الحوثيين نهبوا البنك المركزي والانفصاليين فعلوا نفس الجريمة، لافرق بينهما..!!
الجماعتان تملكان سجونا سرية خاصة، وترسانة أسلحة متطورة؛ تستعرضانها بطريقة بشعة لتخويف المواطنين، وتمارسان بطشاً سلالياً في صنعاء ومناطقيا في عدن، وتتبعان مرجعية خارجية غير يمنية، ايرانية واماراتية، فلماذا تقوم السعودية بدعم تلك ومحاربة الأخرى التي دعمتها في السابق وأوصلتها إلى صنعاء..

حينما نستطيع ان ننتقد ونندد بما يجري في عدن من انقلاب على الدولة ومطالبة بالانفصال ونفي الهوية اليمنية، ورفع علم دولة بائدة؛ بل ومعاقبة من يرفع علم الجمهورية، وتفخيخ المجتمع وتسهيل سيطرة الامارات على سقطرى والمنشات الحيوية، كما نفعل مع مايجري في صنعاء، حينها فقط يمكن ان ننتصر لليمن، لأن الخطأ خطأ بغض النظر عن مرتكبه..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى