مقالات

كيفما تكونوا يكون حكامكم!

أ.د فؤاد البنا

أكاديمي ورئيس منتدى الفكر الإسلامي
عرض مقالات الكاتب

بين التغيير الرأسي والأفقي علاقة وثيقة، فكل واحد منهما يؤثر في الآخر ويتأثر به، ومع أن دور الحكام كبير وخطير في إصلاح المجتمعات أو إفسادها؛ نظراً لما يمتلكونه من إمكانات مادية ومعنوية ضخمة، لكن تجارب التأريخ تؤكد أن الحكم الراشد لا يمكن أن يظهر في مجتمع غير راشد، وقد لاحظنا وضوح تاثير التوجهات الجماهيرية على الحكام حتى على مستوى الخلافة الراشدة نفسها، فقد كان هناك فرق واضح بين عصر أبي بكر وعمر وبين عصر عثمان وعلي، إذ أدى تراجع منسوب الوعي والإيمان إلى تراجع منسوب الرشد في عهد عثمان وعلي؛ وذلك بسبب استشهاد كثير من كبار الصحابة وموت بعضهم وانتقال آخرين إلى الأقاليم، مع وفود أناس حديثي عهد بالإسلام من أطراف الدولة إلى المدينة المنورة.

ويُعبر عن هذا التراجع ودور المجتمع في ذلك قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه لمن سأله عن سر انتشار الفتن في عهده على عكس ما كان عاليه الوضع في عهد عمر، حيث رد عليه قائلا: “لأن رعية عمر كانوا مثلي بينما رعيتي مثلك”!
وتُعبر عنها أيضاً مقولة أحد خلفاء بنى أمية لرعيته المطالبين له بأن يسير فيهم سيرة أبي بكر وعمر، فقد قال لهم: “أيها الناس ما أنصفتمونا حينما تطالبونا بأن نسير فيكم سيرة أبي بكر وعمر ولم تسيروا فينا سيرة رعية أبي بكر وعمر”!
ويبدو أننا سنعكس المقولتين المأثورتين ونجمعهما بما يؤكد ضرورة التكامل بين التغييرين الفوقي والتحتي، فالحكام على دين شعوبهم، وكيفما تكونوا يكون حكامكم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى