منوعات

تفاهات أم ابداعات يوتيوبية ؟

هاني العثمان – ناشط إعلامي

ظهرت منصة التواصل الاجتماعي ” اليوتيوب ” لعرض الفيدوهات منذ 16 عامًا ،ومع تطور وسائل الاتصال والخدمات الإعلانية وشركات الانتاج ، أصبحت هذه المنصة مصدر رزق للبعض من خلال صناعة محتوى يصل لفئات عمرية، أو لجمهور معين يتابعون هذا اليوتيوبر أو ذاك .
و بالنتيجة يحصد صانع المحتوى ” اليوتيوبر ” على أرباح معينة وفق شروط يضعها اليوتيوب بعرض اعلانات أو ترويج منتجات فقط عندما نشاهد هذا المحتوى.

إن عالمنا العربي لم يكن بعيدًا عن عجلة التواصل وتزايد الشبكات العنكبوتية والمواقع الالكترونية ،فظهر آلاف الأشخاص من صانعي المحتوى يحاولون تقليد أو التفرد بعرض فيدوهات هادفة ؛ولكن للأسف الجيل العربي الحالي لم يكن كسلفه وفقد جزءًا من قيمه إرضاء لشهوة ما أو عقدة نقص، وبحثًا عن شهرة و أضحى كالببغاء يقلد شخصيات غربية
ساذجة أو تافهة لتكون أنموذجًا او قدوة يقتدي بها الشباب العربي.

وأنا هنا لا اتطرق لقنوات معينة أو أسماء لمعت في هذه المنصة ،ولكن اتطرق للمحتوى الذي يقدمونه فمثلًا ظهرت قنوات تقدم مقالب سخيفة او ساخرة مع وجود ابتذال يقوم فيها الأشخاص بإذلال أنفسهم حتى يجعلوا المشاهد يضحك ! وظهرت قنوات الطبخ والنفخ بالآلاف وليست لتعليم الطبخ ، بل للنهم والتفنن باصدار أصوات الطعام بشكل مقزز من قبل هؤلاء النهمين ، أو مسابقات لمن يأكل أكبر كمية من الطعام ،بينما تموت شعوب كاملة من الجوع في المخيمات ،وهؤلاء ليس همهم سوى الاعجابات وعدد المشاهدات وإرضاء غرائزهم وبالتالي جنيهم للمال .
علاوة على ذلك فتيات يلعبن ألعاب صبيانية أو حتى العاب القتال التي توجد في متاجر الألعاب الألكترونية،ويقمن بالاتصال مع شباب وتشكيل شبكات للألعاب الافتراضية ،وتوثيق هذه الألعاب عبر فيدوات حصدت ملايين المشاهدات !
بل وزادت التفاهة لأن يقوم بعض “اليوتيوبرز “بعرض حلقات لمعرفة جنس مولوده قبل ولادته ،ودفع الآلاف من الدولارات كي تقام له حفلة في برج شهير، وهو يدّعي بالثورة وصلاً ! ولا يكتفي بهذا بل يقوم بعرض حلقات عن يومياته مع زوجته واصدقاء زوجته على أساس أنها مقالب ويوثقون حياتهم وتفاصيلها للعامة..

لقد عرف الغرب من أين تؤكل الكتف وكيف يشن هذه الحرب لغسيل أدمغة الشباب وتخديرهم
بل ان الغرب يحارب العقول النيرة التي تحث فئة الشباب على الوعي واستعادة مجدهم وثقافتهم, من خلال حظر محتواهم الهادف او تقييده او لفت النظر للفئة التافهة ودعمها على حساب الفئة الواعية.
من خلال متابعتي لبعض القنوات الهادفة أرى نسبة قليلة جدا ممن يتابع هذه القنوات و اقصد التدريبية والتوعوية أو الدعوية فتكون النسبة لظهور القنوات المميزة لا تتجاوز 10 بالمئة وحتى متابعي هذا القنوات هم باحسن الاحوال بالآلاف بينما حصدت قنوات الانحلال والوضاعة على مئات
ملايين المشاهدات.
لنقر أنّ هذه المنصة ضرورية جدًا في يومنا ، ولكن بشرط أن نحسن استثمارها في نشر الوعي والإعلام الهادف المسؤول الذي يشحن الهمم ،وينير العقول ،ويزودها بما يلزم لاكتساب الابداع الذي سينعكس على الأسرة الصغيرة والمجتمع الكبير ، وهذا يتطلب من كل شخص يدرك خطورة قنوات التفاهة ،أن يقوم بحظر قنوات التفسخ والانحلال ولا يشاهدها كي لا تزيد مأساتنا وتخلفنا أكثر، وهذا ليس تزمتًا بل حفظًا على الأسرة التي هي نواة المجتمع ، ومن حقّ الإنسان الفرح وأن يبحث عمن يروح عن نفسه سواء بمشهدة الكوميديا، أو يتثقف من خلال القنوات تعليمية ،أو يمضي وقتًا في التسلية من خلال قنوات ألعاب وغيرها ، ولكن لا يكرس وقته كله للهو واللعب ، أو أن يقتدي بمن ذكرنا ويروج لهم ،ويزيد من أرباحهم وينسى دعم قنوات العلم والمعرفة والترويج لها لزيادة الوعي ،وحس المسؤولية لهذا الجيل العربي الواعد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى