مع المصطفى صلى الله عليه وسلم في محبته – 22 من 27 – من شهد لهم الرسول بالحب
المبحث السابع
من شهد لهم الرسول بالحب
ولا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم أحب أصحابه وأحبوه، وقد صّرح النبي صلى الله عليه وسلم بحبه لعدد من أصحابه، ومن هؤلاء:
الصديق والفاروق:
يأتي في مقدمة من صرح النبي صلى الله عليه وسلم بحبهم الصديق والفاروق، فعَنْ أَبِي عُثْمَانَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعَثَ عَمْرَو بْنَ العَاصِ عَلَى جَيْشِ ذَاتِ السُّلاَسِلِ، قَالَ: فَأَتَيْتُهُ فَقُلْتُ: أَيُّ النَّاسِ أَحَبُّ إِلَيْكَ؟ قَالَ: «عَائِشَةُ» قُلْتُ: مِنَ الرِّجَالِ؟ قَالَ: «أَبُوهَا» قُلْتُ: ثُمَّ مَنْ؟ قَالَ: «عُمَرُ» فَعَدَّ رِجَالًا، فَسَكَتُّ مَخَافَةَ أَنْ يَجْعَلَنِي فِي آخِرِهِمْ[1].
علي بن أبي طالب:
ويأتي علي رضي الله عنه في المقدمة كذلك من شهد لهم النبي صلى الله عليه وسلم، فعن سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ خَيْبَرَ: «لَأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلًا يَفْتَحُ اللَّهُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ» ، قَالَ: فَبَاتَ النَّاسُ يَدُوكُونَ لَيْلَتَهُمْ أَيُّهُمْ يُعْطَاهَا، فَلَمَّا أَصْبَحَ النَّاسُ غَدَوْا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يَرْجُو أَنْ يُعْطَاهَا، فَقَالَ: «أَيْنَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ» . فَقِيلَ: هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ يَشْتَكِي عَيْنَيْهِ، قَالَ: «فَأَرْسَلُوا إِلَيْهِ» . فَأُتِيَ بِهِ فَبَصَقَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عَيْنَيْهِ وَدَعَا لَهُ، فَبَرَأَ حَتَّى كَأَنْ لَمْ يَكُنْ بِهِ وَجَعٌ، فَأَعْطَاهُ الرَّايَةَ، فَقَالَ عَلِيٌّ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أُقَاتِلُهُمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَنَا؟ فَقَالَ: «انْفُذْ عَلَى رِسْلِكَ حَتَّى تَنْزِلَ بِسَاحَتِهِمْ، ثُمَّ ادْعُهُمْ إِلَى الإِسْلاَمِ، وَأَخْبِرْهُمْ بِمَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ مِنْ حَقِّ اللَّهِ فِيهِ، فَوَاللَّهِ لَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا، خَيْرٌ لَكَ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَكَ حُمْرُ النَّعَمِ[2]».
الحسن والحسين:
فعَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَنَّهُ كَانَ يَأْخُذُهُ وَالحَسَنَ وَيَقُولُ:”اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا[3]“.
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ” مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي ” يَعْنِي حَسَنًا وَحُسَيْنًا[4].
وعَنْ البَرَاءِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبْصَرَ حَسَنًا وَحُسَيْنًا فَقَالَ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أُحِبُّهُمَا فَأَحِبَّهُمَا[5]».
زيد بن حارثة وولده أسامة:
وممن ذكر النبي صلى الله عليه وسلم محبته لهم أسامة بن زيد وأبيه زيد بن حارثة، فهو الحِب بن الحِب، فعَنْ عَائِشَةَ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، أَنَّ قُرَيْشًا أَهَمَّهُمْ شَأْنُ المَخْزُومِيَّةِ، فَقَالُوا: مَنْ يَجْتَرِئُ عَلَيْهِ إِلَّا أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ حِبُّ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [6].
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعْثًا، وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ أُسَامَةَ بْنَ زَيْدٍ فَطَعَنَ بَعْضُ النَّاسِ فِي إِمَارَتِهِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَنْ تَطْعُنُوا فِي إِمَارَتِهِ، فَقَدْ كُنْتُمْ تَطْعُنُونَ فِي إِمَارَةِ أَبِيهِ مِنْ قَبْلُ، وَايْمُ اللَّهِ إِنْ كَانَ لَخَلِيقًا لِلْإِمَارَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ، وَإِنَّ هَذَا لَمِنْ أَحَبِّ النَّاسِ إِلَيَّ بَعْدَهُ[7]».
وعند ابن أبي شيبة في مصنفه: قَالَتْ عَائِشَةُ: مَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يُبْغِضَ أُسَامَةَ، بَعْدَمَا سَمِعْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «مَنْ كَانَ يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَلْيُحِبَّ أُسَامَةَ[8]».
معاذ بن جبل:
ومنهم كذلك معاذ بن جبل رضي الله عنه، ويخبر مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ بِيَدِهِ يَوْمًا، ثُمَّ قَالَ: “يَا مُعَاذُ إِنِّي لَأُحِبُّكَ”. فَقَالَ لَهُ مُعَاذٌ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ وَأَنَا أُحِبُّكَ. قَالَ: ” أُوصِيكَ يَا مُعَاذُ لَا تَدَعَنَّ فِي دُبُرِ كُلِّ صَلَاةٍ أَنْ تَقُولَ: اللهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ[9]“.
عقيل بن أبي طالب:
ومنهم كذلك عقيل بن أبي طالب، وقد أحبه النبي صلى الله عليه وسلم لسببين، وأخبره بذلك قائلا له: “أَبَا يَزِيدَ إنِّي أُحِبُّكَ حُبَّيْنِ، لِقَرَابَتِكَ مِنِّي، وَحُبٌّ لِمَا كُنْتُ أَعْلَمُ مِنْ حُبِّ عَمِّي إِيَّاكَ[10]“.
[1] رواه البخاري في المغازي (4358) ومسلم في فضائل الصحابة (2384).
[2] رواه البخاري في المغازي (4210) رواه مسلم في فضائل الصحابة (2405) عن أبي هريرة.
[3] رواه البخاري في المناقب (3747).
[4] رواه أحمد في المسند (7876) وقال محققو المسند: إسناده قوي.
[5] رواه الترمذي في أبواب المناقب (3782) وصححه الألباني في الصحيحة (2789).
[6] رواه البخاري في المناقب ( 3732).
[7] رواه البخاري في المناقب ( 3730) ومسلم في فضائل الصحابة (2426).
[8] رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (6/ 392).
[9] رواه أحمد في المسند (22117) وقال محققو المسند: إسناده صحيح.
[10] رواه الطبراني في الكبير (17/ 191) والحاكم في مستدركه (3/ 667) وصحح إسناده وسكت عنه الذهبي.