مقالات

كمال و جمال والكوميديا السوداء..

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

“كمال اللبواني” صاحب الخطوات الاستباقية، التي تبعث على الحيرة والدهشة، بين راديكالية ثورية مزعومة ،وديموقراطية مايعة، وخطوات جريئة ملتبسة ومنها زيارته التاريخية لإسرائيل بدافع واقعية التطبيع، والتي أدت إلى طرده من صفوف المعارضة، ابن منتديات ربيع دمشق التي أودت به -مع ثلة من رفاقه- في غياهب سجون النظام ولسنوات، “كمال” هذا، هو الآن يقبع في “مطبخه الثوري” في مكان ما، ويقوم بقصف مركّز واستباقي للكثير من المعارضين السوريين الذين يتصدرون واجهات “المنصات” وهيئات التفاوض، وقد كانت آخر قذائفه موجهة للفنان”جمال سليمان” الذي يتصدر هو الآخر واجهة “منصّة القاهرة” التي تُصنف بأنها منصةٌ مرضيٌّ عنها، ولا تمثل تهديداً حقيقياً للنظام المستبد في دمشق، ويمكنه كسبها واستيعابها وإخراجها من بين صفوف المعارضة الثورية. “جمال” هذا، استوعب قصف “كمال” وامتص الصدمة، وردّ على القصف بقصف مماثل، شهدت له ساحات الشبكة العنكبوتية.
الإثنان، نشرا غسيلهما “……..” على حبال المواقع والصفحات،وكل منهما أثبت بأن لديه دلائل على عمالة الآخر وشواهدعلى خيانته وارتباطاته المشبوهة، وإنّه لشيء مؤسف فعلاً !

الحقيقة أنني، وبعد مشاهدتي واستماعي لكل منهما، اعتزمت ألّا أكتب في هذا الموضوع الذي يبعث على “الاشمئزاز” من هكذا معارضين يدّعون حرصهم على قضية شعبهم، حيث قررت ألّا انكأ جرح الخلافات، لا سيما بعد المصالحة الخليجية الأخيرة التي أنهت حرب “البسوس” المعاصرة و”داحس والغبراء” بإخراجها الأمريكي، ولكن الذي أعاد الموضوع إلى ذاكرتي هو “فيلم إيراني” شاهدته على قناة اليوتيوب يوم أمس اسمه “سرقة رومنسية” بطلاه شخصان اسمهما”كمال وجمال”،والفيلم أقرب إلى سينما الكوميديا السوداء، وملخص قصته: شخصان من عائلة واحدة-أولاد عمومة- نشأآ سوية على السرقة، ولكنهما كانا سيئآ الحظ، فكلما قاما بالسرقة يقعان في قبضة الشرطة، ويُزج بهما في السجن، حتى أصبحا من زبائنه الدائمين!

وهنا لا بدّ من الإشارة إلى أنني -ومنذ فترة ليست بالقصيرة- وأنا أشاهد أفلامًا من السينما الإيرانية، حتى أنني- ولا أخفيكم سرّاً -أعجبت بمواضيعها وأداء ممثليها، فهي سينما متطورة وجادة، غير مبتذلة تتناول مواضيع ومشاكل اجتماعية منها موضوع الإدمان على المخدرات-في طهران وحدها هناك مليونين مدمن – وكذلك العلاقة بين الرجل والمرأة ،للبحث عن حلول لهذه المشاكل في إطار مدني، في محاولة ناقدة للقوانين التي تسود قضاء “محاكم الملالي”حيث ً ينتهي الفيلم غالباً دون نهاية محددة لكي يترك للمشاهد حرية التفكير في الحل المناسب، أمّا أفلامهم التي تتحدث عن الحرب “العراقية الإيرانية” فأنا لا أتابعها نهائياً لما فيها من ادعاءات كاذبة عن بطولات جيشهم وحرسهم الثوري ، كما أنها تظهر الجيش العراقي معتدياً تم التصدي له وكسر شوكته، ودفع مرغماً على وقف الحرب، وهذا عكس الذي حدث تماماً ، فقد هُزمت جيوشهم واندحرت وتجرّع فيها”إمامهم”كأس المهانة والهزيمة، ولكن- ومع شديد المرارة والأسف- لم نستطع نحن العرب استثمار النصر، في حين استطاع الإيرانيون تحويل الهزيمة إلى نصر حتى ولو كان مزعوماً، وعلينا أن نقرّ بأننا إذا ما بقينا على هذه الحال التي يتصدر فيها مشهد المعارضة أمثال”كمال” و”جمال”،فإننا سنبقى هكذا في دوّامة المهاترات والتشظي حتى تضيق بنا ساحة العمل الثوري، وننتقل منها
إلى فضاءات التخوين والعمالة ، إلى أن يقضي الله امراً كان مفعولا، ويهيّئ لهذا الوطن جيلاً آخر يأتي بنصره على أعدائه ويحقق
له ما عجزنا نحن عن تحقيقه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى