منوعات

حوار صريح مع اللاعب الدولي السابق هشام خلف

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

علم من أعلام سورية، نشأ، ونما، وترعرع على ضفاف الفرات، ترك بصمة مضيئة، وحفر اسمه بحروف من ذهب على المستطيل الأخضر، فكان مهندساً، وفناناً، وهدافاً، وقد اختير من أفضل عشرة لاعبين في العالم في كأس العالم للشباب في الدمام 1989 ، وقدّمت له عرض احترافية من اليونان وبريطانيا.

وبما أن الجماهير هي التي تصنع اللاعبين ، فقد كان وفياً، ومخلصاً لجماهيره العريضة، فلم يتوان لحظة بالانضمام إلى ثورتهم المباركة ثورة الحرية والكرامة، منافحاً، ومكافحاً، بالأدوات التي يمتلكها.

إنه اللاعب والكابتن ثم المدرب هشام خلف.

رسالة بوست استضافته وكان لها هذا اللقاء معه:

     **مسيرة سنين طويلة من العطاء الرياضي لا يمكن تغطيتها بسؤال أو حوار.

هل يمكن أن تختزل لنا تلك المسيرة، وتسلط لنا الضوء على أهم المحطات، من النشأة إلى التشكل إلى التألق؟

*** تدرجت في نادي الفتوة ولعبت في جميع الفئات (ناشئين- شباب- رجال) ومنتخب سورية بجميع فئاته أيضًا (ناشئين- شباب-رجال-أولمبي-المنتخب الأول). حصلنا على بطولتي الدوري مع نادي الفتوة، وأربع بطولات جمهورية، وعلى كأس الكؤوس لمرتين، ومرة لكأس سورية ولبنان، وقمت بمشاركتين لبطولات الأندية العربية والآسيوية.

وأهم إنجازاتي مع المنتخب هو المركز الثاني على آسيا لعام 1988، وأيضًا التأهل لنهائيات كأس العالم للشباب، وحظيت بمشاركتين لتصفيات كأس العالم لعامي 1990 و1994 وبمشاركة بالتصفيات الأولمبية في برشلونة لعام 1992 ،وبمشاركتين مع المنتخب الأول في تصفيات كأس آسيا.

كما أنني احترفت في الكويت في ناديي التضامن والنصر ، ونلنا المركز الثاني ببطولة الدوري مع النصر ، وفي لبنان بنادي الهومتنمن ، ومحليًا مع نادي تشرين، تم اتجهت للتدريب مبكرًا دربت نادي الفتوة لعدة سنوات، ونادي الميادين ، ونادي الوثبة لموسمين، وحصلت على لقب أفضل مدرب في دورة تشرين العربية التي شارك فيها مدربون وفرق عربية بالإضافة لمدربين أجانب، كما أني اخترت من بين أفضل عشرة لاعبين على مستوى العالم عن فئة الشباب في نهائيات كأس العالم التي أقيمت في الدمام عام 1989.كما دربت نادي العربي الأردني .

**  كنا نتابع الدوري السوري في الثمانينيات والتسعينيات أيام وجودكم في الملاعب، وكان نادي الفتوة يقوم بالشغب، والمخالفات القانونية.

كيف تفسر لنا ذاك السلوك؟ وهل هو بذور ثورة برأيكم؟ أم تهور وعدم مسؤولية من بعض اللاعبين؟

***    نستطيع القول إنه نتيجة الظلم، والتهميش الذي تعرض له البلد.

 تصور وجود مدينة بدون جامعات، ولا بنى تحتية حقيقة، فالمدينة كانت تتعرض لحرب حقيقية، ولا تقدم لها أي خدمات تذكر أسوة بباقي المحافظات، وذلك بتهمة أن ولاء المحافظة للعراق، بسبب وقوف أهل الدير أيام أحداث الثمانينات ضد المقبور حافظ الأسد؛ لذلك استهدفوا البلد وعملوا على محاربتها، فكان هذا الوضع يولد لدينا طاقة إيجابية لإثبات أنفسنا ،حتى جمهورنا كانت أهازيجه جميعها تعبر عن الحماس والغضب، والوقوف بجانب قضايا شعبنا في العراق؛ إذ كنا نستمد أغانينا من أغاني الجيش العراقي البطل.

**  الرئيس المستبد والطاغية لا تنجو من شروره أية مؤسسة وإنما يمتد فساده ليشمل جميع المؤسسات السياسية والاقتصادية والثقافية والرياضية..

هل تتذكر جانبًا من نماذج الفساد الذي كان ينخر بجسم المؤسسة الرياضية أيام المجرم حافظ أسد؟

***    لقد أصبت عين الحقيقة بسؤالك حيث إن المدينة لم يكن فيها خدمات، أو ملاعب، وحتى رواتب، وتفتقر للتجهيزات، والعمل فيها عبارة عن مجهودات شخصية، وهناك تداخل في العمل، وخلط للسياسة مع الرياضة، وتحكم في مفاصل العمل، وتعيين أصحاب القرار في الحزب ،والاتحاد الرياضي، وتحكم أجهزة الأمن بنتائج الدوري من خلال المقبور عزّ الدين سليمان، أو غيره من المتنفذين، والأمثلة أكثر من أن نحصيها، وأنا من ضحايا العميد عزّالدين إذ تم إبعادي عن المنتخب الوطني؛ لأني في يوم من الأيام رفضت بيع ضميري في إحدى مباريات الدوري عدا السرقات والرشاوى، والمحسوبيات والواسطات.

**  قابلتم المقبور حافظ أسد بحكم تفوقكم وتميزكم، ومن المعلوم عن تلك الشخصية أنها كانت مصابة بمرض جنون العظمة.

كيف كان ذلك اللقاء وما هو الانطباع الذي تركه لديكم؟

***    عوملنا وكأننا إرهابيون حيث قاموا بتفتيشنا على الأبواب عبر أجهزة كشف الأسلحة كما أنهم أعطونا مكافآت باهتة جدًا قدرها خمسون ألفًا في حين أن كل لاعب كان صرف من جيبه الخاص أضعاف هذا المبلغ في المعسكرات التي دامت ستة أشهر، فيلاحظ أنهم يحاولون تقزيم حتى الإنجاز، وعدم إعطاء الحقوق لأهلها، فالدعم لجميع مفاصل الرياضة كان شبه غائب، وبسيط، ولا يليق ببلد يطمح بأن يكون له واجهة، وتقدم في عالم كرة القدم.

**  هبت رياح الثورة السورية ثورة الحرية والكرامة عام2011.

وقد كان من أهم الشخصيات المتميزة والتي خرجت من رحم الرياضة هو الحارس الشهيد عبد الباسط الساروت الذي واكب الثورة منذ بدايتها قولاً وفعلاً، في حين نجد لاعبين آخرين شاركوا في فريق البراميل كما يطلق عليه السوريون.

كيف كانت مساهمة الرياضيين في الثورة؟

***    نقول رحم الله الشهيد البطل عبد الباسط الساروت الذي قدم أروع الأمثلة في التضحية، والإباء من أجل قضية الشعب السوري لنيل كرامته وحريته، ولا ننسى العديد من اللاعبين، والمدربين الذي قضوا في المعتقلات، كجهاد قصاب لاعب نادي الكرامة، والعديد من لاعبي الأندية الأخرى في كافة الرياضات، وليس فقط كرة القدم، ومن نادي الفتوة المدرب سعود الطه الذي قتل في المعتقل أيضًا، وزياد المحيميد ابن النادي البار الذي تم قنصه، وعدنان الجاسم الذي اعتقل وعذب، وصفي ابنه، والكثير من الرياضيين الذين وقفوا موقف العزة، والكرامة أذكر منهم ماهر الهمشري وجاسم نويجي ورامي النجرس وعدنان الجاسم وبسام النوري ووليد مهيدي عضو اتحاد الكرة، والكثير الكثير لامجال لذكره في هذه العجالة ،وفي الأساس القضية كانت قضية مبدأ، وكرامة، وولاء وبراءة من المجرمين الظالمين، وبشار الأسد،  وزمرته الفاسدة حتى لا نعطيهم الشرعية.

هذا مبدؤنا، وهذه قضيتنا التي تنبع من كرامتنا وكرامة أهلنا وشعبنا طبعًا، وبرأيي الشخصي إن منتخب البراميل لا يمثل السوريين لأن أغلب الشرفاء من السوريين في الشتات مهجرين، أو مقتلين، أو لاجئين في خيام الدول الأخرى.

**  حضرتك من الذين هبوا ملبين نداء الشعب ضد السفاح بشار، وانخرطوا مباشرة في صفوف الثورة.

هل يمكن أن تحدثنا عن بعض المشاهد والصور – وما أكثرها – التي تأثرت بها وبقيت في ذاكرتك؟

*** هناك تصور مسبق، ومعرفة لعقلية أحفاد القرامطة ،وأبناء العلقمي، ومخططاتهم الخبيثة، وتعاونهم مع الفرس للنيل من الأمة، وأهل السنة والعراق خير شاهد، ورأينا على شاشات التلفاز كيف يطلقون النار على الأبرياء في درعا ،وكيف قتلوا المتظاهرين في ساعة الساحة بحمص، وكيف عذبوا الأطفال، ومثلوا بجثثهم لذلك أبت علينا نخوتنا، وكرامتنا، وديننا حتى بعد دخول الجيش أن نخضع للمجرمين، وكنت من المشاركين في جميع المظاهرات بعد دخول الجيش، واعتقلت، وعذبت، واستشهد أخي الكبير، والكثير من أصدقائي، وأحبتي كانت من الذكريات الحزينة، والمؤثرة، ولا أنسى همجية الجيش الفاسد، وارتكابه لمجزرة الجورة، والقصور، وقنص، وقتل المدنيين الأبرياء, تلك صور مأساوية تبقى عالقة في الذاكرة ومن الصعب نسيانها.

     **على الرغم من وجود قامات رياضية سامقة في عالم كرة القدم السورية، إلا أن سوريا عبر تاريخها لم تستطع الوصول إلى كأس العالم ما تفسيركم لذلك؟

*** نعم سوريا تمتلك الكفاءات، والقدرات البشرية على كافة الأصعدة، ولكنها تحتاج للتعامل معها بإنسانية، وعدل، وكرامة، ومساواة ،وتقديم الدعم، ورعايتها رعاية تعطي  ثمارها، ولكن الدولة البوليسية لم تقدم شيئًا منها حتى الملاعب كانت لا تصلح لكرة القدم ناهيك عن تحكم أصحاب النفوذ بالعمل، والواسطات، والمحسوبيات التي تؤدي للفشل بأي عمل.

**  هل أنت متفائل بمستقبل سوريا عامة، وفي الجانب الرياضي خاصة؟

***    بوجود الأسد، وزبانيته المجرمين لا، ليس هناك مستقبل لسورية على كافة الأصعدة الرياضية، وغير الرياضية، وعمالته وبيعه لمقدرات البلد، وإدخاله للمحتلين  الروس والفرس، جعل البلد بمرحلة استعمار حقيقي، ومباشر يحتاج لوقفة من المجتمع الدولي، من أجل رفع الظلم عن هذا الشعب والبلد، وبالتالي تحتاج البلد لأكثر من خمسين عامًا ليعود لوضعه الطبيعي، فلقد دمر البلد، ومقدراته وبنيته التحتية، وأفسد البلاد والعباد، فلا مستقبل لسورية بوجود المجرمين.

     ختامًا  كل التحية والتقدير لموقع رسالة بوست وعلى الحوار الممتع، والشيق، والعميق صراحةً لقد فاجأتني  بأسئلتك، ومضمونها دمتم بأمان الله، وحفظه، وأيضًا نتوجه بالدعوات للمولى عزّ وجلّ أن تعود بلدنا آمنة، ومطمئنة ،وسائر بلاد المسلمين ،ويسود فيها العدل والمساواة، والحرية، وأن نتخلص من الطغاة المجرمين.

مقالات ذات صلة

‫11 تعليقات

  1. الكابتن هشام خلف أبو ربيع ليس مجرد رياضي متميز وحسب إنما هو حقيقة مثال مشرف للأصالة والرجولة والشهامة والكرامة والكبرياء أحبه كل من عرفه ومن تعامل معه عن قرب لصدقه و ووضوحه وكرمه وطيب أصله ومعشره…نسأل الله لنا و له دوام الصحة والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة وحسن الختام.

  2. تحياتي لهذا الانسان واللاعب والمدرب الكبير الذي وقف وقفة شرف وعز وهو بمثابة الجبل الصامد وكل سوري حر من حقه ان يفتخر بهذا الانسان البطل ❤️ تحياتي كابتن هشام خلف

  3. تحياتي للأخ الحبيب هشام خلف ابن دير الزور كنت أتابعه وهوفي الملاعب ثم قال:ثائرا على النظام. حيا الله بلدي الحبيب دير الزور وابناء بلدي الشرفاء

  4. كابتن هشام خلف
    من الرياضيين الشرفاء والأحرار في بلدنا سوريا
    قال كلمة حق في وجه سلطان جائر

    حماك الله وثبتك أينما كنت.

  5. أبوربيع حقا انت قدوة قولا وفعلا وفي شتى الميادين
    حفظك الله كابتنا الحر الخلوق الغيور

  6. أبو ربيع الحر يتكلم ليس بلسان الرياضيين فقط بل بلسان كل حر وشريف داخل سوريا وخارجها

  7. الكابتن أبو ربيع تعجز الكلمات عن أيفائه حقه بالوصف فهو فعلاً قدوة على كافة الصُعد ، وشهادتنا به مجروحة ، وأعتقد اللقاء قصير ومختصر ولم يكن يفي هذه القامة الرياضية والإنسانية المجال ليعرف من لا يعرفه عنه الكثير مما يمتلك وطبعاً أكثرها آلام حتى ولو كانت أفراح بإنجازات رياضية فقد كانت ممزوجة بالألم بسبب نظام الحكم وإدارة البلاد على كافة الصعد والرياضة أحدها لأنها كانت مجاله الذي أبدع فيه بشكل إستثنائي بناءً عما توفر له وصحبه من إمكانيات متواضعة جداً . أسأل الله العظيم أن يحفظه ويجمعنا به على محبته وطاعته بأرض الوطن المحرر ، وما ذلك على الله بعزيز.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى