منوعات

هكذا بدأت ، وستستمر حتى تحقق أهدافها..

ياسين الزَّيدي

صحفي سوري
عرض مقالات الكاتب

في العودة إلى البدايات الأولى للثورة السورية منذ العام 2011 ،يستذكر فيها الجنوب السوري المحاصر كل صوره، وآلامه،أعوامًا مضت على سرقة حلم السوريين في بناء وطنهم عمد نظام الأسد إليها في محاصرة المدينة بكامل قواه العسكرية أمام مطالب السلميين المطالبين بالحرية، وإسقاط النظام،أهمية المنطقة، فيما يتعلق بالأسد تأتي من كونها أهمية إستراتيجية بالإضافة إلى أنها منطلق للثورة لم تتوقف فيها عمليات الاغتيال، والاختفاء السري، والتعذيب على أيدي ميليشياته محاولةً منه لإخماد روح الشعب، وماتبقى من ثورته أمام التدخل الروسي ، والميليشيات الإيرانية فيها.

تعرضت ثورة الشعب في سوريا للكثير من التطورات على مدى السنوات العشر الماضية ؛بدأت بتحريرها من سيطرة ميليشيا الأسد في المناطق التي يسيطرعليها، والتي كانت تشكل نقاطاً عسكرية بالنسبة له،إلا أن وصل تحريرها معظم الأراضي السورية على يد أبناء الثورة في حين لم توجد مدينة، أوقرية تخلو من المظاهر العسكرية بناءً لمنظومته الأمنية منذ صعوده للحكم،والتي زاد نفوذها للتصدي في وجه الشعب وتحسبًا لأي مظاهر شعبية تقوم ضده، وهذا ماحصل منذ السنوات الأولى الدامية للثورة.

ماكان على الشعب إلاّ أن يدافع عن حريته مقابل التضحيات التي قُدمت في سبيل التخلص من جور النظام، وأركانه المجرم.

بدأت من درعا جنوب سوريا، وانتهت بحصار الأسد في مسقط حكمه قاب قوسين، أو أدنى من السقوط في قبضة الشعب قبل أن تتدخل روسيا بكامل قوتها،عملت من خلال ذلك إلى رسم خارطة جديدة في إقحام قواتها العسكرية، وإنقاذه من الانهيار بعد أن شكّلت له قوة عسكرية، وسياسية في المحافل الدولية، ومجلس الأمن الدولي استعملت فيه حق النقض (الفيتو) عدة مرات في وجه الولايات المتحدة الأمريكية لاستصدار قرار أممي يدُين جرائمه،تحسبًا لمنع سقوطه، وخسارة مايمكن تسميته بآخر معاقلها في المنطقة بعد سقوط نظام حكم صدام حسين في العراق،الأمر الذي دعا إلى التدخل الإيراني بكامل قوامه، والعمل على أساس مخططاتها المتمثلة (بالهلال الشيعي) ونشر السموم في المنطقة بشكل طائفي بعد أن قل ماتجد مركزاً عقائديًا، أو دينيًا يمثلها في سوريا إلاّ من خلال نظام الأسد، ومايربطه بها منذ حقبة السبعينيات مع اختلاف المفاهيم، واختلاف طبيعة الشعب السوري لها،كما أن نظام الأسد يمثل بالنسبة لطهران جسرًا بريًا في سوريا؛ لضمان وصول الإمدادات بالأسلحة، والعتاد إلى مايسمى (محور الممانعة) ميليشيا حزب الله في لبنان.

اعتبارًا من أن الثورة في سوريا جاءت للتخلص من تلك التبعيات ،والانتفاضة في وجه الأنظمة الديكتاتورية،عملت هذه الأنظمة إلى تكريس معظم أجنداتها، وموارد شعبها للقضاء عليه،ولم تُدرك حجم التضحيات التي قدمها السوريون في وجه المشاريع الإيرانية الروسية، وكيفية تغيير المعادلة في المنطقة إذا ماتم سقوط نظام الأسد، وتغيير نظام حكمه.

إلى أن وصل بهم الحال إلى حرق مخيماتهم على الحدود، وفي الدول المجاورة بعد السنوات الطويلة الدامية من الحرب كان العراء أكبر مأوى لهم دون وجود أدنى مقومات الحياة، وسبل العيش فيها،وكأنها رسائل غير معلنة من نظام الأسد، وميليشاته الطائفية في لبنان،في تهديد حياة من تبقى ووصوله إلى هذه الأحوال، أو العودة إلى مايسمى بمفهوم (حضن الوطن ) يقوم به من خلال مؤتمرات، وبرامجه التي يطلقها بالتعاون مع الجانب الروسي، وحليفه نظام الحكم في طهران.

تبقى إيران هي المستفيد الأكبر لما يحدث في البلاد، وما تتعرض له من قتل، وتدمير ممنهج يحقق مصالحها على أساس طائفي في العبث بأمن الأوطان، وتهجير سكانه،ويبقى الشعب في سوريا هو الضحية الأكبر أمام نزيف الدماء،أملاً في الوصول لإيجاد الحلول المناسبة للتخلص من نظام الأسد، وزمرته الحاكمة سياسيا، واقتصادياً وعلى الصعيد الدولي.

والوصول إلى تمثيل شعبي للسوريين في المخيمات، وفي الدول المجاورة؛ لتحقيق ماتبقى من أهداف ثورته، والوقوف على أوضاعه المعيشية بعد عشر سنوات طويلة من الحرب جعلت منه عرضة للقتل، والتهجير بين فكي كماشة،إيران، وميليشيا حزب الله من جهة،والتدخل الروسي، ووقوفه إلى جانب نظام الأسد من جهة أخرى، وأمام مايمكن تسميته بالتضحيات الجِسام قدمها الشعب في سوريا في سبيل نيل حريته، وكرامته أظهرت أعلى سمات البذل، والعطاء في وجه الأنظمة الديكتاتورية الساعية إلى تخريب أوطانهم، والوقوف على مصادرة حقوقهم وحرياتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى