منوعات

حاتم علي ، والرحيل المؤلم ..

محمد رجب العلي الجوار

ناشط إعلامي
عرض مقالات الكاتب

يرفض عام 2020 أن يتركنا دون أن يختتم أيامهُ الأخيرة بخبر فاجع ومؤلم ، يوم الثلاثاء الفارط تلقى العالم العربي نبأ وفاة مبدع الدراما حاتم علي في أرض المنفى خارج وطنه الأم سوريا. وقد نجح المخرج المهذب
في تقديم دراما حية ممتزجة بالأدب والوقار، تُخالف السائد من الدراما الفارغة التي لا همَّ لها إلا الولوغ بصورة فجة في الجريمةِ والجنس والبلطجة،
تمكن حاتم علي من صنع محتوى ثري، ما زلنا نعود إليه بين حينٍ وآخر نمارسُ عبره متعة حسية، ووجدانية من إرث أجدادنا المضيء الذي جعل منه صورةً ناطقة تتحدث بلسان واقعنا المهيض، ولحاتم علي فضل على جيلنا بأنه يحاول الارتقاء بذائقتنا البصرية، والإبداعية في الوقت الذي نعاني فيه من الترهل والابتذال ومناهضة القيم.
رحل حاتم علي وتركَ بصمة في تاريخ الدراما لا يمكن لأحد أن يتجاوزها أو أن ينساها.
لم يعرف كثير من العرب شيئا عن الأندلس إلا من أعماله،
ولم ينطق أحد بلسان حال الفلسطينين، ويشعرنا بهم كما فعل في التغريبة أبدع في أعماله إبداعاً يخلده التاريخ؛
ليترك لنا رسالة ويودعنا قائلاً كونوا
بحكمة الحارث بن عباد، وبحزم صقر قريش، وبطموح محمد بن أبي عامر، وبزهد يوسف بن تاشفين، وبشجاعة يوسف بن أيوب، وبعناد أبو صالح، وبعدل الفاروق.

هكذا و كما العادة في سنوات تغريبتنا الأخيرة الماضية، و المستمرة، و أنت أيها الفنان أكثر من تعرفها، و أكثر من اختبرها و وثقها اعتاد السوريون تشييع أحبائهم خارج الجغرافية، و خارج الخريطة، و لكن تماماً في عين التاريخ.
كنت تحكي حكاياتنا، و اليوم أنتَ حكايتنا.
من غير السوريين الآن يموت، و ينعي، و يبكي، و يعزي، و يصب القهوة المرة على الصفحات الافتراضية ؟!
اليوم خرج ملايين السوريين، و الفلسطينيين، و العرب على شاشات جوالاتهم، و رفعوا نعشك عالياً عالياً نعشاً ملفوفاً فقط، بالياسمين، ويترحمون عليك نعم اليوم العالم العربي من شرقه إلى غربه، ومن شماله إلى جنوبه يُشيعونك، ويترحمون على روحك الطاهرة ،
رحل حاتم علي والكلُّ حزين على رحيله، السوري، والفلسطيني على وجه الخصوص، والعربي على وجه العموم؛ لأنه وقف مع الحق، وحكى وجع الشعوب، وهو ابن التغريبتين الفلسطينية، والسورية لكن اليوم يا حاتم التغريبة السورية يتيمة؛ لأنها لن تجد من يرعاها مثلك،
ومن رحيل المخرج الكبير حاتم علي هناك رسالة إلى كبار الفنانين السورين الذين يطبلون لطاغية الشام، وقاتل الشعب السوري لو مت اليوم لشتمك السواد الأعظم، ولا تجد أحداً يترحم عليك،
حاتم علي وداعاً أيها السوري الجامع الذي جمع السوريين على قلب رجل واحد في عز تفرقهم وتشتتهم، وتفككهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى