تحقيقات

.. ( كوفيد 20 ) … يطرق أبواب الشمال السوري ..

فيصل عكلة

صحفي سوري
عرض مقالات الكاتب

كيف يستعد السوريون في الشمال المحرر و خاصة المخيمات لاستقبال السلالة الجديدة من فيروس كورونا و الذي أطلق عليه كوفيد  ٢٠بعد أن وصل إلى لبنان وهل ارتفعت نسبة الاستعدادات لهذا الزائر الجديد ؟

توجهنا بسؤالنا هذا إلى سكان المخيمات المنتشرة على مد البصر غرب سرمدا ، على امتداد طريق سرمدا كفردريان انتشرت بسطات الباعة المتجولين ،حيث تحوّل إلى سوق تجاري مزدحم بالناس ،ومن كل فئات المجتمع …

دخلنا مكتبًا لبيع الدراجات الناريّة المستعملة على جانب الطريق ،وفيه العشرات من التجار،والمشترين ،والوسطاء يضعون أيديهم في أيدي بعضهم،يتساومون ويتصايحون و يَحلفون و لا ترى أثرًا للاحتراز من مرض كورونا ..

( يا أخي بدنا نعيش و الأعمار بيد الله )

ذلك كان رد أحد الجالسين في المكتب ،و عندما ذكرته بخطورة التجمعات الكبيرة قال :

كما ترى أضع على الطاولة المعقم و في بعض الأحيان أَدورُ و أُعقم أيدي الحضور و كل فترة  أنادي وأطلب المغادرة ممن ليس له عمل …!

في داخل المخيم المحاذي للطريق المذكور شاهدنا الكثير من تجمعات متجاورة  لبعض الرجال الذين يجلسون في (دروةِ ) الخيم و منهم من يلعب الضامة و ليس بعيدٍ عنهم نسوة يفترشن حصيرا قديمة ..

(والله يا عين خالتك ، ما عاد همنا لا كورونا و لا مورونا بعد كل شي شفنا ) .

ذلك كان رد أم خالد ( المرأة الخمسينية )عندما سألناها عن خوفها من السلالة الجديدة من الفيروس لكن جوابها لم يرق لإحدى الحاضرات التي ردّت عليها بما معناه أن كل هؤلاء الذين يموتون ألا تسمعين بهم و هل تحتاجين لأذكرك باسماء من مات من مخيمنا لوحده خلال الأيام الماضية و خاصة من كبار السنّ ؟

أطفال المخيم يلهون و يلعبون في تلك الأمسية الباردة رغم وجود برك الماء و الوحل داخل أزقة المخيم دون أن يظهر عليهم أي آثار احتراز من الوباء ، سألنا عن دوامهم في المدرسة و دلّونا على الاستاذ سعيد و هو أحد اداري المدرسة القاطنين في المخيم و عندما سألناه عن خطورة دوام التلاميذ في المدارس مع الأنباء التي تتواتر عن وصول سلالات جديدة من المرض قال لنا :

من وجهة نظري الدوام الفيزيائي للطلاب ضروري جدا في هذه الظروف مع أخذ بعض الاحتياطات مثل توزيع الطلاب إلى أفواج لتقليل الأعداد في الفصل و في المقعد أيضا مع التذكير المستمر بلبس الكمامات و النظافة الشخصية …

و أضاف الأستاذ سعيد :

أبناؤنا بعد سنوات من التهجير و التشرد وابتعادهم عن الدراسة ،ومع فشل التعليم عن بعد كان لا بدّ من متابعة الدارسة رغم الخطر، لأن الجهل الذي وصلنا إليه هو الخطر الحقيقي ، الآن أشاهد في المدرسة طلابًا يافعين عاجزين عن كتابة الحروف !

وقفت سيارة محمّلة بالخضار داخل المخيم ،وتجمع حولها العديد من النسوة و الأطفال ،ترجّل السائق مرتديًا كمامة و بعد أن طلبت منه تخفيف صوت المكبرات وسألته عن الفيروس الجديد أجابني ضاحكًا :

و الله أنا خائف ،وأحترز قدر المستطاع ،وبخاصة بعد  ما سمعت أن الفيروس الجديد سريع الانتقال ،ولكننا نركض خلف لقمة عيشنا …

في أحد مراكز العزل في الشمال ؛التقينا الدكتور عماد أبو عمر، و بادرناه بالسؤال عن كوفيد ٠٢ و استعداد المركز للزائر الجديد فأجاب :

ليس هناك من جديد في الاستعداد له ،و حتى منظمة الصحة العالمية تقول إنه ليس له أعراض جديدة تختلف عن سابقه ،واللقاحات التي تعطى هي ذاتها رغم أن السلطات الطبية البريطانية قالت إن السلالة الجديدة من الفيروس أكثر قدرة على الانتشار ،وقد يكون هناك تغير في قابلية العدوى ،وأن هناك أعراضًا ترافق السلالة الجديدة تتمثل بالإعياء و فقدان الشهية ،و صداع الرأس، والتشوش الفكري و تضيف المصادر البريطانية ذاتها إلى أنه لا دليل مؤكد حتى الآن أن الفيروس الجديد أكثر سوءًا.

و لفت الدكتور عماد إلى أن بعض المصادر البريطانية تقول إن السلالة الجديدة قد تصيب الأطفال مثل الكبار على عكس السلالات السابقة …

توجهنا بمخاوفنا من الوباء الجديد إلى وزير الصحة في الحكومة المؤقتة الدكتور مرام الشيخ ،وسألناه بداية هل الشمال السوري بعيد عن الجيل الجديد كوفيد ٢٠؟

فأجاب الوزير :

يذكرنا هذا السؤال بسؤال مشابه تمامًا قبل بضعة شهور، و قبل إعلان أول حالة إيجابية في شمال غرب سوريا.. حيث كان السؤال (هل شمال غرب سوريا بعيد عن جائحة كوفيد؟)

و من سياق الجائحة الحالية كوفيد-19، نعتقد أن الإجابة واضحة وهي أن المنطقة ليست بمعزل عن أي وباء عالمي بما في ذلك كوفيد-20

و عن مدى خطورة الفيروس الجديد  و سرعة انتشاره و طرق الحماية منه برأي السيد وزير الصحة :

لا يوجد سوى القليل جداً من المعلومات حول كوفيد- 20 ،و أنّه سلالة طافرة جديدة من فايروس كورونا يسبب مرضًا مشابهًا لوباء كوفيد-19 لكن بقدرة انتشار أعلى.

الحماية منه هي مثل الحماية من كوفيد-19، ومثل الحماية من أي وباء يصيب الطرق التنفسية ،ويدخل عن طريق الأغشية المخاطية (العينين والأنف والفم) .. حماية الوجه بدرع شفاف، وتغطية الوجه والأنف بكمامة مع الغسيل المتكرر لليدين أو التعقيم بمطهر كحولي.

و عن حال المخيمات المنتشرة بكثافة في الشمال السوري مع اكتظاظها بالناس في ظل الخوف من المرض الجديد ،وهل تحتاج إلى مزيد من الاحتياطات ؟ توجه الدكتور مرام الى المنظمات الأممية بالقول :

المخيمات تحتاج المزيد من الاحتياطات ،بغض النظر عن وباء كوفيد1-20 .. لحد الآن المخيمات غير مجهزة للتعامل مع كوفيد-19 حتى .. يجب على الجهات الأممية المعنية تجهيز المخيمات ببنى تحتية ،وصرف صحي جيدين ،بحيث يمكن حينها لقطاع الصحة عزل المخيمات بطريقة تضمن عدم موت أهل المخيمات من الجوع أو البرد أو العطش – في حال عزل المخيمات – بدلاً من الموت بوباء كوفيد!

و عن دور وزارة الصحة وبرامجها حيال المرض ، شرح الوزير :

لا نتوقع أن يكون الدور في التعامل مع كوفيد-20 مختلفًا عنه في التعامل مع كوفيد-19. أهم أدوار الوزارة هي التنسيق والمشاركة الفعالة في قيادة الاستجابة مع منظمة الصحة العالمية، والمناصرة من أجل وضع المانحين والمنظمات أمام مسؤولياتهم في تأمين التمويل والتجهيزات اللازمة واتباع البروتوكولات الصحيحة المعتمدة ..

وسط التخوف من تجدد المعارك و معاناة البرد والغلاء في مناطق الشمال تستمر قوافل الراحلين بمرض كورونا و يستمر معها التخوف من السلالة الجديدة وسط لامبالاة من شريحة كبيرة من المجتمع …!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى