مقالات

(الهلال الشيعي) و (حائط الصدّ العربي)

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

خطرٌ محدق بنا نحن العرب، ليس وشيك الوقوع، بل وقع فعلاً،ولا زلنا نحن العرب نغطّ في بلهنية الوهن والعجز والفرقة، “هلال” ليس كغيره من “الأهلة” التي تنشر نور ضيائها على من حولها، بل هو هلال للتخلف والجهل والظلام، بل هو زنّار من نار مجوسية تحيط بأقطار عربية ثلاث هي :العراق، سوريا، ولبنان، مستهدفة ارضها ،شعبها،تاريخها، وحاضرها،
هلال، رحّب به الصهاينة قبل غيرهم، حتى ولو ابدوا انزعاجاً كاذباً،فقد وجدوا فيه أداة يمكن توظيفها في خدمة مشروعهم الصهيوني للسيطرة على المنطقة وشعوبها ومقدراتها.

كيف لنا اليوم -نحن العرب- وما العمل للتصدي لهذا (الهلال)
والعمل على (خسفه) قبل ان يكتمل ويصبح (بدراً )-كما تود إيران وتسعى لجعله يمتد إلى الجزيرة العربية-؟
دعونا في البدء نقول:
إن سيطرة النظام الإيراني على الأنظمة العميلة في كل من العراق وسوريا. ولبنان، بات أمراً واقعاً، وأن (بغداد) عاصمة الدولة العباسية، و (دمشق) عاصمة الدولة الأموية، و(بيروت) عاصمة الثقافة والفكر والأدب والحريات في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، هذه العواصم اليوم، ترزح تحت نيرالإحتلال الإيراني وهيمنة ملاليها على القرار الوطني في البلدان الثلاث ،وهكذا فإن المشروع الإيراني أشد خطراً على العرب من المشروع الصهيوني، ويبقى السؤال الأهم هو: ماذا لدينا نحن العرب، وماذا نحن فاعلون؟
الإجابة:ليس أمامنا من مخرج سوى اللجوء إلى ملاذنا، ومعقلنا الأخير،معقل (العروبة) فهي المنجاة وهي الخلاص، ففي الرجوع إلى الدعوة إلى مشروع (عروبي) يستنهض همم أبناء الأمة، ويستفز مشاعرهم، ويذكرهم بتاريخهم الذي كانوا فيه فاعلين ومؤثرين بالحدث، وكانوا أسياد أنفسهم، وكيف أنهم قوّضوا ممالك فارس التي كانت تتعالى على الآخرين فتسلبهم وتنهبهم وتقتلهم وتستعبد أبناءهم، إلى أن جاءها الفارس العربي الذي فتح الممالك بقوة الحق، وبسيف الرسالة الإسلامية.

جُلّ ما تخشاه دولة (ملالي طهران) هو المشروع العربي، فإذا ما أعيد انبعاثه من جديد، فسيكون هو الطريق الجامعة للشتات العربي، كما أن الدعوات القومية ستشكل خطراً حقيقياً على إيران، فقد تجد شعوبها متعددة الأجناس والقوميات-والتي تتشكل منها دولة الملالي- سبيلاً للخلاص من الإستبداد الفارسي، فتنهض وتثور حتى تقوّض النظام القائم .

لقد مضى على ثورات الربيع العربي عقد من الزمن، ولم تتحقق لشعوب بلدان الربيع غايتها في إقامة مجتمعات الحرية والعدالة، وبقيت انظمة الإستبداد قائمة -بل ازدادت شراسة في قمعها لشعوبها- ولم ترضخ لأية قوانين دولية ولم تستجب لأية مناشدات إنسانية، وقد جرّبت هذه الشعوب كل ما طلب منها واستجابت لكل الدعوات السلمية والمتحضرة، ولكنها لم تحصد سوى الريح والوعود، وسراب الأمنيات،من مجتمع دولي اثبتت الوقائع بأنه مجتمع وحوش متصارعة حتى ولو ارتدى زعماؤه بزات أنيقة.
لا سبيل ولا خلاص لنا من الهلال الفارسي الطائفي، إلاّ بحائط صد عربي، ففيه ستغيب الطائفية والمذهبية، وستتعزز المطالبة بالحريات وبنظام تسود فيه العدالة والمساواة لكل أبنائه ومن مختلف القوميات والمذاهب والإثنيات، وخير دليل على ما نقول هو انتفاضة شباب العراق المنحدرين من المذهب الشيعي، وكيف تغلّب لديهم الشعور القومي على الإنتماء المذهبي، وانتفضوا ثائرين على النظام العميل رافعين شعار (نريد وطناً).
وكيف خرج شباب لبنان أيضاً ومن كل الطوائف والأجناس رافضين هيمنة “حزب حسن الطائفي” والذي اثبتت الوقائع بأنه خير مثال على المشروع الإيراني، فقد جسّدت سلوكية ميليشياته في سوريا ولبنان
مشروع “تصدير الثورة”في زمن دولة “الولي السفيه”!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى