دين ودنيا

بين الدعاء والإجابة

محمد رضوان ملاك

كاتب أردني
عرض مقالات الكاتب

(هُنَالِكَ ابْتُلِيَ الْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُوا زِلْزَالًا شَدِيدًا)

لكل مؤمن من هذه الآية حظ ونصيب وكلما ازداد إيمانه ازدادت عليه الزلزلة والمؤمن يبتلى على قدر دينه ..

من الزلازل التي قد يصاب بها المؤمن تأخير الله إجابته دعائه، فعندما تنزل بالمؤمن المصيبة يلجأ لله سبحانه وتعالى متضرعاً داعياً لا يفتر عن ذلك لكن لا أثر للإجابة !!

وعندها يبدأ الشيطان بنصب حبائله لهذا المؤمن : أليس الله يقول ( وقال ربكم ادعوني أستجب لكم ) وها أنت تلح وتدعو اليوم تلو اليوم والشهر والشهرين والثلاثة والسنوات الطوال بلا أدنى انفراجة أو قرب حدوث ما تدعوا الله به ،

يتسائل المؤمن بتعجب أليس الله صادق الوعد ولا يخلف وعده ؟! أليس على كل شيء قدير !؟ ألم يقل ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) فأين إجابة دعائي وقد ألححت فيه على ربي سنوات طوال ؟

بل يزداد الزلزال على القلب شدة حين يحدث عكس ما يدعو به المؤمن فتزداد الأمور عليه تعقيداً برغم زيادة الإلحاح على الله سبحانه بالتضرع والدعاء ، وتزداد وساوس الشيطان عليه حدة فيبدأ باليأس وتحيط به الغموم والهموم فلا فرج ولا مخرج والأيام تتوالى والمحن تزداد شدة وضراوة….

هنا يثبت الله سبحانه صاحب الإيمان الصادق، فيعلم أن لله حكمة في تأخير إجابة دعائه وأن الله سبحانه يختبره ويبتليه..
وانظر إلى قوله تعالى ( حَتَّىٰ إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) ففيها إيحاء بشدة الكرب وهجمات النفس عندها تكون ساعة الإجابة قد حلت حين يأذن الله سبحانه وتعالى بها…
وتأمل كم قد غاب نبي الله يوسف عن أبيه يعقوب وهو يلح ويدعو الله سبحانه وبعد طول انتظار ودعاء يفقد ابنه الثاني زيادة في الابتلاء، فلا يقول إلّا (عَسَى اللَّهُ أَن يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعًا ۚ إِنَّهُ هُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ ) ،
ثم بعد ذلك جاء من الله الفرج الكبير جزاء ليعقوب عليه السلام بما صبر ( وَرَفَعَ أَبَوَيْهِ عَلَى الْعَرْشِ وَخَرُّوا لَهُ سُجَّدًا)

إياك واليأس والقنوط ..
إياك واستعجال الإجابة ..
إياك والاستبطاء .

ثق بأن الله سبحانه يخبئ لك الأفضل، فاستمر بالإلحاح والدعاء ولا تقنط من رحمة الله فلا يعقب ذلك إلا فرجاً قريباً

( وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ ۚ وَلَا تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلَا تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ )

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى