مقالات

تحولات الثورة السورية وتغيرات المواقف الدولية

ياسين الزَّيدي

صحفي سوري
عرض مقالات الكاتب

منذ اندلاع ثورا ت الربيع العربي، ومع مطلع العام 2011، وجدت سوريا نفسها أمام تغيرات مهمة ،تمثلت في الإرادة الشعبية الطامحة للتغيير أمام مجاراة ما يحدث في الدول العربية الأخرى في وجه أطغى أنظمة الحكم شهدها التاريخ المعاصر ، فمنذ عهد الأسد الأول تعرضت سوريا إلى أسوأ حياة سياسية ،وانعدامها بكافة المجالات تحت سيطرة أشهر فروعها الأمنية ،وأجهزتها المخابراتية على مرافق الحياة ومفاصل الدولة فيها.

ورغم السطوة الأمنية ومواجهة الآلة العسكرية للإرادة الشعبية ،لم يمنع ذلك منها في متابعة الشعب لمسيرته وتحقيق أهدافه حتى إسقاط النظام فيه وبناء دولته الحديثة ،وقد وجد الشعب نفسه في سوريا أمام منعطفات عديدة من التداخلات الإقليمية والدولية، تمثلت في حجم التدخل الإيراني ووقوفه إلى جانب نظام الأسد الحليف ؛ومده بكافة أنواع الأسلحة في وجه الشعب ،ومواجهة الشعب له من جهة أخرى لكونه سبب الصراع في المنطقة ، وأن بقاءه قد يسبب دعماً آخر لإيران في تحقيق أهدافها وتنفيذ أجنداتها على حساب قوة الشعب وإرادته .

وعلى الرغم من تعقيدات المشهد في سوريا وجدت إيران نفسها أمام ركيزة روسيا كقوة دولية تقف إلى جانب نظام الأسد الحليف أيضاً ؛ولها أهداف تسعى إلى تحقيقها بشكل ما أو بآخر في إدخال قواتها وزجها في ساحة الصراع بعد أن شكلت قوة ضغط للأسد في وجه إسقاطه في المحافل الدولية ،وعلى مدى السنوات الطويلة من الحرب حيث أن التناغم الروسي الإيراني يتقاطع بتقاطع المصالح وإبقاء نظام الأسد ووجوده في الحكم ؛فلولا التدخل الروسي لم تكن إيران لتتدخل بهذا الزخم ،ويتوفر لها الغطاء في تنفيذ عملياتها وتحقيق مصالحها.

مع الاختلاف الجوهري بين السياسة الأمريكية والسياسة الروسية من جهة تجاه المنطقة ،وفي سوريا على أنها تمثل آخر النقاط الاستراتيجية لروسيا منذ حقبة الاتحاد السوفييتي ،إذا قدر انفاق السلاح منذ تدخلها في الحرب السورية ب2,3 مليون دولار و4 ملايين دولار يومياً ،إضافة إلى دعمه بالسلاح الجوي، والإمداد العسكري وقدرت تكلفة عمل الطائرة الحربية الواحدة بقرابة 12 ألف دولار ،ووصل عدد الطائرات إلى ما يقارب الـ100 طائرة بين قاذفات ومروحيات هجومية بالتعاون مع حلفاء الأسد في المنطقة إيران وميليشيا حزب الله اللبناني ؛ وتوفير الدعم الاقتصادي والسياسي له،كما عملت الولايات المتحدة الأمريكية منذ عهد الرئيس الأسبق باراك أوباما على اتباع نهج إيجاد البدائل عن نظام الأسد من خلال المعارضة كإحدى السياسات المتبعة تجنباً للتجربة في العراق ،وانشغالها بالملف النووي الإيراني سبب لها تراجعاً في دورها تجاه المواقف الإقليمية في سوريا أمام روسيا ،وحرصها على مواجهة الدور الأمريكي لكون النفوذ الروسي متواجد منذ عام 1971 لاسيما في قاعدتي طرطوس وحميميم العسكرية.

 وبعد مرور عشر سنوات من الثورة ،بما تشهده الأحداث المتسارعة من استبعاد خروج روسيا بشكل مفاجئ من ساحة الصراع في سوريا إلاّ من خلال قوى أخرى كالولايات المتحدة الأمريكية ؛في حال تصارع القوى وفي وجه روسيا الجاهدة إلى إيجاد صيغ عمل جديدة مع الأسد وإشراكه مع المعارضة ،كما هو الحال في مؤتمرات أستانة وسوتشي وعمل اللجنة الدستورية على حساب الأطراف والقوى الفاعلة الأخرى، حيث لم تدرك موسكو حتى النهاية أنه لا حل دون إسقاط الأسد ،وأن دورها الفاعل يمكن في التخلي عنه بدلاً من وضعه في دائرة العملية السياسية وهيكلته بما يتناسب مع حجمها وتواجدها العسكري في المنطقة.

وأن وجود الأسد وبقاءه في السلطة سبب آخر في الإرهاب ،وما يمارس بحق الشعب بشكل يومي من عمليات قتل وتخريب ممنهج ،يصب في مصلحته في تحويل المنطقة إلى بؤرة صراع جديدة على حساب إرادة الشعب وطموحاته في تحقيق مبدأ العدالة وبناء وطن يسوده الأمن والاستقرار.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى