بحوث ودراسات

الشرعية الدولية ومعتقل جونتانامو – 6 من 10

الدكتور السيد مصطفى أبو الخير

خبير أكاديمي في القانون الدولي
عرض مقالات الكاتب

    في 17يوليو 2001م عقد اجتماع بخصوص أحلال السلام في أفغانستان والذي أيدته القوى العظمى بين وزير خارجية فرنسا ورئيس بعثة الأمم المتحدة الخاصة بأفغانستان وجرى الحديث عن أعادة الملك الأفغاني السابق ظاهر شاة إلى أفغانستان واستمرت المفاوضات في لندن ثم في جنيف تحت مسمى(منتدى الأعمال الإنسانية)بتمويل من شركة بترول يونوكال غير أن المفاوضات كان لها أهداف وأطراف أخرى من بينها اليابان التي تطمع في بترول بحر قزوين فلم تكن المفاوضات من أجل أحلال السلام, ولكن من أجل الإعداد للحرب وإعادة البناء وخشية الوقوع تحت ضغط شديد من الجانب الأنجلو أمريكي.

وأدركت باكستان ذلك فأخذت تبحث عن حلفاء جدد قبل بداية العاصفة, فقامت بدعوة وفد صيني إلى إسلام آباد حيث وعدته بفتح ممر يصل الصين بالمحيط الهندي في مقابل مساندتها العسكرية, وعندئذ استشاط الجانب الأنجلو أمريكي وقرر شن الهجوم بأسرع مما هو متوقع, قبل أن يفسد الصينيون اللعبة الكبرى,    وفي منتصف يوليو2001م أعلن الوفد الأمريكي إلى مفاوضات برلين متعددة الأطراف حول مستقبل أفغانستان أن أمريكا ستقوم بغزو أفغانستان في منتصف شهر أكتوبر وسوف تقوم بالإطاحة بنظام طالبان بعد أن تيقن فشل المفاوضات, وفي أوائل شهر سبتمبر, وتحت ستار المناورات السنوية في بحر عمان المعروفة باسم (الحصاد الأساسي) قامت المملكة المتحدة بنشر قوات أسطولها البحري بطريقة لم يسبق لها مثيل منذ حرب المالون, وقامت بحشد قواتها على طوال الحدود مع باكستان, أما حلف شمال الأطلنطي فقد قام بمناسبة مناورات (النجم الساطع) في مصر بنقل أربعين ألف جندي إلى المنطقة, وفي 9سبتمبر2001م تم اغتيال زعيم الجبهة الإسلامية القائد مسعود ذي الشخصية الفذة والمناهض الشرس لأمريكا.(76) وبالتالي أصبحت القوات الأنجلو-أمريكية مستعدة مسبقا في المنطقة قبل وقوع الهجمات. (77)و يتضح انقطاع الصلة تماما بين أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 م,  وضرب واحتلال أفغانستان في 7 /أكتوبر 2001م.

    أما عن الحادث وكيفية تدبيره ووقوعه فهناك العديد من الحقائق التي كانت ماثلة أمام الأعين والعقول ولم يتوقف أحد لمناقشتها, لشدة سياط الغضب الأمريكي المندفع كالثور الهائج, فقد كانت الأحداث جسيمة ومباغتة لدرجة جعلت من الصعب تسجيل المتناقضات التي شابت الصيغة الرسمية لهذه الأحداث في لحظتها فقد تسمر مئات من المشاهدين أمام شاشات التلفزه لمتابعة الأحداث, وشلت الصدمة واتساع الهجوم جميع المشاهدين بسبب الجرأة في استباحة العنف, وقد أقتصر نقل المعلومات على الوقائع فور العلم بها بسبب تأثير المفاجأة على التغطية الإعلامية المباشرة, مما حرم المشاهد من الفهم الكامل للأحداث, ثم وصل إلى الصحف من مصادر رسمية كم كبير من المعلومات الإضافية المتعلقة بالجوانب المجهولة من الأحداث, تاهت وسط طوفان مستمر من الأخبار حول الضحايا ووسائل الإنقاذ وأخبار أخرى بدت كما لو كانت حكايات طريفة أو مجرد نوادر دون أن يتم وضعها في سياق سليم. (78)

    ولكن بعد أن هدأت الأحداث بدأ يظهر مزيد من الأحداث والحقائق المتصادمة مع الرواية الرسمية للحادث زعزعت الثقة في هذه الرواية التي لم تقنع أحدا في العالم وكان أصدقاء أمريكا في أوربا أكثر الناس تشككا, خصوصا في ألمانيا وأسبانيا وفرنسا, حتى أن مايكل ميتشر وزير البيئة البريطاني السابق وصف أحداث (11/9) بأنها (بيرل هاربر جديدة)صنعت خصيصا لتفعيل مشروع القرن الأمريكي.(79)

    أن الولايات المتحدة لم تفعل شيئا يذكر لإجهاض الهجوم قبل وقوعه برغم كل التحذيرات الاستخباراتية التي وصلت إلى الولايات المتحدة من إحدى عشر دولة صديقة على الأقل, وكان التخاذل في مواجهة الهجوم مثيرا للذهول, فلم تنطلق طائرة واحدة من طائرات الاعتراض العسكرية المفترض أنها في حالة تأهب(24ساعة)في اليوم, ومستعدة للانطلاق في غضون دقائق قليلة, بالتحديد دقيقتان ونصف, وتصل سرعة طيرانها إلى(1800) ميل في الساعة. )80)

    وبيرل هاربر حكاية معروفة في تاريخ الولايات المتحدة الحديث ترجع إلى بدايات الحرب العالمية الثانية حيث كانت الولايات المتحدة مترددة في الاشتراك في الحرب, حتى وقع الهجوم الياباني على الأسطول الأمريكي الرابض في مياه بيرل هاربر وتم تدميره..وقيل إن الرئيس روزفلت كان يعلم مسبقا بالخطة اليابانية, ولكنه لم يفعل شيئا لمنعها فقد كان راغبا في المشاركة في الحرب وفي رأسه خطط إمبريالية توسعية يريد تنفيذها بعد انتهاء الحرب, و تكون الإمبراطوريات القديمة قد أنهكتها الحروب فلا يبقى في الساحة سوى القوة الأمريكية الصاعدة, فلما وقع الهجوم الياباني غضب الشعب الأمريكي وهب لينخرط في القوات العسكرية المحاربة وهكذا تحققت أهداف روزفلت.

    ولقد فعل الهجوم على مركز التجارة العالمي في 11/9/2001 نفس الأثر, وحقق لإدارة بوش فرصتها السانحة لتنفيذ خطتها الإمبريالية التي كانت جاهزة قبل الأحداث بزمن طويل, فيما عرف باسم (مشروع القرن الأمريكي الجديد) وقد سارع بالفعل بعض رجال إدارة بوش بإطلاق اسم بيرل هابر الجديدة على هذه الواقعة كأنما كانوا ينتظرون وقوعها.

    وقد أكد ذلك المدعي العام الأمريكي السابق(جون لوفتوس) حيث صرح بأن( إن المعلومات التي وفرتها أجهزة المخابرات الأوربية لأمريكا قبل هجوم (11/9) كانت معلومات كثيرة ومفصلة, بحيث لم يعد في مقدور ال (سي آي إيه) أو ال (إف بي آي) أن تتنصل من مسئولياتها أو تنسب عجزها وتقاعسها إلى قلة المعلومات )وانتهى إلى أن التقاعس الأمريكي الذي هيأ النجاح للهجوم, كان ذريعة مثلي لوضع مشروع القرن الأمريكي الجديد في حيز التنفيذ. نستنتج من ذلك أن الحرب ضد أفغانستان في اكتوبر2001م سبق التخطيط لها على أسس جغرافية وسياسية مفهومة في إطار مشروع القرن الأمريكي الجديد, ومن ثم لم تكن أحداث (11/9) سببا لها, وإنما مجرد تبرير وذريعة فقط.

    وقد قام أحد الباحثين برصد عدة دلائل قوية تنفي الرواية الرسمية الأمريكية للحادث, بعد أن أطلع على كافة الكتب والمقالات والمصادر الصحفية, وخاصة موقع بول تومسون على الإنترنت, وخرج من ذلك بنتيجة واحدة, هي انقطاع الصلة بين الحادث وبن لادن وحركة طالبان, وعدم صحة إسناد الأحداث لابن لأدن وتنظيم القاعدة, وتتمثل الدلائل والوقائع في الآتي:

1-   سمح قبل الحادث بفترة طويلة لرجال لهم علاقة بطالبان, بدخول الولايات المتحدة الأمريكية علما بأن تحركاتهم معروفة ومرصودة من قبل أجهزة المخابرات الأمريكية رغم وجود إجراءات يمكن أن تمنعهم من الدخول, بل سمح لهم بالتدريب في مدارس الطيران الأمريكية دون ثمة اعتراض, ولما تشكك بعض أصحاب هذه المدارس فيهم قاموا بإبلاغ أجهزة المخابرات الأمريكية المسئولة للتحقيق في الأمر, ولكن هذه الأجهزة لم تفعل شيئا. 

2-    البيانات التي صدرت من القيادات العسكرية عن عمليات الاختطاف يوم الحادث لم تشتمل علىأن أوامر صدرت لطائرات الاعتراض النفاثة بالانطلاق, أنما جاءت هذه التصريحات بعد أيام من الهجوم لاستكمال الناقص في الرواية الرسمية التي كانت تحتوي على بيانات مضللة ومفبركة.

3-   لقد نفي شهود العيان مقولة أن انهيار برجي مركز التجارة العالمي كان نتيجة اصطدام طائرتين بهما و أكدت ذلك جمعيات رجال الإطفاء في نيويورك والمجلة المهنية (فاير إنجينرنج) حيث نفوا أن تكون النيران التي نشأت عن الانفجار أدت إلى صهر الهياكل المعدنية, لأن هذه الهياكل كانت قادرة على مقاومة النيران طويلا, ولكن الانهيار جاء نتيجة وضع متفجرات في الأدوار السفلى بالبرجين أدت إلى تحطيم الركائز الحديدية وحولت الخرسانة إلى تراب, وقد أكد رجال الإطفاء سماعهم صوت إنفجارات صادرة من قاعدة البيانات وطالبوا بإجراء تحقيق مستقل في هذا الشأن           وقد صرح خبير في المناجم والتكنولوجيا أن الانهيار لا يمكن أن يكون قد حدث إلا باستخدام متفجرات, كما أن انهيار البرجين لا يؤدي لانهيار البرج رقم (7), وقد استبعدت جمعية المهندسين المدنيين افتراض تخلل الأساسات خاصة وأن البرج السابع أنهار على ذاته مما يرجح عملية تفجيره من الداخل )81) ولذلك حرصت الحكومة الأمريكية على التخلص سريعا من حطام الأعمدة الحديدية المنصهرة ولم تنتظر حتى يتم فحصها من قبل الخبراء, و حملت على سفن ذهب بعضها إلى الصين, وبذلك أعدم الدليل على وجود المتفجرات.

4-   ثبت أن الهجوم على البنتاجون لم يكن بطائرة بوينج (757) إنما بطائرة أصغر كثيرا منها أو بصاروخ موجه يشبه الطائرة, فلم ترصد كاميرات أجهزة المراقبة في موقف سيارات البنتاجون أية طائرة بوينج في أي لحظة أو من أي زاوية. (82)

5-   كانت أجهزة المخابرات الأمريكية(إف بي آي)و( (C-I-A)لديهما معلومات مفصلة عن خطة الهجوم قبل الحادث وقد تلقوا معلومات أكيدة من اكثر من مخابرات دول صديقة, فالحادث كان معروف لدى مخابرات أكثر من أثنى عشر دولة.

6-   أعلنت المباحث الفيدرالية عثورها على جواز سفر سليم يخص(محمد عطا) وسط أنقاض البرجين فهل يعقل أن ينصهر الحديد من شدة النيران, ولا تحرق هذه النيران الرهيبة وثيقة ورقية ؟ كما أن خمسة من ضمن المتهمين التسعة عشر وجدوا أحياء في المملكة العربية السعودية ومنهم واحدا يعمل طيار في الخطوط الملكية المغربية كما أن قوائم الضحايا التي نشرتها شركات الطيران يوم 13/9/2001م خلت تماما من أسماء المتهمين التسعة عشر, وتداركا لهذا الأمر فأن المباحث الفيدرالية اختلقت قائمة وهمية بأسماء مختطفي الطائرات.

 قامت المباحث الفيدرالية بنشر ترجمة إنجليزية لأربعة وثائق مكتوبة بخط اليد باللغة العربية لتأكيد الرواية الرسمية, في حقيبة (محمد عطا) التي فقدها أثناء الرحلة تتكون من أربعة صفحات تتضمن أدعية دينية تبدأ بعبارة (بأسم الله وبأسمي وبأسم عائلتي) علما بأن المسلمين دائما يبدأون كتاباتهم بالآية (بسم الله الرحمن الرحيم), وهذه العبارة غربية يكتبها أهل الغرب, وإمعانا في التضليل كتبت هذه الوثائق بلغة العصور الوسطي. (83)

7-   أكد طيارون محترفون أن قلة قليلة منهم هي التي يمكنها الإقدام على مثل تلك العملية, مستبعدين تماما قيام طيارون هواه بتنفيذها, بيد أن هناك وسيلة أكيدة لإصابة الهدف, ألا وهي الاعتماد على إشارات, إذ أن أشارة تنبعث من هدف معين ستجذب إليه ببساطه طائرة تسير آليا, وقد سجل بعض هواة استخدام أجهزة اللاسلكي إشارة التقطوها من مركز التجارة العالمي حيث تم رصدها لتداخلها مع إرسال هوائيات تلفزيون بأعلى الأبراج, ويحتمل أن تكون الإشارة قد تم تنشيطها في آخر لحظة حتى لا يتم اكتشافها وتدميرها, ومن الممكن أن يكون القراصنة قد استخدموا أشارتين مستقلتين لصعوبة تنفيذ العملية بإشارة واحدة رغم تحاذي الهدفين.

8-    وعلى أية حال فلابد أنه كان لهم أعوان على الأرض, وإذا كان هناك أعوان على الأرض فليس ثمة ضرورة لعدد كبير من القراصنة على متن الطائرة, إذ أن مجموعة صغيرة كانت تكفي لضبط أجهزة الطيار الآلي, بل لم يكن الأمر يستلزم إطلاقا الاستعانة بأي قراصنة نظرا لعدم أخذ رهائن, فتحويل أجهزة الكمبيوتر الخاصة بالطائرة قبل الإقلاع يتيح التحكم فيها وهي في الجو بفضل تكنولوجيا(جلو بال هوك)التي قامت وزارة الدفاع الأمريكية بتطويرها, بحيث يمكن توجيه الطائرة البوينج عن بعد تماما كطائرة بدون طيار. (84)

    ووفقًا للمعلومات فأن المختطفون يحملون السكاكين, وعقب إغلاق المجال الجوي الأمريكي قام مكتب المباحث الفيدرالية بإجراء تفتيش دقيق لكل الطائرات عقب هبوطها, مما أسفر عن وجود سكاكين مماثلة أسفل مقاعد طائرتين, وقد استنتج المحققون أن جميع مختطفي الطائرات يستخدمون هذا النوع من السكاكين, في أعقاب اكتشاف وكالة المخابرات المركزية أكياس سكاكين مماثلة داخل منزل في أفغانستان كان أسامة بن لادن قد أقام به من قبل, مما يثبت أن الإسلاميين كانوا يتلقون تدريبا على استخدامها, علما بأن عملية تهريب مسدسات مجهزة عبر الطائرات أسهل بكثير من تهريب سكاكين معدنية, و السكاكين لان المجتمع الأمريكي في مخيلته أن المسلمين يفضلون ذبح ضحاياهم, لذلك اتهموهم. (85)

    وزيادة في التضليل الذي مارسته الولايات المتحدة على العالم, وبعد ضغط من الرأي العام العالمي, تم تشكيل لجنة للتحقيق في الحادث, اللجنة الأولى تم تشكيلها في عام (2002) وكانت مشتركة بين أعضاء لجنتي المخابرات في مجلس النواب والشيوخ, وهي لجنة تقصي الحقائق وتكونت من (37) عضوا, وقد تم إرهاب أعضاء اللجنة عن طريق استجوابهم من قبل جهاز(أف بي آي) قبل أن تبدأ اللجنة عملها بدعوى التأكد من عدم تسرب المعلومات للعدو, وقام جهاز المخابرات الفيدرالية باستجواب وتفتيش منازل وخصوصيات أعضاء اللجنة حتى أنهم قلبوا في جداول مواعيدهم وأرقام تليفوناتهم, بل وضعوهم على أجهزة كشف الكذب, مما أحدث رعبا شديدا لدى أعضاء اللجنة, فلم يجرؤ أحدهم على توجيه نقد للجهاز علما بأن ذلك انتهاك فاضح وواضح لمبدأ دستوري هام هو الفصل بين السلطات, وقال أحد أعضاء اللجنة أن الإجراءات السابقة(كانت محاولة لوضع كمامات على أفواهنا وحركتنا وأعتقد أنهم نجحوا في ذلك).

    ولم تكتف الإدارة الأمريكية بذلك بل قام كل من الرئيس بوش ونائبه بالاتصال بزعيم الأغلبية في الكونجرس وهو جمهوري وأكدا عليه أن يحصر مهمة اللجنة في نطاق ضيق جدا حدداه باحتمال وجود تقصير في التواصل بين الأجهزة الفيدرالية, وألا تتوسع اللجنة في بحثها أبعد من ذلك وعللوا طلبهم بتوفير الموارد المالية ولجهد أفراد تحتاجهم الأمة في هذا الظرف مما نتج عنه أن جاء تقرير اللجنة عاجزا عن توفير إجابات شافية لحقيقة ما حدث وعن الفاعلين وكيفية التخطيط والتنفيذ والتي لم تبحثها اللجنة أصلا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى