مقالات

ملاحظات وتوضيحات حول مقال “الجماعة.. التوتر بين الدعوة والسياسة- للدكتور حازم نهار”

معاذ السرّاج

باحث في تاريخ سورية المعاصر وشؤون الحركات الإسلامية
عرض مقالات الكاتب

ثمة ملاحظات حول بعض النقاط التي أثارها هذا المقال للدكتور حازم نهار، والذي نشرته جريدة المدن الإلكترونية بتاريخ 22 – 11 2020.

يأتي المقال في سياق فكرة “فصل الدين أو الدعوة عن السياسة”، ويركز على انتقاد فكر الإخوان المسلمين وممارساتهم العملية.

سنتناول بداية؛ ما صدر به الكاتب مقالته، بالحديث عن تمويل الإخوان المسلمين من جهات أجنبية: “يُذكر أن أوّلَ تمويلٍ وصل إلى جماعة الإخوان المسلمين، كان من الشركة العالمية لقناة السويس، شركة فرنسية بريطانية”، وما تلاه من استنتاجات قدّم لها الكاتب بقوله “التوتر بين مقتضيات العقيدة أو الأيديولوجية من جهة والسياسة من جهة أخرى..”، وكأنه يبنيها على مسلمات مفروغ منها.

هذا التصدير لا يخلو من محاولة مصادرة ذهن القارئ وتوجيهه نحو المقولة الشائعة إلى حد الابتذال عن علاقة الإخوان المسلمين ببريطانيا.

واقعة “التبرع” تلك ليست خافية، وقد أوردها حسن البنا في كتابه “مذكرات الدعوة والداعية” تحت عنوان “هبة شركة القنال”، وفي تفاصيلها التي سنوردها هنا ،نقاط لا تخدم ما أراده الكاتب ،يقول البنا:

“وقبل أن يتم بناء المسجد بقليل، وقد أوشكت النقود المجموعة أن تنفد، وأمامنا بعد مشروع المسجد مشروع المدرسة والدار، وهي من تمامه، بل كلها مشروع واحد، تصادف أن مر البارون دي بينوا – مدير شركة القنال – ومعه سكرتيره المسيو بلوم، فرأى البناء فسأل عنه، وأخذ عنه معلومات موجزة، وبينما أنا في المدرسة إذ جاءني أحد الموظفين يدعوني لمقابلة البارون بمكتبه بالشركة، فذهبت إليه فتحدث إلي عن طريق مترجم بأنه رأى البناء وهو يود أن يساعدنا بتبرع مالي, وهو لهذا يطلب منا رسما ومذكرة للمشروع, فشكرت له ذلك وانصرفت، ووافيته بعد ذلك بما طلب..” . وأضاف البنا:

“ومضى على ذلك شهور كدنا ننسى فيها البارون ووعده، ولكني فوجئت بعد ذلك بدعوة ثانية منه إلى مكتبه، فذهبت إليه فرحب بي، ثم ذكر لي أن الشركة اعتمدت مبلغ خمس مئة جنيه مصري للمشروع، فشكرت له ذلك، وأفهمته أنّ هذا المبلغ قليل جدا ولم يكن منتظرًا من الشركة تقديره، لأنها في الوقت الذي تبني فيه على نفقتها كنيسة نموذجية تكلفها (500000) خمس مئة ألف جنيه مصري أي نصف مليون جنيه، تعطي المسجد خمسمائة فقط، فاقتنع بوجهة نظري، وأظهر مشاركتي فيها، لكنه أسف لأن هذا هو القرار، ورجاني قبول المبلغ على أنه إذا استطاع أن يفعل بعد ذلك شيئًا فلن يتأخر؛ وشكرت له مرة ثانية وقلت : إن تسلم المبلغ ليس من اختصاصي، ولكنه من اختصاص أمين الصندوق محمد حسين الزملّوط ، الذي تبرع وحده بمثل ما تبرعت به الشركة، وسأخبره ليحضر لتسلمه, وقد كان. وتسلم أمين الصندوق المبلغ، وطبعا لم يفكر البارون في عمل شيء آخر؛ ولم نفكر نحن في أن نطلب منه شيئًا كذلك”.

ومن خلال ما ورد نلحظ النقاط الآتية:

أولا: عند تأسيس الجماعة عام 1928، كان حسن البنا، في الثانية والعشرين من العمر، وزملاؤه الذين شاركوه في التأسيس في سن مقاربة، وكان أساس دعوتهم ما رأوه من أن المجتمع المصري : “تحطمت فيه المقاييس الخلقية ،وتدهور مستوى الفضائل تدهورًا يدعو إلى الأسف الشديد، وتظاهرت عليه معاول الهدم من كل جانب. فالشبان والشابات والأسر والجسوم والرواح كلها محطمة تحطيمًا يدعو إلى منتهى السرعة في الإصلاح والترميم. وإنما يكون ذلك بوسائل كثيرة من أصولها الرئيسة إصلاح منابع الثقافة وإصلاح القانون، واستغلال وقت الفراغ، ومحاربة المنكرات”.. ومن الواضح هنا أن السياسة لم تكن ضمن أولوياتهم في تلك الفترة.

ثانيًا: واقعة التبرع، جاءت ضمن حملة لبناء المساجد بدأ بها الإخوان في الإسماعيلية بهدف نشر الثقافة الدينية وتأسيس مراكز للوعظ والإرشاد، بناء على الرؤية التي سبق ذكرها, ولم يكن ثمة سياسة ولا أهداف سياسية. والمسجد المقصود هنا هو مسجد الإخوان في الإسماعيلية الذي افتتح في رمضان أوائل شهر ديسمبر كانون أول 1929، وافتتح معه في اليوم نفسه مسجد آخر بناه أحد المحسنين. وهذا النوع من العمل ولا يزال في صدارة أعمال الجماعة منذ تأسيها إلى اليوم، ولاقى ترحيبًا وتشجيعًا واسعًا.

ثالثًا: فكرة التبرع للمساجد أو الكنائس، من المسيحيين أو المسلمين، ليست جديدة ،وما أثارته من فهم خاطئ حول عدم جواز الصلاة في مسجد بني بأموال الخواجات أو المسيحين، ليس جديدًا، وقد ذكر البنا أنه تمكن من الرد على المعترضين وتصحيح هذا الفهم، وقال: ” بأن هذه خرافة، فهذا مالنا لا مال الخواجات، والقناة قناتنا، والبحر بحرنا، والأرض أرضنا، وهؤلاء غاصبون في غفلة من الزمن”، فضلا عن أنه لا يجافي الناحية الشرعية.

البنا سجل أيضًا، اعتراضه على مدير شركة القناة، بأن شركته تبرعت ب 500 جنيه فقط للمسجد, في حين تبرعت بمبلغ نصف مليون جنيه مصري، لبناء كنيسة، وهو الأمر الذي سكت عنه الكاتب ولم يشر إليه؟!

رابعًا: ما ذكره الكاتب من أن مكتب الإرشاد هو من اعترض على البنا، لم يكن دقيقًا، لأن مكتب الإرشاد تشكل عام 1933، بعد تلك الواقعة بأربع سنوات، حين بدأ التنظيم الفعلي للجماعة، بعد أن توسعت وانتشرت فروعها في معظم المدن المصرية، وجاء تشكيله باقتراح من مجلس الشورى، الذي انعقد هو الآخر لأول مرة، أوصى بدوره بتشكيل مكتب الإرشاد، وفي مدينة الإسماعيلية التي شهدت التأسيس الأول عام 1928. وهذا يعني أن الجماعة كانت في طور النمو، ومن المبكر النظر إليها أو محاسبتها كجماعة سياسية تضاهي الأحزاب العريقة، كحزب الوفد وغيره، بل رئيس وزراء مصر، وبعد سنوات على تأسيس الجماعة كما قيل ، لم يكن قد سمع بها،  حتى إنه عندما التقى بالبنا مرة، ظن أنه ينتمي إلى حزب الوفد!

الكاتب أيضًا، يأخذ على الجماعة: “استخدام الصيغ الشمولية”، و “الخلط بين الإفتاء والسياسة”، وينسب إليها رفض “التعددية الحزبية”، و”العجز عن بناء مشروع حزب سياسي”, ومع أن هذه المقولات عامة وتحتمل الرد والنقاش، فإن الكاتب خلص منها إلى أن التوتر: “يكاد يكون ملازمًا دائمًا لجماعة الإخوان في المحطات جميعها، وفي البلدان كلها التي تنشط أو لها وجود فيها”.. وهذه مبالغة فيها الكثير من التعميم والاختزال، بالنظر إلى التاريخ الطويل للجماعة، وكثرة وتنوع تجاربها.

وتعليقا على مقولة الكاتب بأنه: “طالما أرادت جماعة الإخوان المسلمين الدخول إلى معترك العمل السياسي، فإنه ينبغي لها الخضوع إلى قوانينه وأحكامه وآلياته..” نقول: إن الجماعة، ومنذ تأسيسها عام 1928 عملت تحت القانون والدستور المصري، ووفق بيانها التأسيسي وأهدافها المعلنة، وعندما تم حلها عام 1948، كان ذلك بدوافع سياسية وليس قانونية, وقد عادت الجماعة إلى نشاطها بعد ثورة عام 1952، وعندما تم حلها مرة ثانية، كان ذلك لدوافع سياسية أيضا. ولهذا فقد عادت الجماعة إلى نشاطها في عهد الرئيسين أنور السادات، ثم حسني مبارك، وشاركت في الحياة السياسية كما هو معروف.

  • اعتراضات على إخوان سورية:

بالأسلوب ذاته ينتقد الكاتب الإخوان السوريين بعبارات عامة ونظرية، تتنقل بين الماضي والحاضر، وتسقط الفكر على الممارسة وبالعكس، بعيدًا عن الواقع والسياق التاريخي أمثلة:

“عجز الإخوان عن كسب ثقة القوى السياسية الأخرى”

“قدرتهم على ممارسة براغماتية فاقعة”؛

“انتقال الجماعة في سورية من الحوار مع النظام قبل الثورة السورية بأشهر قليلة إلى التعامل الحذر مع الثورة في بدايتها، ومن ثم إلى التطرف في شعار إسقاط النظام بعد الثورة بشهرين”.

“المساحة الأيديولوجية الممتدة التي تستوعب تنظيميًا المسلمين العاديين والتنويريين والمجدِّدين والإصلاحيين والوسطيين والصوفيين والسلفيين والمتطرفين وغيرهم” “قادة الجماعات الإسلامية المتطرفة في معظمهم قد انطلقوا من رحم الإخوان المسلمين”… وهكذا

وسنحاول هنا الوقوف عند بعض النقاط.

أولاً: يقول الكاتب: “تحتاج الجماعة إلى الخروج على تعريفها الأصلي إن أرادت فعلًا التوافق مع مقتضيات العمل السياسي الديمقراطي”.

والواقع أن الجماعة سبق وأن مارست “العمل السياسي الديمقراطي” وفي ظل الدستور السوري, منذ تأسيسها عام 1945. وكان لها أعضاء في البرلمان والوزارة، في معظم الأحيان، وولم تكن بحاجة لتغيير بيانها التأسيسي، الذي يعترض عليه الكاتب، وإن كانت قد فعلت ذلك لاحقا.

وكان للجماعة مكانتها داخل الأوساط الاجتماعية والسياسية، وأثنى عليها عدد من الزعماء السياسيين مثل فارس الخوري؛ ونادرًا ما ذكرت بسوء في مذكرات وكتابات تلك المرحلة.

ثانيًا: في سياق حديثه عن التنظيم العالمي للإخوان، يقرر الكاتب أن “للجماعة ارتباطات فوق وطنية دائمًا، يمكنها أن تمنع حدوث توافق وطني مع القوى الأخرى”. وفي هذا مجافاة للواقع, بكل تأكيد. فقد كان الإخوان على الدوام, الأكثر التزاما بقضايا الوطن والأمة.

وعلى سبيل المثال, فقد وقف الإخوان المسلمون, ضد العدوان الثلاثي عام 1956، بمن فيهم المصريون، الذين كانوا يتعرضون للاضطهاد آنذاك، وسارع الإخوان في سوريا إلى إقامة مراكز للتطوع والتدريب استعدادا للدفاع عن مصر. وقابل وفد يضم الإخوان السوريين والمصريين – الذين كانوا لاجئين في سوريا حينها – سفير مصر في دمشق وسلموه بيانًا رسميًا بموقفهم، وذهب الإخوان المصريون أبعد من ذلك حين طالب المسجونون منهم بإتاحة الفرصة لهم للدفاع عن بلدهم متعهدين بالعودة إلى السجون، وقد حدث ذلك بالفعل، ووثقته الصحف المصرية آنذاك.

هل ثمة بعد هذا دليل أكبر على وطنية الإخوان؟؟

ولما قامت الوحدة بين مصر وسوريا عام 1958، لم يتردد الإخوان في تأييدها والتوقيع على ميثاقها، واستجابوا لمطلب عبد الناصر بحل الأحزاب كشرط لإتمام الوحدة. وكانوا الوحيدين الذين رفضوا التوقيع على وثيقة الانفصال.

نشير أيضًا، إلى أن الجماعات الإسلامية المنتشرة في عشرات الدول، والتي تنتمي للإخوان فكرًا أو تنظيمًا, ليست واحدة، بل هي مدارس عديدة ومتنوعة، ولكل منها سياسته المستقلة، وأكثرها لا يرتبط بمكتب الإرشاد، الذي ينحصر دوره غالبًا، في المناهج والرؤى العامة.  

ثالثًا: وفي سياق ليس ببعيد، ولمزيد من إلقاء الضوء على مواقف الإخوان، نذكر هنا أن أحزابا سورية رئيسية, تجاوزت الأيديولوجيا والوطنية في دساتيرها وارتباطاتها, وأعطت ولاءها للدول وللأحلاف الإقليمية التي نشطت بين الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي, كحلف بغداد وغيره.

وليس سرا أن الحزب الشيوعي السوري أيّد تقسيم فلسطين، تبعا لموقف الاتحاد السوفييتي الذي اعترف بالكيان الصهيوني عام 1948، ولم يتورع بعض أعضائه الحزب عن التصدي بالسلاح للجماهير الغاضبة التي كانت تحتج على مواقفهم.

بعض الأحزاب نصت في دساتيرها وبعبارات صريحة، على مسائل عديدة مما يتهم به الإخوان بغير حق.

مقولة “العنف الثوري” و”الانقلابية”, و”الطريق المعبد بالدماء”، تعود إلى حزب البعث، الذي سمى نفسه ب”حزب أقلية”, كما في كتابات ميشيل عفلق، وقد مارس العنف الدموي وأصبح حزب أقلية بالفعل، كما ذكر قادة حزبيون معروفون. 

وقد ورد  في مذكرات أكرم الحوراني ومطيع السمان، أن بعض الأحزاب اتهمت بأعمال عنف واغتيالات وتفجيرات، أثناء العهد الوطني, وثبت ذلك في التحقيقات.

وليس هذا فحسب، بل إن الانقلابات العسكرية، والفوضى والاضطراب السياسي الذي رافق العهد الوطني كان للأحزاب اليد الطولى فيه، وعُرف عنها تشكيل الخلايا السرية في الجيش, وتشجيع العسكريين على التدخل في السياسة، والتطاول على السياسيين والزعماء الوطنيين والتمادي في إهانتهم.

الأحزاب الرئيسة، حالت دون إقرار مشروع قانون يقضي بعزل الجيش عن السياسة، ومنع الأحزاب من العمل داخل الجيش، اقترحه الشيشكلي. وهي من أسقطت وزارة معروف الدواليبي الذي كان معروفا بسياسة الحياد ورفض الأحلاف الإقليمية والدولية، وكان ضمن برنامجه وقف تدخل العسكريين  في السياسة، كما ورد في مذكرات خالد العظم.

هذه لمحات مهمة من تاريخ سورية المعاصر، كان الإخوان فيها الأكثر اتزانًا وموضوعية في مواقفهم وسياساتهم. ولم يرد ذكرهم بسوء في شيء منها. ومن الحق والموضوعية ألاّ يتم تجاهلها في سياق البحث في تاريخ سوريا ومشكلاتها المعاصرة.

  • الإخوان والثورة السورية:

في ختام مقالته؛ يقول الكاتب: “نقد الجماعة لنفسها، ونقدنا لها، ضرورة وطنية، بعيدًا عن شيطنتها التي تهدف إلى تبرئة الذوات الأخرى، وتحميل الجماعة المسؤولية كلها عن فشلنا أو تهدف لمغازلة حكوماتٍ بعينها لم تكن في أي لحظة في الطريق القويم، ولا مع ثورات الشعوب”.

ولعل من المفيد في سياق هذه الفقرة التي يبدو أنها تمثل القصد من وراء المقالة, أن نذكر النقاط التالية:

أولاً: عندما انطلقت الثورة في 15 آذار 2011، لم يكن الإخوان المسلمون في أحسن أحوالهم، وإن كانوا لا يزالون يحتفظون بهيكلهم التنظيمي ومؤسساتهم التي أصابها الكثير من الوهن والترهل، نتيجة الظروف القاسية التي تعرضت لها طيلة ثلاثين عامًا. ولا يتوقع منها المرونة ولا الحيوية الكافية التي تتطلبها الاستجابة للمستجدات. والمطلعون على أوضاع الجماعة وظروفها، يدركون حقيقة عجزها عن تقديم النماذج الأكفأ والأقدر على مختلف المستويات، ومن الطبيعي أن ينعكس ذلك على أداء الجماعة ودورها في الثورة السورية.

ثانيًا: ليس سرًّا أن التصالح مع النظام، توجه موجود لدى شريحة واسعة من الإخوان منذ أحداث الثمانينات، وأن شريحة واسعة ترى فيه اجتهادًا سياسيًا واجبًا ضمن شروطه ومقتضياته. وليس سرًّا أن هذه المسألة وتفرعاتها الفكرية والسياسية ،كانت ولاتزال موضع خلاف بين الإخوان، وأدّت إلى انقسام الجماعة عام 1985 ما تسبب بتراجعها وتوهين صفوفها منذ ذلك الحين. وقد ظل هذا التوجه مثل السياسة الرسمية للجماعة بعد وحدتها عام 1991، على الرغم من فشل كافة الوساطات ومحاولات التفاوض كلها، بسبب تعنت النظام. ولا يخفى أنه أسهم كثيرًا في إضعاف الجماعة وتفريق صفوفها وإضاعة جهودها في غير طائل. ولعله انعكس أيضا على سلبية قيادة الجماعة ،تجاه الثورة السورية في أسابيعها الأولى.

لكن هذا لا يمنع من القول : بأن كوادر الإخوان، بادرت مبكرًا بالتفكير والاستعداد لثورة محتملة في سورية، وقبل انطلاقها بأسابيع، وأن شباب الإخوان، كان لهم دور مهم في تنسيقيات الثورة السورية.

ثالثًا: الإخوان، منذ الثمانينات، شبه مقطوعين عن الداخل السوري، تنظيميًا وسياسيًا واجتماعيًا، ويجهلون تفاصيله وتعقيداته ،ولهذا فإن تسرعهم واندفاعهم، وإيغالهم في المبادرات والعلاقات دون برامج وضوابط واضحة، ومع جهات وشخصيات محلية وإقليمية ودولية، أكثرها جديد عليهم، وبعضها ظاهر العداء، وأهدر الإخوان بذلك الكثير من خبرتهم وتجربتهم. مما كان له أسوأ الأثر عليهم وعلى الثورة. ويلحق بهذا الظهور المتكرر لقيادات الإخوان في واجهة الأحداث، متجاوزين بذلك قرارًا مبكرًا يلزمهم أن يكونوا في الصفوف الخلفية، تقديرًا للصالح العام، وللمعرفة اليقينية بحقيقة نظرة العديد من القوى المؤثرة تجاههم.

رابعًا: هناك حقيقة مهمة؛ تأخر الإخوان كثيرا في إدراكها، وهي أن الساحة السورية في غالبها، لم تكن مواتية لهم ولتوجهاتهم. وأن الترحيب الظاهر  والأجواء الودية التي قوبلوا بها في بدايات الثورة، كانت وقتية، فرضتها ظروف المرحلة، مع أن الإخوان بذلوا بدورهم الكثير في هذا الجانب.

والواقع أن شرائح واسعة من الإعلاميين والسياسيين والعاملين في الحقل الثقافي، متشبعون بثقافة علمانية، وليسوا على توافق مع الإخوان، بل يرفضونهم ابتداء. ومن هنا فإن مساحة الثقة المتبادلة ظلت محدودة للغاية، ولم تلبث الخلافات والاتهامات أن بدأت بالظهور مع تقدم الثورة وتعقد مساراتها.

ولا تخرج علاقة الإخوان بالتيارات السلفية عن هذا التوصيف، على الرغم من أن كثيرين يضعونهم في خندق واحد.

ملاحظة : الصحيفة التي نشرت مقال د. حازم امتنعت عن نشر ردّنا .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى