دين ودنيا

يتجلّى للمتدبِّرِ الفرق الواسع بين الْـحرفيْنِ:

الـحَسن ولد ماديكْ

باحث في تأصيل القراءات والتفسير وفقه المرحلة
رئيس مركز إحياء للبحوث والدراسات
عرض مقالات الكاتب

﴿وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّـي حَقًّا وَقَدْ أحْسَنَ بِـي إِذْ أَخْرَجَنِـي مِنَ السِّجْنِ﴾[يوسف 100]﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِـي الْأَرْضِ﴾[القصص 77]في المعاني الأربعة التالية:أولها: تعدِيَةُ الإحسانِ (بالباءِ) في سِياقِ الإنعامِ على العبْدِ الشَّكورِ يوسُفَ. وثانيها: تعدِيةُ الإحسان بالحرف (إلـى) في سِياقِ ابتلاءِ العبدِ الكَفُورِ قارونَ.وثالِثُها: إسنادُ الإحسانِ إلى ﴿ربِّ العالَـمِينَ﴾ في سياقِ الإنعام على يوسف لقُصورِ دلالةِ كلمة ﴿رَبِّنَا﴾ حيث ورَدَ ذِكرُها فـي الكِتابِ المنزَّل على فِعْلٍ خارِقٍ مُعجِزٍ لا يَقْدِرُ أَحَدٌ مِن العالمينَ على مِثْلِهُ لِنَفْسِه وكما في التفصيل التالي:ـ ليقوم به أمْرٌ أو فِعلٌ خارق يعجز العالمون عن إيقاعه كما يعجزون عن دفعه كما في قوله ﴿إِنَّ رَبَّكُمُ اللهُ الذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِـي سِتَّةِ أَيَّامٍ﴾[الأعراف 54].ـ أو لبيان نِعَمِه التي لا كسْب للمخلوق فيها وما يجب له من العبادة والشكر كما في قوله ﴿وَقَالَ يَا أَبَتِ هَذَا تَأْوِيلُ رُؤْيَايَ مِنْ قَبْلُ قَدْ جَعَلَهَا رَبِّـي حَقًّا﴾[يوسف 100] وقوله ﴿رَبِّ قَدْ ءَاتَيْتَنِـي مِنَ الْـمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِـي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ﴾[يوسف 101].ـ أو لاستعانتِه لِيَهَبَ لنا في الدنيا أو فِـي الآخِرةِ ما لا نبلغُه بجهدنا ولا نستحقه بعملنا القاصر كما في قوله ﴿قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِـي وَهَبْ لِـي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي﴾[ص 35].ورابعها: إسنادُ الإحسانِ إلى ﴿الله﴾ في سياقِ استدْراجِ قارونَ لقُصورِ دلالةِ كلمة ﴿الله﴾ حيث ورَدَ ذِكرُها فـي الكِتابِ المنزَّل على التكليف وأسبابِه وءَاثارِه وهي تفصيلا:ـ لبيان عبادة وتكليف من الله المعبود يسع جميع المخاطبين به الطاعة والعصيان ﴿وَقَالَ اللهُ لَا تَتَّـخِذُوا إِلَـهَيْنِ اثْنَيْنِ﴾[النحل 51] وقوله ﴿وَأَطِيعُوا اللهَ﴾[التغابن 12]. ـ أو لبيان أسباب العبادة التي أمدّ الله بها المكلفين ﴿وَخَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْـحَقِّ وَلِتُـجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِـمَا كَسَبَتْ﴾[الجاثية 22]، وقوله ﴿وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِـي الْأَرْضِ﴾[القصص 77]. ـ أو لبيان أثر الإيمان والطاعة على المكلفين في الدنيا ﴿فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْـجَاهُ اللهُ مِنَ النَّارِ﴾[العنكبوت 24]. ـ أو لبيان أثر الكفر والمعصية على المكلفين في الدنيا ﴿أَفَلَـمْ يَسِيرُوا فِـي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللهُ عَلَيْهِم﴾[القتال 10]. ـ أو لبيان الحساب والجزاء في الآخرة ﴿وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ﴾[النور 39]. أو لبيانِ أثَرِ الإيمان والطاعة في الآخرة ﴿وَنَادَى أَصْحَابُ النَّارِ أَصْحَابَ الْـجَنَّةِ أَنْ أَفيضُوا عَلَيْنَا مِنَ الْـمَاءِ أَوْ مِـمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ﴾[الأعراف 50]أو لِبيانِ أَثَرِ الكُفْرِ والعصيانِ في الآخِرَة ﴿قَالُوا إِنَّ اللهَ حَرَّمَهُمَا عَلَى الْكَافِرِينَ﴾[الأعراف 50]من موسوعتي للتفسير وأصوله قسم معاني المثاني مادة “حسن”

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى