بحوث ودراسات

الشرعية الدولية ومعتقل جونتانامو – 5 من 10

الدكتور السيد مصطفى أبو الخير

خبير أكاديمي في القانون الدولي
عرض مقالات الكاتب

المبحث الثاني

الشرعية الدولية والحرب ضد أفغانستان

    نتناول في هذا المبحث الحرب ضد أفغانستان واحتلالها في ضوء الشرعية الدولية, حيث نطبق مفاهيم ومبادئ وقواعد وأحكام الشرعية الدولية على ما حدث لأفغانستان عام2001م.

   ففي ثنايا هذا المبحث نتعرض بالدراسة لمدى صحة نسبة أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001 لتنظيم القاعدة من عدمه, حيث شككت روايات عديدة في ذلك, واعتبرته حادثا داخليا أمريكيا, وهذا موضوع المطلب الأول، أما المطلب الثاني: نتعرض فيه للأسباب السياسة والاقتصادية والعسكرية الحقيقية وراء اختيار أفغانستان، والمطلب الثالث: نعرض لموقف الأمم المتحدة من الأحداث وما صدر عن مجلس الأمن من قرارات بشأنها، والمطلب الرابع: نبين في ثناياه موقف الشرعية الدولية من الحرب ضد أفغانستان ويتكون هذا المطلب من فرعين الأول موقف القانون الدولي من الحرب ضد أفغانستان، والثاني نتناول فيه موقف الشرعية الدولية من معتقل جونتانامو, لذلك يتكون هذا المبحث من المطالب الآتية:  

المطلب الأول: عدم إستاد أحداث الحادي عشر من سبتمبر2001م قيام لتنظيم القاعدة.

المطلب الثاني: الأسباب الحقيقية للاعتداء على أفغانستان.

المطلب الثالث: الأمم المتحدة والاعتداء على أفغانستان.

المطلب الرابع: المطلب الرابع: الشرعية الدولية والحرب ضد أفغانستان

الفرع الأول: القانون الدولي المعاصر والحرب ضد أفغانستان

الفرع الثاني: الشرعية الدولية ومعتقل جوانتانامو

المطلب الأول

عدم صحة إسناد أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001م لتنظيم القاعدة

    ظهرت كتابات وأصوات عديدة, تشكك في صحة إسناد أحداث الحادي عشر من سبتمبر لتنظيم القاعدة وبوجود تنظيم بهذا الاسم, استندوا على دلائل قوية لا يجوز ولا يمكن تجاهلها أو القفز عليها, دون ترتيب نتائج مهمة عليها, وهذه البراهين والأدلة ظهرت في العديد من الكتب وعلى شبكة الإنترنت وفي تصريحات صحفية. ولم يسمع أحد بها أو يشعر بصوتها وراح صداها سدى, لأن الصوت الأمريكي عقب الأحداث كان عاليا ولم يترك لأي إنسان مهلة للتفكير فيما حدث أو للعقل أن يزن الأمور بميزانه, وقد أرهب الأعلام الأمريكي العالم كله, حتى أن البعض ذهب إلى أن دول العالم كلها كانت خائفة من الرد الأمريكي على ما حدث. ولكن بعد أن هدأ الصوت والعاصفة, وتحرر العقل من طغيان الأعلام وهوسه. ظهر نور الحقيقة, وأدرك العالم أنه كان واهما وأغمض عينه وعقله عن الحقيقة تحت تأثير الميديا الأمريكية وقت الحادث.

    ومن هذه الكتب, كتاب (الحرب والعولمة الحقيقية وراء 11سبتمبر) من تأليف مايكل تشودوفيسكي, وكتاب مايكل بارنتي بعنوان(مصيدة الإرهاب-11سبتمبروما بعده) وكتاب(جيمس ريد جواي) بعنوان (الأسئلة الخمسة التي لم تتم الإجابة عليها) وكتاب(11سبتمبرينكشف-تحدي الحقائق وراء الحرب على الإرهاب)من تأليف كل من هانشال ورولاند مورجان, وكتاب (11سبتمبر2001الخديعة المرعبة) تأليف تييري ميسان, ويأتي على رأس هذه الكتب, كتاب بعنوان (بيرل هاربر الجديدة: أسئلة مقلقة حول إدارة بوش و11سبتمبر) لمؤلفه (ديفيد راي جريفين) وكتاب (نفيس صادق) الحرب على الحقيقة. ويتآزر مع هذه الكتب العديد من المقالات في الصحف العالمية, منها مقال وليام بنش في صحيفة(فلادفيا ديلي نيوز) في 11سبتمبر 2003م, بعنوان (لماذا ليس لدينا إجابات على الأسئلة التي فجرها هجوم 11/9حتى الآن), وجريدة (نيويورك تيمز)بتاريخ 29/نوفمبر 2002م, وجريدة نيوزويك في 15/9/2002م ومقال (جوك وناسون) في مجلة نيوزويكأوبزرفر)في 21/فبراير2004م. كما يعضد ما سبق أيضا, العديد من المواقع على الإنترنت والمذكورة في كتاب تييري ميسان وأهمها موقع بول تومسون والمسمى(time line (.

    وينبغي علينا قبل الخوض في غمار الأدلة والوقائع الصحيحة والمؤكدة, التي تؤكد على أن أحداث الحادي عشر من سبتمبر صناعة أمريكية, ولم يقم بها بن لادن وأنصاره, أن بين حقيقة تنظيم القاعدة.

    بداية لا يوجد في الواقع تنظيم يسمى (تنظيم القاعدة), بل هو عدو خلق في مبنى المخابرات المركزية الأمريكية, وذريعة لما تفعله وسوف تفعله الولايات المتحدة بالمسلمين دينا و شعوبا ودولا, فقائد التنظيم المدعو(أسامة بن لادن) المولود عام 1957م أحد أبناء الشيخ(محمد بن لادن)الأربعة و الخمسين, والده مؤسس مجموعة بن لادن السعودية عام1931م, وهي من أكبر الشركات السعودية, وهو حاصل على بكالوريوس الاقتصاد وإدارة الأعمال من جامعة الملك عبد العزيز ويعرف عنه مهارة رجال الأعمال.

     – في ديسمبر1979م, قام بإدارة العمليات المالية السرية لوكالة المخابرات الأمريكية في أفغانستان والتي بلغت(ملياري دولار) لذلك فهي تعد أكبر عمليات الوكالة تكلفة, بغرض إجهاض ووقف نشاط الإتحاد السوفيتي في أفغانستان, حيث كان جهاز المخابرات السعودي والأمريكي يعملان على تجنيد الإسلاميين وتدريبهم وتسليحهم بدعوى أن حرب السوفيت حرب مقدسة وتم استغلال مشاعر المسلمين لتنفيذ مخططات الأمريكان في آسيا. وكان أسامة يقوم بهذه المهمة عن طريق تدوين بيانات على الحاسب الآلي تحت مسمى (القاعدة) وهو أسم يقصد به حرفيا( قاعدة المعطيات) ومن هنا جاء إطلاق مصطلح (تنظيم القاعدة) أي لازال الاسم نفسه والمهمة نفسها أيضا والتي تتلخص في تمرير المشروع الأمريكي وتسويقه في العالم عامة والعالم الإسلامي خاصة.    

– وفي عام 1990م, أقترح أسامة على الحكومة السعودية بأن يقوم هو ومن جنده من شباب الإسلام الذين هزموا الإتحاد السوفيتي السابق في أفغانستان, بطرد صدام حسين من الكويت بدلا من الاستعانة بالقوات الأجنبية وخاصة الأمريكية ولكن الحكومة السعودية رفضت الاقتراح, نتيجة لذلك رأت الولايات الأمريكية الاستفادة من هؤلاء, وتم التمهيد لاتهام بن لادن بإنشاء وإدارة تنظيم يدعو(تنظيم القاعدة).

– ففي عام1992م, تم اتهام تنظيم القاعدة بأنه السبب في مقتل (18)من قوات المارينز في الصومال في حملة(أعادة الأمل)وأتضح أن الجنود الصوماليون هم الذين ارتكبوا هذا الحادث, وقد ظهر ذلك على شاشات الفضائيات حينما قاما هؤلاء الجنود الصوماليون بسحل قوات المارينز وربطهم في الأشجار.

– وفي عام 1996م, أتهم تنظيم القاعدة المزعوم بتدبير وتنفيذ هجوم الخبر بالسعودية على القاعدة الأمريكية والذي راح ضحيته (18)جنديا أمريكيا, وفي7 أغسطس 1998م وقع اعتداء على كل من سفارتي الولايات المتحدة في دار السلام بتنزانيا, ونيروبي بكينيا وأتهم فيه تنظيم القاعدة أيضا, و في 12أكتوبر 2000 وقع اعتداء بقارب مفخخ على المدمرة الأمريكية (كول) بخليج عدن باليمن وتم اتهام تنظيم القاعدة أيضا, وفى عام 2006 تم تفجير فندقين بالأردن وأتهم تنظيم القاعدة وهو ما لم يتم إثباته.

      وبين عامي 1987 – 1998 كان يشرف على إعداد المقاتلين التابعين لتنظيم القاعدة المزعوم    (على محمد ) الضابط المصري الذي التحق بالجيش الأمريكي والذي كان يقوم في الوقت نفسه بالتدريب في مركز ومدرسة جون كنيدي للحرب الإلكترونية وكان يقوم في ذات الوقت بتدريب اكبر شبكات التأثير سرية شبكة( قف بالخلف ) بالإضافة لتدريب القوات الخاصة بالولايات المتحدة, فهل يعقل أحد ولو لحظة أن يعمل علي محمد بالتبادل في قاعدة عسكرية أمريكية وفي قاعدة عسكرية تتبع تنظيم القاعدة في السودان وأفغانستان, دون أن يتم اكتشاف أمره على الفور علما بأن القواعد الأمنية لأجهزة المخابرات الأمريكية تنص على المراقبة الوثيقة للعاملين بعضهم بعضا, وتم اعتقال علي محمد في نهاية 1998م مصحوبا بضجة إعلامية, فهل يعقل أن يعمل هذا الضابط في شبكة(قف بالخلف) وفي توريد المقاتلين التابعين لتنظيم القاعدة دون أن يكشف أمره. (72)

    لم تنقطع العلاقة بين بن لادن ووكالة المخابرات المركزية ففي عام 1998م, فعندما أشتد عليه المرض في الفترة ما بين 4, 12 يوليو 2001م تلقى العلاج بالمستشفى الأمريكي بالأمارات وفي خلال فترة العلاج قام بزيارته عدد كبير من أفراد عائلته, بالإضافة للعديد من الشخصيات السعودية والإماراتية. وشوهد أيضا الممثل المحلي لوكالة المخابرات المركزية في دبي يزوره في غرفته, وفي مساء ليلة (11/9)كان أسامة بن لادن في باكستان وقد تم إدخاله سرا إلى مستشفى عسكري في مدينة روا ليندى لإجراء عملية غسيل كلوي تحت حماية الجيش الباكستاني. ولقد تورط في هذا التزييف بعض المقربين من بن لادن وبعض مقاتلي تنظيم القاعدة, وقد استخدمتهم الولايات المتحدة في كوسوفا والشيشان. لذلك فأن أسامة بن لادن ليس عدوا للولايات المتحدة الأمريكية بل هو عميل لها, و لم ينفصل عن عائلته التي تعد شريكا تجاريا أساسيا لعائلة بوش. (73) ترتيبًا على ما سبق, يتضح أن تنظيم القاعدة وهم وخيال تم خلقه لاستغلاله في تمرير وتبرير التصرفات الأمريكية في العالم الإسلامي.

    أما عن حقيقة طالبان فقد أنشئت طالبان بمبادرة باكستانية ومباركة أمريكية, و كان البعد الاستراتيجي هو الدافع الأكبر وراء ذلك, و برز اتجاهان داخل الإدارة الأمريكية أحدهما مؤيد لطالبان والآخر معارض وغلب التيار المؤيد, الذي رأى أن البعد الاستراتيجي يجب أن يطغي في التعامل مع طالبان, فهي ضد إيران وروسيا ومع باكستان لذا يجب السكوت عليها وعدم انتقادها, فالكيفية التي تعامل بها مواطنيها شأن يخصها وحدها. كما أن طبيعة طالبان التقليدية المحافظة وعدم خبرتها في السياسة الإقليمية والدولية, ستجعلها على عكس الإسلام السياسي (الجهادي), و منكفئة داخليا وليست لديها رغبة في تصدير ثورة خارج أفغانستان, فهي تهتم بمسائل السلوك الفردي وقضايا الإسلام التقليدية. (74)

    وبعد انتهاء شركات البترول الأمريكية من شراء حقول النفط والغاز في منطقة بحر قزوين في النصف الثاني من التسعينات, ظهرت الحاجة إلى نقل هذه الكميات الهائلة من النفط والغاز إلى الأسواق المفتوحة وبروزت أفغانستان كممر لأنابيب نقل هذه الثروات فانقلبت الولايات المتحدة الأمريكية على حليفتها طالبان وأجبرت حليفتها باكستان على تمهيد السبيل للقضاء على طالبان, لتحقيق هدفها الكبير بعد أن أستقر نهائيا على أن أفغانستان هي الممر والمعبر الوحيد لمرور أنابيب النفط والغاز مما يتطلب ترتيبات جذرية في الأجزاء التي تسيطر عليها طالبان, وعملت الولايات المتحدة على تحييد دول الجوار, وترتيب المنطقة على أسس جديدة لضمان مرور الشريان الجديد لسيطرتها العالمية, مع أن الرئيس الأمريكي الأسبق ريجان وصف قادة طالبان أثناء تقديمهم لرجال الصحافة في حديقة البيت الأبيض عام 1986م (أن هؤلاء السادة هم النظير الأخلاقي للآباء الذين أسسوا الولايات المتحدة الأمريكية). (75)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى