مختارات

في الذكرى 500 لتولّي أعظم السلاطين : سليمان القانوني وسرّ صندوق الوصيّة

محمد علاء الدين

كاتب وإعلامي سوري
عرض مقالات الكاتب

أعظم السلاطين العثمانيين وأطولهم مدة حكم، بلغت السلطنة في عهده أوجها الذهبي رفعةَ علم ومعرفة وبنيان، بعدما تضاعفت مساحة رقعتها لتشمل قلب العالم القديم بقاراته الثلاث برّاً وبحرا.

توغل في قلب أوربا فأسقط ممالك وأخضع ملوكاً اعترفوا له بالسيادة ودفعوا الجزية لخزائن إمبراطوريته، الأعظم في زمنها، وأطلقوا عليه لقب ( سليمان العظيم) ويوم وفاته دقت أجراس الكنائس في عموم أوربا ثلاثة أيام.

حمل اسمه من الألقاب المُعظِّمة، وكانت مثار تفاخر، ما لم يحمله سواه من الملوك والأباطرة، فصار اللقب الرسمي (صاحب الجلالة الإمبراطورية، سلطان السلاطين، خان الخانات، أمير المؤمنين وخليفة رسول الله، حامي المدن المقدسة الثلاث….) وتمضي الصفات في اللقب لتعداد حكمه لكل الأقاليم والمدن الشهيرة والتي من ضمنها عواصم عدة دول أوربية وسط أوربا وشرقها والبلقان والأناضول وأرمينية والعراق والشام وبلاد الحرمين واليمن ومصر. إضافة للقب الرسمي فإن السلطان سليمان بات يصدر كتبه المرسلة بالآية القرآنية (إنه من سليمان وإنه بسم الله الرحمن الرحيم) فيما رقعة ملكه وثرواتها أضعاف مضاعفة عما ملكه النبي الملك سليمان.

السلطان سليمان عاشِرُ سلاطين بني عثمان، ورابعهم بعد فتح القسطنطينية 1453، جدّه السلطان بيازيد بن محمد الفاتح، أما والده فالسلطان سليم الذي يذكره العرب جيداً كونه أول حاكم عثماني لبلادهم بعد قضائه على المماليك في المعركة الشهيرة شمال حلب (مرج دابق 1516) و منها تابع سيره جنوباً مخضعاً لحكمه كل بلاد الشام والحجاز ومصر. بعد انتصاراته و في خطبة يوم الجمعة -بحضوره- أطلق عليه خطيب الجامع الأموي بدمشق لقب (حاكم الحرمين الشريفين)، فعدّل السلطان سليم اللقب، بفطنة وذكاء، إلى (خادم الحرمين) تواضعاً بين جملة الألقاب المعظمة، ليغدو اللقب من حينها تشريفاً لكل من في حكمه موقع الديار المقدسة. أصدر العلماء في عصره فتواهم بجواز أن يكون الخليفة من غير النسب القرشي فكان سليم أولهم وتبعه ابنه سليمان فبقية ذريته من السلاطين إلى عام 1924 عندما ألغى أتاتورك الخلافة بعد سقوط الدولة العثمانية.

توفي السلطان سليم بعد مرض ألمّ به إثر عودته من مصر، ليتولى ابنه، الذكر الوحيد ذي الستة وعشرين عاماً، حكم السلطنة المتوسعة في السادس من تشرين الثاني /نوفمبر  1520 قبل خمس مائة عام بالتمام.

لم يكن سليمان المولود عام 1494 في طرابزون طارئاً على الحكم والقيادة، فقد أعده والده منذ صغره ليكون ذا شأن، إذ أرسله وهو في السابعة من عمره من طرابزون، حيث الأب والياً عليها، إلى العاصمة استنبول ليدرس في مدارس الباب العالي النخبوية، فبرع في الأدب والفقه والتاريخ والعلوم والتكتيك العسكري بما يليق بقائد قادم وأتقن أربع لغات، وعندما تخرج وعمره سبعة عشر ولّاه أبوه الذي تسلم مقاليد السلطنة على فيدوسيا ثم مانيسا فأدرنة، فتمرس بفنون الإدارة والقيادة وكانت مجالسه عامرة بأكابر العلماء والجهابذة في شتى المجالات على نحو جعل خصومه قبل محبيه يشيدون بمناقبه ومنهم قنصل البندقية الذي أطنب في وصفه وخصاله ومحبة الناس له.

. عظمة السلطنة العثمانية في عهد سليمان :

تسلم سليمان مقاليد سلطنة توسعت أضعافاً خلال بضع سنوات في عهد والده، فكان لا بد لقيادتها من حنكة وتدبير وبعد نظر استراتيجي لتوطيد أركانها وإعلاء شأنها أكثر وهي في طور الصعود ، فانتهج لذلك مسارين أساسيين، متوازيين ومتكاملين خارجياً وداخلياً، لإبعاد المخاطر وما يهدد جوانبها عسكرياً واقتصاديا، وتقوية بنيانها الداخلي تنظيماً وقوننة للارتقاء بها وبمكانتها المتعاظمة. فعمل منذ توليه على المسارين معاً :

1-التوسع وإخضاع الأعداء : تنبه السلطان سليمان إلى أن الخطر الأكبر يكمن في الغرب القريب من عاصمته والمختلف عقائدياً، بما يشكله من تهديد مستمر برّاً وبحرا، فوجه جيوشه البرية باتجاه البلقان وغربها وسرعان ما سقطت أمامهم بلغراد  1521 لينطلقوا بعدها لحصار مملكة المجر وسط أوربا ، كما تحرك الأسطول البحري نحو جزيرة رودس القريبة من شواطئه، وذات التحصينات القوية (تعتبر حينها من أقوى حصون العالم) التي يتمترس خلفها جيش متمرس وحامية كبيرة من (فرسان القديس يوحنا) منذ عهد الحملات الصليبية على المشرق، وكان هؤلاء مع من يلوذ بهم من قراصنة دائمو الاعتراض للسفن العثمانية التجارية و قوافل الحج السائرة بحراً، وبما يشكل خطراً وتهديدا دائمين.

تولى قائد البحرية الفذ خير الدين بربروس بنفسه قيادة الأسطول والمعركة، وهو الذي أطلقت يده في بناء أساطيل بحرية قوية تكمل القوة العسكرية العثمانية وتلبي الحاجة المتنامية لحماية حدودها شرق المتوسط وتطلعاتها في بقية البحار والمسالك في طرق التجارة. حاصر بربروس رودس شهوراً ودك أسوار قلاعها وحصونها بالمدفعية وبقيت مستعصية إلى أن اقتحمها بعدما حفرت قواته 50 سرداباً تحت الأرض والأسوار للوصول إلى قلب الجزيرة والحصون، فكانت فيها أشرس المعارك إلى أن استسلمت 1522 ودخلها السلطان سليمان منتصراً ليتم ترحيل من بقي من حاميتها إلى جزيرة مالطا البعيدة ويكتسبوا مسماهم الجديد (فرسان مالطا). عقب هذا الانتصار الهام وإبعاد الخطر البحري عن حدود السلطنة في البحر المتوسط وجه بربروس، بأمر السلطان، فرقة بحرية من مصر عبر البحر الأحمر لإبعاد خطر القراصنة والبرتغاليين وتهديداتهم المستمرة عن مدخل باب المندب ومدينة عدن وبحر العرب فأتمت القوات سيطرتها على الشريط الساحلي وعمقه البحري والتفّت باتجاه سواحل مسقط و عُمان و الأحساء وصولاً إلى قطر وسط الخليج العربي، و وصل أمان خطوط التجارة البحرية إلى سواحل الهند وأندونيسيا حيث تم إرسال حاميات للجالية هناك وللقوافل التجارية، وأُجبِر البرتغاليون على تغير مسارهم البحري خاصة بعد القضاء على قواعدهم في الحبشة والقرن الافريقي.

أما الجيوش البرية للسلطنة المتجهة غرباً بعد سقوط بلغراد فخاضت معارك عديدة مع مملكة المجر إلى أن قرر السلطان اقتحامها فحشدت المجر جيشاً من مئتي ألف مقاتل (ضعف عدد الجيش العثماني) ردفته قوات من معظم الممالك الأوربية التي استشعرت الخطر إلى درجة أن حضر بابا الفاتيكان بنفسه إلى ساحة المعركة، فيما قاد السلطان سليمان بنفسه أيضاً جيشه في المعركة الأخيرة ( موهاكس 1526) فحسمها العثمانيون خلال ساعتين فقط بشكل مذهل بعد مقتلة عظيمة لجيوش المجر وأوربا ومنهم ملك المجر لويس، وسلّمت مفاتيح العاصمة (بودا) للسلطان سليمان الذي فكر بعد مدة بالتوجه نحو إيطاليا وعاصمتها روما وحيث مقر الفاتيكان والمدن والممالك الإيطالية الغنية كالبندقية وجنوا، كانت خطته بمهاجمتها من ثلاث جهات، من الشرق بجيشه البري، ومن الجنوب بحراً بأسطوله وقيادة بربروس، ومن الغرب عبر قوات حليفه ملك فرنسا المتصارع مع الأوربيين. وبالفعل استطاع بربروس النزول بقواته في جزر وموانىء إيطالية، لكن تخاذل الملك الفرنسي في اللحظات الأخيرة بعد تقدم قواته، دعا السلطان إلى العدول عن خطته باقتحام إيطاليا إدراكاً منه لحجم المخاطر واستنزاف القوة فيها، فيما تابع القائد بربروس معاركه في جزر المتوسط وكان أهمها الملحمة الأسطورية ضد الحلف المقدس المتشكل من سبع دول أوربية حشدت أساطيله مجتمعة في المعركة البحرية الأشهر (بروزة 1538) ليغدو أكثر من نصف المتوسط تحت سيطرة عثمانية بالإضافة إلى استطاعة العثمانيين الامتداد على سواحل شمال أفريقية وطرد الاسبان من الموانئ الجزائرية بذريعة مطاردة فلول المسلمين الهاربين من محاكم التفتيش، وهي صفحة بيضاء مبكرة في سجل بربروس منذ فرض على الإسبان ترحيل سبعين ألفاً من مسلمي الأندلس الملاحقين في اسبانيا وتم نقلهم بإشرافه في سبع رحلات على متن 35 سفينة من اسطوله.

التمدد العثماني البري في قلب أوربا وصل إلى بولونيا وشكل خطراً داهماً على أقوى الممالك في النمسا حيث حاصر السلطان عاصمتها فيينا أكثر من مرة ما اضطر ملكها فرديناند وشقيقه شارل ملك اسبانيا توقيع معاهدة لخمس سنوات يدفعون خلالها الجزية ويقرّا بأنهما ملكان فقط دون ألقاب أكبر  في حضرة الإمبراطور والسلطان الأعظم. بعد انقضاء مدة المعاهدة ومحاولة النمسا التمدد باتجاه هنغاريا عاود جيش السلطان حصار فيينا ودك أسوارها ومحاولة دخولها، لكن سوء الأحوال الجوية بالإضافة إلى مهاجمة الصفويين حدود السلطنة شرقاً، جعلاه ينهي الحصار ويقفل عائداً لمواجهة الصفويين وايقاع سلسلة من الهزائم بهم في أرمينية وتبريز متوسعاً شرقاً لتكون سلطنته في عصره وما قبله ببضع قرون أضخم امبراطورية موحدة.

2- القوننة والتنظيم والتنمية : لم تكن الحروب والفتوحات على كثرتها وضخامتها ما يأخذ كل اهتمام السلطان بل سار بها في خط متوازٍ مع تنظيم الإمبراطورية داخلياً، فدأب منذ توليه على جمع كل المراسيم السلطانية السابقة بما فيها من تناقضات لتخليصها من شوائبها وإضافة كثير من القوانين الناظمة لأمور الدولة الكبيرة بتنوع شعوبها وأعرافها، وتوحيد الأحكام والحقوق والواجبات بما لا يخالف الشريعة، فأضاف القانون الجنائي وقوانين الجبايات والأموال وتوزيع الأراضي وحقوق الرعايا والأقنان….ليشكل كل ذلك (القانون العثماني) الذي عرف أيضاً بمسماه اللاحق قانون السلطان سليمان واستمر العمل به لثلاثة قرون وإن لم يكن بذات الحرص الذي أشرف به السلطان سليمان بنفسه على تحقيقه وضمان حقوق المواطنين والرعايا، ويؤكد المؤرخون أن العوام هم من أضافوا للسلطان سليمان لقب (القانوني) الذي صار لاحقاً لاسمه. المدهش في القانون السليماني تجاوزه أمور تنظيم الدولة وحقوق بشرها ليشمل حقوق الحيوان ووجوب رعايتها والرأفة بها وتنظيم عملها وكذلك القوانين البيئية التي تتجاوز وفقاً لعصرها أرقى ما وصلته حضارات عصرنا.

في الجانب التنموي أولى السلطان سليمان التعليم كل عناية فنظم المدارس لتشمل 12 حلقة متتالية (صفوف) وانتشر التعليم المجاني في الحواضر وبخدمات رعاية تضاهي أحياناً المدارس الخاصة والداخلية في أيامنا. وأنشأ عديداً من المدارس العالية المتخصصة في القانون والطب والأدب والمعارف وسائر العلوم لتلبي حاجة السلطنة المتعاظمة وتطورها، وتوج ذلك ببناء الكلية السليمانية بأقسامها الخمسة عشر وضمنها جامعه الشهير، وهي الشامخة إلى اليوم ببنائها الذي جلبت أحجاره من مختلف الأمصار البعيدة، وعمل فيه أكثر من 3500 عامل لسنوات بإشراف أشهر مهندسي العمارة في العالم، المعمار سنان، الذي دعمه السلطان ورعاه فأنشأ عشرات الصروح التي ما زالت ماثلة ودالة على فتح جديد في أسلوب العمارة وجمالياتها. التطور العمراني وتميزه لم يكن حكراً على العاصمة بل شمل كل أرجاء السلطنة كالجسور الأربعة على أنهار سراييفو، وبناء مدينة السليمانية في العراق، والتكية السليمانية في دمشق، والخانات الجديدة في حلب والقدس والقاهرة وسواهم ، وبناء القناطر والصهاريج وشق الأقنية لإيصال المياه إلى أحياء المدن والحواضر، ومئات المشاريع التنموية التي يضيق المجال عن تعدادها، ما أثمر ازدهاراً غير مسبوق لم يقتصر على العمران والتعليم والصحة والقانون فحسب بل تجاوزه لرعاية ثقافية في الأدب والفنون، ومن أمثلته ظهور فن المنمنمات العثمانية وافتتاح مدارس الخط، ويحتفظ الأرشيف العثماني بعدة نسخ للقرآن الكريم بخط السلطان سليمان نفسه وبأشعار له.

. لطخة على ثوب السلطان وسرّ الصندوق :

الكمال ليس سمة بشرية مهما تأتى لأي إنسان من سمات العظمة، ولعل طريق تلك العظمة في البشر، خاصة في ميادين الحكم والسياسة، كما يؤكد علماء النفس والسياسة والاجتماع، لا بد أن يكون محفوفاً بمخاطر جمة ومنزلقات دائمة قلما ينجو أحد من بعضها خاصة إن طال به الزمن. ما يؤخذ على السلطان سليمان في آخر سنوات حكمه، الذي امتد لستة وأربعين عاماً، وقوعه تحت تأثير مكائد بعض السياسيين المقربين وعلى رأسهم (رستم باشا) زوج ابنته الذي تولى مرتين منصب الصدر الأعظم (رئيس الوزراء) مستغلاً نفوذه في طبقات الموسرين من تجار و وزراء ووجهاء وقادة، إضافة لدوره في القصر السلطاني وجناح (الحرملك) المشهور بدسائس زوجات السلاطين لنزع ولاية العهد ومنصب السلطان القادم لصالح ولد كل زوجة، وهو ما نجح به رستم فأوغر قلب السلطان تجاه ابنه الأكبر و وليّ عهده (مصطفى) متهماً إياه بالتواصل مع الصفويين سرّاً، ما جعل السلطان سليمان يتخذ القرار بقتله بمجرد حضوره بعد الاستدعاء، فقتل خنقاً دون أن يواجه بالتهمة. كذلك كان شأن رستم مع غريمه (قرا أحمد باشا) الذي عينه السلطان صدراً أعظماً خلفاً لرستم فما كان منه إلا أن دبر خطة محكمة وبشهود من الخاضعين لنفوذه لاتهام الصدر الأعظم بالرشوة فتم إعدامه، ليعود رستم للمنصب. هذه الأفعال في الثلث الأخير من حكم السلطان المديد وإن ردها بعض الباحثين إلى (قانون البغي) الذي سبق ووضعه السلطان محمد الفاتح بعدما أفتى له به علماء عصره، وهو قانون يشبه حالياً الحكم بإعدام مرتكب جرم (الخيانة العظمى) وإن كان قد أجاز لاحقاً- بحسب تفسيرات بعض المفتين -التخلص من كل ما يراه السلطان خطراً على السلطنة، ما يفتح باباً لجدل واسع حول أدوار من يتولى الفتوى للزعماء عبر التاريخ الإسلامي برمته (مفتي السلطان) . تلك الحوادث، ومهما بلغت حجج المنافحين عن عظمة السلطان سليمان، تبقى لطخة في ثوب أعظم السلاطين، خاصة وأن عدداً ممن تولى بعده اتخذ هذا الفعل منهجاً للتخلص من مناوئيه ومنازعيه على الحكم من إخوة أو أبناء ليصبح الموضوع لاحقاً وصمة في تاريخ السلاطين والسلطنة يضعه بعض المؤرخين بين أسباب أطوار الضعف.

بالعودة إلى أعظم السلاطين سليمان القانوني، والذي يظن أن هذه النقطة أثرت في أعماقه، وأنه من جانب آخر ما كان يقدم على هكذا أفعال إلا بفتاوى، فقد أوصى أن يدفن معه في قبره صندوق خاص يحتفظ به في قصره، وعندما توفى في 7 أيلول/سبتمبر 1566، وهو يقود الجيش على الرغم من تجاوزه السبعين، أثناء حصاره حصن سيكتوار في طريقه مجدداً نحو فيينا، فتم نزع أحشائه ودفنها هناك للعودة بجسده سالماً لمدفنه في مسجده باستنبول، وحينها حدث خلاف حول صندوق الوصية خشية أن تكون به أموال أو جواهر وهو ما يخالف التشريع، فتم فتح الصندوق لتغمر الدهشة جميع الحضور بمن فيهم العلماء والمفتي الأكبر (أبو السعود أفندي) فما كان في الصندوق سوى الفتاوى التي أصدروها له، يمضي بها للقاء ربه.

المصدر : العربي الجديد

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى