مقالات

تركيا الصاعدة .. وعقبة العقوبات

محمد علي صابوني

كاتب وباحث سياسي.
عرض مقالات الكاتب

من نافلة القول ؛إن العقوبات الأمريكية الجديدة على تركيا لا علاقة لها بقضية S400 كما يروَّج من قبل الأميركان، ومنظومة الدفاع الجوي الروسية ما هي سوى ذريعة استخدمتها الولايات المتحدة الأمريكية بغية محاولة التضييق على تركيا بسبب تفوقها الواضح في الآونة الأخيرة بإنتاج صناعات دفاعية متطورة تفوقت في دقتها وفعاليتها على ما أنتجته كبرى الشركات العالمية المتخصصة بتلك الصناعات، وبشهادة خبرائهم ، وأوضح برهان على ما سبق ذكره هو أن العقوبات طالت مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية تحديداً ورئيسها “اسماعيل دمير” ما يؤكد أن هذه المؤسسة أزعجتهم وقضّت مضاجعهم ، ومعروف أن مؤسسة الصناعات الدفاعية التركية لا علاقة لها باستيراد منظومة S400 الروسية ولا هي وقعت على شرائها وهي غير مسؤولة أصلاً عن استثمارها وتشغيلها ، بل كل ذلك من صلاحيات وزارة الدفاع التركية . إذاً فالهدف من تلك العقوبات أضحى واضحاً جليّاً وهو ثني تركيا عن الاستمرار في تطوير صناعاتها العسكرية التي أثبتت جدارتها وتفوقها في عدة ميادين حيث باتت مقلقة بالنسبة لهم . والحملة العدائية الأمريكية ضد تركيا -الصاعدة بقوة- ليست سوى جزء من حملة واسعة ممنهجة شارك في طبخها دول الاتحاد الأوربي إضافة إلى وكلائهم المحليين وأدواتهم الذين ابتليت بهم معظم دول منطقة ما يسمى بالشرق الأوسط ، فمنذ أيام وفي السياق ذاته أقرّ الاتحاد الأوربي حزمة عقوبات جديدة ضد تركيا وعزت تلك الدول خطوتهم العدائية هذه إلى استمرار تركيا في أنشطتها التنقيبية البحرية وعدم موافقتها على شروط قبرص المجحفة.! لا شك أن تركيا لن تقف متفرجة على العقوبات الأمريكية، فهي ليست دويلة ضعيفة تابعة، ولديها الكثير من الأوراق المؤثرة التي يمكن أن تضغط بها على الولايات المتحدة الأمريكية وتزعجها وإذا أضفنا ما جرى مؤخراً من تحركات عدائية غربية ضد تركيا إلى ما دار في السنوات الأخيرة من نقاش مستمر حول إمكانية نقل القاعدة الأمريكية من إنجرليك إلى جزيرة يونانية -على الرغم من أنه لم يتم إحراز أي تقدم جغرافياً حول هذه القضية- فلا يمكن لأي جزيرة يونانية أن تكون بديلاً حقيقياً عن إنجرليك القريبة بشكل مدهش من سوريا والعراق ، وطالما أن تركيا والولايات المتحدة حليفين عسكريين، فواشنطن تريد الاحتفاظ بقاعدة إنجرليك حتى لو قامت ببناء قاعدة جوية بديلة على جزيرة يونانية. لكن القضية الرئيسية هنا هي ما لا يعلمه الكثيرون وهو وجود الرؤوس الحربية النووية الأمريكية في قاعدة إنجرليك، وإذا سحبت واشنطن رؤوسها النووية من هناك، فسيكون ذلك إشارة سلبية لأنقرة، وستفقد تركيا الحماية النووية. وقد يدفع هذا أنقرة إلى تطوير برنامج أسلحة نووية خاص بها، وهذا إن حصل فسيزيد من حدة التوتر بين تركيا والغرب عموماً . وفي حال أصرت تلك الدول على مواقفها العدائية فمن المتوقع أن تحرك تركيا ما تمتلكه من أوراق وأن تضاعف الضغط العسكري على PKK و أذرعه في شمال شرق سورية، وهذا لا شك سيكون مزعجاً لداعمي تلك الميليشيات وعلى رأسهم الولايات المتحدة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى