سباق النفاق وفوز وزير الأوقاف الأسدي

النفاق في اللغة هو إظهار الإنسان غير ما يبطن، وسمي المنافق به لأنه يجعل لنفسه وجهين، فيظهر أحدهما حسب كل موقف يواجهه، وهو إظهار عكس ما هو كائن داخل النفس البشرية.
ويعرف مفهوم النفاق عمومًا على أنه الطبيعة الخطيرة في السلوك البشري.
وقد أثبت التاريخ يومًا بعد يوم أن نكبة الأمة بالمنافقين تسبق كل النكبات، وأن نكايتهم فيها، وجنايتهم عليها تزيد على كل الجنايات والنكايات، فالكفر الظاهر على خطورته، يمكن أن نحذر من أهله؛ لأنهم يعلنونه على رؤوس الأشهاد، ويقولون إننا عدو للإسلام، والمسلمين.
أما من كان يعيش بين ظهرانينا، ويسمى بأسمائنا، ويدّعي أنه من المنافحين عن الإسلام، وهو ألد الخصام، فهذه أم المصائب.
لو سلطنا منظارنا ،وكاميراتنا على المشهد السياسي في الدول العربية، لوجدنا أن شعوبها تعيش في أسوأ حالاتها، فالقمع، والسجون، وكم الأفواه، والإعدامات، والفقر، والجهل، والمرض… تغطي مساحات الوطن العربي، وكل ذلك مسؤول عنه بالمقام الأول الحكام الطغاة، العملاء، الخونة، الذين يحكمون البلاد بالحديد والنار ، وفي المقام الثاني الذين يطبلون لهم ويزمرون، كلما فعلوا موبقة – وما أكثر موبقاتهم-
لا شك أن المشهد الحالي قاتم مهما قمنا بتجميله، ومهما حاولنا صبغه، بمسحة من التفاؤل والأمل، ولكن سوداويته تتفاوت بين بلد وآخر، فالذي أراه أن النظام السوري يتصدر المشهد، ثم يليه المصري ،ثم الإمارات، ثم السعودي…
فنحن نجد في هذه البلدان حكام يتمتعون بكل صفات الترهل، والوضاعة، والصفاقة، على مستوى الإجرام، والخيانة ، والعمالة، والجهل، و…
والطبقة التي من حولهم ، هم الذين يزينون لهم سوء أعمالهم ويثبتون أوتاد حكمهم، وهم من الإعلاميين، والشعراء، والمثقفين، و… وأخطرهم على الإطلاق، الذين يلبسون لبوس الدين؛ لأنهم يلعبون بعقول الناس والعوام، ويحاولون تخديرهم من خلال لي عنق النصوص، دون مخافة من الله عزّ وجلّ وعقابه.
والذي يلفت الانتباه أنهم يتنافسون بينهم في تمسيح الجوخ، والنفاق البواح أيهم يستطيع خطب ود سيده الزعيم.
فتجد ما يسمى بعالم أزهر في مصر يشبه السيسي بالنبي، وفي السعودية يرفعون من شأن ابن سلمان إلى الأولياء الصالحين، وفي الإمارات يجعلون من ابن زايد الرجل الحضاري المتسامح الذي يقارب بين الأديان…ونجد بعضهم يؤلف المقالات، والكتب في عبقرية، وعظمة، وتقوى سيده الزعيم، ويفعل ما بوسعه لإظهار الولاء، والتأييد، والإخلاص له.
ولكن ثمة رجل استطاع أن يبزَّ الجميع في نفاقه، ويسبقهم بأشواط طويلة، ويمكن أن نطلق عليه أستاذ الأساتيذ في فن المداهنة، والنفاق، إنه وزير الأوقاف السوري محمد عبد الستار السيد، الذي تجرأ على كتاب الله تبارك وتعالى، وتصدى لتفسيره بما يتناسب، وفكر سيده بشار أسد.
فقد قام بتفسير القرآن الكريم تحت اسم “التفسير الجامع” وقال عن التفسير:
إن وزارة الأوقاف عملت على إعادة صياغة تفسير القرآن بما يتناسب مع الواقع والعصر.
وإن ” التفسير الجامع ” جرى تأليفه بما يتوافق مع المرتكزات الفكرية لبشار أسد في الإصلاح والدين.
وقد ورد في تفسير سورة الأنفال معنى مغاير تمامًا للتفسير القرآني المعروف لكبار العلماء، وتضمن التفسير عبارات ومصطلحات من بينها المؤامرة الكونية الصهيونية، والإخوان، والوهابية، والخليج الوهابي، وتركيا الإخوانية…
وذكر في خطبة له من وحي تفسيره:
الجهاد لا يحق إلا تحت راية الدولة والدفاع عن الوطن، ومن يقوم بالجهاد اليوم هو الجيش العربي السوري (طبعًا كل الشعب السوري يعرف أن عقيدة الجيش هي الكفر والسكر والتعفيش والعربدة والرشوة..).
هذا الكائن المسمى السيد، تجاوز كل الخطوط الحمراء في النفاق ويحق له أن ينال جوائز في هذا المضمار، ولا نستغرب أن يصنع الطغاة مسابقات في هذا الصدد.
يقول عمربن الخطاب رضي الله عنه بحق هؤلاء الهدامين:
“توشك القرى أن تخرب وهي عامرة، قيل، وكيف تخرب، وهي عامرة يا أمير المؤمنين قال: إذا علا فجارها أبرارها، وساد القبيلة منافقوها “.
ونختم بتحذير ابن القيم من خطورة هذه الثلة على الإسلام والمسلمين:
” فالله كم من معقل للإسلام قد هدموه، وكم من حصن له قد قلعوا أساسه، وخربوه، وكم من علم له قد طمسوه ، وكم من لواء له مرفوع قد وضعوه، وكم ضربوا بمعاول الشُبه في أصول غراسه ليقلعوها، وكم عموا عيون موارده بآرائهم ليدفنوها ويقطعوها، فلا يزال الإسلام وأهله منهم في محنة وبلية، ولا يزال يطرقه من شبههم سرية بعد سرية، ويزعمون أنهم كذلك مصلحون .
وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (12) البقرة
يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَاللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ (8) الصف