هل ستتوقف الهرولة ؟! 3
قلت إن مؤتمر مراكش في المغرب ، فيما اتخذه من قرار باعتبار منظمة التحرير ، هي الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني ، كان هو الخطوة الأساسية لما تم بعد ذلك ، سواء اتفاق أوسلو ، وماقبله مدريد ، كل ذلك أدى إلى اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بالكيان المصنع الغاصب ( إسرائيل) ، كما أصبح التنسيق الأمني على مستوى عال بين منظمة التحرير والكيان ، ما أدى لانقسام في الصف الفلسطيني بين رافض لأوسلو ، ومؤيد لها ، ما مهد لإدراج منظمة حماس تحت قوائم المصطلح الدولي الجديد ( الإرهاب) .
في مؤتمر للدول العربية في القدس عام ١٩٦٤ ، طرح احد الجوانب ذات المصلحه ، سؤالا حول القضية الفلسطينية ، هل هي عربية ام إسلامية ، وأنهي الجدل بالتصويت ، فكانت الاغلبية بتصنيفها بأنها عربية ، ويحضرني هنا ، موقف رواه المرحوم الشيخ على الطنطاوي قال : كنت على رأس وفد لجمع الدعم للقضية الفلسطينية ، وفي زيارة إلى باكستان ، طلبت مقابلة الرئيس محمد علي جناح ، فرفض طلبي ، فأصريت على المقابله ، وقلت يكفيني خمس دقائق على الواقف ، ومع الإلحاح استجاب الرئيس ، وحين تقابلنا ابتدرني قائلاً: ألستم أنتم الذين اعتبرتم بأن قضية فلسطين هي عربية ، ولماذا تريدني أن أتدخل ؟! فأجبته وهل ستجيب الله الخالق يوم الحشر فتقول له هذا الكلام !؟ فبكى الرئيس محمد على جناح واستجاب لطلباتنا ، وكذلك للعلم ، فقد كانت باكستان بعد تأسيس الدوله تريد أن تجعل لغتها الرسمية ، هي اللغة العربية ، إلا أن الدول العربية لم يكن لديها استعداد لتلبية الطلب ؛ وانعكست المشكلات التي حفت بالقضية الفلسطينية على العالم العربي ، وكذلك على جامعة الدول العربيه ، وتخلت الدول العربية عن مبدأمقاطعة( اسرائيل) كما تخلت عن فكرة الصاق صفة العنصرية بها ، واعتقد اننا ندرك بان تمرير مخطط الصهاينه في السيطرة يحتاج الى انظمة قمعية ، وهو ما وقع فعلاً في عالمنا ، إذ سيطرت حكومات عسكرية تمارس أبشع أنواع القمع على شعوبنا ، فبعد أن كانت هذه الشعوب تتحرك بمظاهراتها في الشوارع للضغط على الحكومات ، أضحى ذلك شبه معدوم ، ومع زيادة الضغط ، انفجرت المنطقة العربية ، بالثورات فيما عرف بالربيع العربي ، وكان الانجاز سريعًا في كل من تونس ومصر واليمن ، بينما تفجر الوضع بشكل آخر في سورية ، حيث استشرس نظام أسد بتسخير القوة العسكرية والأمنية في مواجهة الشعب الأعزل الذي خرج إلى الشوارع ليعبر عن تطلعاته ورغبته في التغيير ، وعندما أدركت عصابة الأسد أنها ستفشل في تصفية الثوره لجأت للاستعانة بإيران الملالي ، ثم بروسيا ، لقمع الشعب الثائر ، وأيضًا لم يحقق الأسد انتصارًا على الشعب السوري في ثورته ، وتفصيل ذلك يحتاج لبحث آخر سنأتي عليه إن شاء الله .
وفي غمرة انشغال الشعوب ( بالربيع العربي) بدأت مؤمرات من نوع آخر ! فقد استطاع رجل الأعمال دونالد ترامب ، بالفوز بانتخابات الرئاسة الأمريكية ، وكان قد ركز في حملته الانتخابية على جمع المال من الدول العربية الغنية وعلى رأسها السعودية ، والواقع أنني سمعت لغة لم أعهدها من قبل ، لغة ابتزاز وبلطجة ، وقد كتبت مقالاً حول فوزه بالانتخابات تحت عنوان ( فازأبو لهب على حمالة الحطب ) وكانت أول زيارة له إلى السعودية ، مستثمرًا (جمال) ابنته إيفانكا وكتبت عنها ( إيفانكا سفيرة النوايا الحسنة ) وحطت رحاله مع هذه الحسناء في الرياض التي جمعت له في مؤتمر كبير ، رؤساء وقادة من العالمين العربي والإسلامي ، ورقص ترامب ، كما رقص قبله جورج دبليو بوش ( بالسيف) وأغدقت عليه المملكة المليارات من دولاراتها إثباتًا لحسن سلوكها، ثم أضحى صهر ترامب وزوج ابنته ( كوشنير ) لاعبًا رئيسًا ومنسقًا بين أمه (إسر ائيل )ودول الخليج ، وما انتهت ولاية ترامب حتى بدأت دول خليجية بالتطبيع مع كيان صهيون ، بل وتجرأ منافقون وجهلة بكل شيء ، فبدأوا يقدمون النظريات والطعن بكل ما هو تاريخي وعربي ، وهزلت الأمور واتسع الخرق على الراتق ، وفشل ترامب في إعادة انتخابة لولاية ثانية ، ولكن ما راعني فعلاً حين أعلن ملك المغرب عن خطوات تطبيعية مع ( إسرائيل) بعد اتصال هاتفي اجراه ترامب المنتهية صلاحيته ، وكان ذلك في مقابل اعتراف امريكي بسلطة المغرب على الصحراء المتنازع عليها مع الجزائر ! أية مسرحية هذه التي تجري أمام أعيننا ، ولا نرى لها رفضًا شعبيًا عارمًا كالذي كان يجري في الشارع العربي ، واين القدس من هذا ، وهل نحن أمام سيل من عمليات التطبيع مع من لا عهد له ولا ذمة كما أخبرنا رب العزة ، وكما تحدث به محمد صل الله عليه وسلم حين نقضوا عهودهم في المدينة المنورة وغيرها ؟!