منوعات

الغرب بحاجة لجذب تركيا حيث الروس هم التهديد الأكبر

أنس حافظ

باحث وكاتب في العلاقات الاستراتيجية التركية العربية والدراسات العثمانية
عرض مقالات الكاتب

عقد الاتحاد الأوروبي وتركيا اجتماعهما في ظل اتخاذ كلٍ منهم قرارات مصيرية مهمة بشأن العلاقات الاستراتيجية بينهما والتركيز على الهيكلة السياسية والأمنية الغربية

في اجتماع الاتحاد الأوروبي وتدابيره

ناقش مجلس الاتحاد الأوروبي التدابير التي يريد اتخاذها ويسعى بها إلى تحجيم الدور التركي في المنطقة، واجتمعت 27 دولة عضو في كلٍ من 10 و11 كانون الأول، متزامناً مع الوقت الذي يعلن الكونغرس الأمريكي الرئيس الأمريكي القادم لعام 2021.

ويسعى قانون تفويض الدفاع الوطني (National Defense Authorization Act) إلى تنفيذ قانون مكافحة ما يعتقد أعداء الولايات المتحدة من خلال فرض عقوبات على تركيا بعد شرائها منظومة الدفاع الروسية المعروفة بـ (S-400s). وبالتأكيد فإن السعي الأوروبي وقانون تفويض الدفاع الوطني لهم تداعيات على علاقات تركيا مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، والذي يشكل تأثير سلبي طويل الأمد كما يؤثر على مكانة تركيا والأدوار التي كانت تلعبها داخل التحالف الغربي منذ عقود، لكن وفي المقابل، إن عزل تركيا وإبعادها عن الغرب قد يخلق العديد من الثغرات الخطيرة للغاية داخل الهيكل الأمني الغربي.

وللعلم، وفي تقرير لحلف الناتو (تقرير 2030)، والذي يشير إلى أن روسيا هي التهديد الأكبر للحلف في العقد المقبل، ويوصي دول الحلف بتبني توصيات استراتيجية لمكافحة هذا التهديد الروسي، وليس مستغرباً أن تخطو الولايات المتحدة بخطوة أكثر حزماً من الحلف الأوروبي في ظل إدارة الرئيس المنتخب بايدين، والتي من المتوقع أنها ستحاول تفعيل الوحدة عبر الأطلسي بغية العمل المتوافق مع الاتحاد الأوروبي.

النقاط المحورية

وهذا يثير سؤلاً في غاية الأهمية: ما الفائدة التي يجنيها الغرب من فرض عقوبات على دولة استراتيجية مثل تركيا، وهي الدولة التي دافعت عن الحلف الغربي في جنوب القارة طوال سنوات الحرب الباردة وحتى عقب انحلال الاتحاد السوفيتي وعلى كافة الساحات بما فيها سورية وليبيا.

turkeyكان لتركيا الدور الأكبر في وقف همجية جيش بشار أسد المدعوم روسياً بكل قواه، كما لتركيا الدور الأكبر في المحافظة على منطقة إدلب السورية من الذوبان تحت حكم بشار، إضافةً ساهمت تركيا في إطلاق عملية انتقالية سياسية في المنطقة. وفي السياق الليبي، كانت تركيا هي التي قامت بحماية حكومة الوفاق الوطني المعترف به دولياً، وصد هجمات الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، المدعوم من روسيا وفرنسيا ومن بعض دويلات الخليج العربي. فالفضل في عملية السلام للفصائل الليبية يعود وبشكل أساسي إلى التدخل التركي.  

ومن المؤكد ألا ننسى وقوف تركيا مع أوكرانيا وإدانتها الحازمة عند ضم روسيا لشبه جزيرة القرم، وهو دور بناء تلعبه تركيا في منطقة الشرق الأوروبي.

ونظرياً فالعلاقات التركية-الروسية هي علاقات عملية تعطي الأولوية للاستقرار والأمن الإقليميين، وأوضحت الحكومة التركية مرارا أن تعميق الحوار الثنائي مع روسيا ليس بديلاً لعلاقاتها مع الغرب، ولاسيما حلف الناتو.

ولا شك أن العامين الماضيين قد ولدا تساؤلات في الغرب حول نوايا تركيا في مجال السياسية الخارجية، وبالمقابل على دول الاتحاد الأوروبي أن يتساءلوا عن المواقف التي اتخذوها تجاه تركيا لنفس الفترة وما إذا كانوا مسؤولين لتلك الأحداث المتزامنة.

وقد أكد مؤخراً وزير الخارجية الألماني السيد/ Heiko Maas أن عدم قدرة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على التواجد في ساحات الصراع الإقليمية أثر على تعبيد الطريق للتدخل الروسي، بالإضافة إلى الوجود التركي المتزايد والذي يوضح الالتزام التركي بمناطق الفراغ التي تركتها الولايات المتحدة.

ومن الأجدر على حلف الناتو أن يشرح سبب قراره بسحب نظام الدفاع الجوي (Patriot air defense system) من تركيا والذي كان حليف الأمس، والذي اضطر بتركيا لشراء منظومة الدفاعات الروسية (S-400).

تركيا والغرب لديهم مشاكل ومن غير المنصف القاء اللوم على تركيا، وما يزيد من تفاقم المشاكل أن الولايات المتحدة تخطط لارتكاب أكبر الأخطاء بفرضها عقوبات على تركيا بعد خضوعها لأوامر من اليونان وقبرص اليونانية وفرنسا، مما يعكس افتقار الاتحاد الأوروبي للرؤية الاستراتيجية بعيدة الأمد.

ولا يمكن حل نزاع شرق البحر المتوسط إلا من خلال الحوار متعدد الأطراف وعدم الاعتماد على الحوارات الأحادية وحصرها فقط بقبرص واليونان وفرنسا والذين يسعون خلال العقدين الماضيين لخلق النزاعات الإقليمية.  

بالنسبة لليونان وقبرص اليونانية فهو نزاع إقليمي يرجع لمئات السنين، ويتخلله الصراع العقائدي، أما الفرنسيون فصراعهم هو التمسك بآخر معاقلهم التي بقيت في افريقيا، وكافة الدول العربية في الشمال الافريقي تعد منفذ للفرنسيين للعمق الافريقي. وبدخول تركيا على الخط مع حكومة الوفاق الليبية يضعف قدرات فرنسا من الوصول إلى تشاد ومالي والنيجر والغرب الافريقي. لذا تصارع فرنسا وبكل قوتها وعلاقاتها لإبعاد التقدم التركي في الشمال الافريقي.

ترجمة وتنقيح أنس حافظ عن الكاتب (SERKAN DEMİRTAŞ)

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى