مقالات

تنظيم الدولة يستعيد نشاطه

د. صلاح قيراطة

كاتب وباحث سياسي
عرض مقالات الكاتب

لازلت على قناعاتي أن أخطر إدارة أمريكية مرت على الولايات المتحدة هي إدارة ترامب، التي كان كنّهها خلط الأوراق مع التضليل، والخداع لأبعد الحدود، وصولًا لمرحلة إرباك الطرف الآخر، وتجعله في مكان لايعرف ماهو القادم، أو ماهي عليه وجهة الضربة، وهل هي قادمة أم لا …
كنت قلت مرارًا، وتكراراً :

  • إنها أمريكا ياسادة :
  • وإنها خير من لعب سياسة مرت كنا على قوة عظمى اقتصادية، فعسكرية منتجة هيمنة سياسية، مجذرة فكرة القطب الواحد واقعاً…
    مع يقيننا أن معظم أفعال الإدارة الحالية هي خلق إرباكات تشغل بها الإدارة القادمة، لكن هنا نؤكد أن من يحكم الولايات المتحدة الأمريكية هو الدولة العميقة التي تنظر بعيدًا جدًا عن وجهة نظر رئيس، أو حزب…
    وعليه :
    فقد أكدت إدارة بايدن أن قواتها باقية في سورية طالما أن هناك تنظيمات إرهابية كما ( تنظيم الدولة ) و ( القاعدة ) هذا ما كان أكده الرئيس الذي قال بأنه مع انسحاب القوات الأمريكية من سورية، وليتراجع عن ذلك بذات الوقت حيث قال إلا أنها الجماعات الإرهابية، وهنا نقرأ ماقاله في شطره الأول إلا أنه تلاعب بعواطف ناخبيه حيث عودة أبنائهم مطلبًا ملحًا من قبل ذويهم…
    في هذا السياق، ورغم كل مايقوم به ترامب من حركات عرجاء، إلا إن الواضح أن هناك قبضة فولاذية هي من يقود البلاد، ومن يحدد وجهتها، ومن يضع الإدارة الأمريكية أمام ضرورات ليس لأي إدارة أن تخرج عنها مهما امتلكت من كاريزما، أو قدرة، أو إمكانية…
    ونحن هنا أقصد نحن كسوريين فيما يبدو واضحًا من بقاء القوات الأمريكية مشكلة إحدى الاحتلالات الخمسة للجمهورية العربية السورية بدعوى محاربة ( الإرهاب ) الذي بات كل المهتمين يعلمون أنه صناعة مخابراتية بامتياز، ولكل المتدخلين في الصراع السوري ( داعشه ) الذي يحركه وفق مصالحه، ويمهد لسياساته، مبيحًا له استخدام القوة؛ لتحقيق هذه السياسات عندما تستعصي الوسائل الأخرى، وأنا هنا أقول بأني لا أميز بين الروسي والأمريكاني، ولا التركي، ولا الإيراني، ولا الغربي، ولا العربي، فكله رواغ، وكله قتل، وكله ضليع من خلال استخدام الإرهاب المصنع والبعيد عن الثقافة السورية؛ ليحقق أهدافه الاستراتيجية …
    والآن، والعالم يتابع الأيام التي تفصل بين مغادرة ( ترامب ) للبيت الأبيض، واستقبال ( بايدن )، نرى أن الدولة العميقة تقدم للرئيس القادم المبرر، والذرية؛ ليتنصل من بعض وعوده الانتخابية لجهة عودة العسكريين الأمريكيين المنتشرين في سورية إلى ذويهم، والغاية التي تحرك سياسات الدولة العميقة في الولايات المتحدة الأمريكية هي أن لاتترك فراغًا في سورية تقوم روسيا،أو تركيا بملئه …
    لذا نرى أن ( تنظيم الدولة ) عاد للحركة بقوة في البادية السورية منذ فترة ليست بالطويلة، علمًا أنه أي التنظيم لم يهدأ تمامًا، وكان دومًا جاهزًا للحركة في أي زمان، ومكان على امتداد الجغرافية السورية، فلا يوجد متر مربع واحد بعيد عن إرهابه عندما يتلقى أمر قتال بهدف تنفيذه في أي بقعة سورية …
    في هذا السياق تعلمنا آخر الأنباء إن المقاتلات الروسية نفذت خلال الأربعة أيام الماضية بأكثر من ١٠٠ ضربة جوية، ومقتل أكثر حيث تواصلت المواجهات بين القوات الحكومية، وحلفائها من جانب، و( تنظيم الدولة ) من جانب آخر في باديتي دير الزور، وحمص…
    يأتي هذا في إطار مايسعى ( تنظيم الدولة )، لتنفيذه عبر عملياته المتكررة في البادية السورية من خلال الحفاظ على نشاطه الكبير، ومواصلة عملياته المتمثلة بهجمات، وكمائن، و تفجيرات، واستهدافات، فيما تحاول القوات السورية، وحلفائها الحد من نشاط التنظيم بمساندة المقاتلات روسية …
    يذكر هنا أنه كان قد وقع العديد من القتلى إثر المواجهات، والقصف، فقد قتل ٢٢ مقاتلاً من ( تنظيم الدولة )، كما قتل ١٩ من القوات السورية الموالية لها، وهنا لنا أن نشير إلى أن عدد القتلى مرشح للارتفاع لوجود جرحى بعضهم في حالات خطرة، بالإضافة لوجود معلومات عن قتلى آخرين…
    وفي التفاصيل :
    كانت الطائرات المقاتلات الروسية نفذت أمس الخميس أكثر من ٤٠ غارة جوية استهدفت مواقع، وتحصينات عناصر تنظيم داعش في البادية السورية ضمن الحدود الإدارية لمحافظات حمص، وحماة، والرقة، ودير الزور…
    ومن جانبها طلبت القوات الإيرانية في الأول من الشهر الجاري، من العناصر التابعة، والموالية لها الاستنفار، ورفع الجاهزية، وإلغاء الإجازات الممنوحة للعناصر في مدينة الميادين، وريفها، في الريف الشرقي لمحافظة دير الزور بعد تزايد الضربات الجوية التي تعرضت له مواقع ( الحرس الثوري الإيراني، والميليشيات الموالية له في مناطق ديرالزور الشرقي خلال شهر تشرين الثاني المنصرم).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى