هل تنجح العلاقات القطرية-التركية في اكتساب مؤسسات تركيا
مقال للمؤرخ التركي (SERKAN DEMİRTAŞ)
ترجمة أنس حافظ
جاءت الاتفاقية الاستراتيجية بتوقيع عشرة اتفاقيات استراتيجية جديدة بين تركيا وقطر ضمن تطوراً هاماً من الناحية الاقتصادية وانعكاساتها على علاقات الدولتين من خلال الدورة السادسة للجنة الاستراتيجيات العليا في 26 تشرين الثاني 2020 بقيادة كلاً من الرئيس رجب طيب أردوغان والأمير تميم بن حمد آل ثاني
بدايةً
طورت حكومتا البلدين شراكة فريدة من نوعها خلال العقد الماضي، اصطُحبت بفرص تجارية واستثمارية من أجل المصلحة المشتركة من خلال السنوات القليلة الماضية، وقعا كلاهما 62 اتفاقية استراتيجية في محاولة لتعزيز البنية التحتية القانونية لعلاقتهما وتعميق التعاون في كافة المجالات تقريبًا، متضمنةً صناعة الدفاع والتجارة والثقافة والعديد من غيرها.
أبعاد التعاون
عمل كلا الحكومتين على تطوير متداخل للعلاقات فيما يتعلق بالصراعات الإقليمية الملحوظة لكلٍ من اليمن وسورية وليبيا، مما جعل العلاقات تتعارض مع القوى الإقليمية الأخرى ذات النفوذ السياسي الشرس مثل الإمارات والسعودية ومصر.
ولم يكن من واقع الصدف أن تكون تركيا السباقة في مدِّ يدْ العون للحكومة القطرية عندما اختار أربعة دول عربية محاصرة ومقاطعة قطر في عام 2017 اشترك بالمقاطعة كلٍ من السعودية والبحرين والإمارات ومصر، والذي أدى بتركيا إلى مساندة قطر وتمركزها بقاعدة ومعدات عسكرية.
وبالمقابل، ساندت قطر من خلال تعهداتها طويلة الأمد حليفتها تركيا باستثمارات وصلت إلى 15 مليار دولار أمريكي في تركيا حتى إحصائية عام 2018م. وكان الاقتصاد التركي وقتها يخوض مجابهات وصراعات اقتصادية بسبب العقوبات التي فرضها الرئيس الأمريكي ترامب على أنقرا إذ أنها كانت رداً أمريكياً على اعتقال تركيا للقس الأمريكي (Brunson).
وأظهرت الأرقام الرسمية أن مُجمل الاستثمارات القطرية في تركيا تجاوزت بقليل حاجز العشرين مليار دولار أمريكي، حيث تعمل حوالي 170 شركة قطرية في داخل تركيا، بالمقارن تعمل 500 شركة تركية تقريباً في إمارة قطر. وتجاوز الحجم التجاري 2 مليار دولار مع استمرارية الخطط المشتركة لتحسين المستوى في الفترات القادمة. (من الأرجح أن تكون الاستثمارات القطرية في تركيا أعلى بكثير من المعلن عنه وذلك لعدم معارضة أمريكية والدول الغربية في تحويل استثمارات قطر الناجحة إلى دولة يعتبرها الغرب من الدول الرمادية “المترجم”).
وواضحاً أن هذه التطورات والتقاربات مثمرة جداً لكلا الشقيقين، إلا أن هناك حاجة ماسة إلى المزيد من العمل لتحول هذه العلاقة إلى علاقة مؤسسية ومستدامة خاصة وأن لتركيا برلمان وتغيرات حزبية تتغير من خلال الانتخابات، وعليه من اللازم وضع استراتيجية تضمن الاستقرار التعاوني لكلاهما.
نقطتان لا ينبغي التغاضي عنهما
وصلت العلاقات الثنائية لأعلى مستوياتها وعليه يجب الحفاظ وتأمين التلاحم بعاملين يتمثلان بالحوار الشامل والشفافية الكاملة.
فالحوار الشامل يتضمن أنه على الحكومة القطرية إدراك أن لتركيا حياة سياسية نابضة ونشطة، وأن الافتقار لقنوات التواصل الفعالة مع الجهات السياسية الفعالة الأخرى من الأحزاب التركية سوف يؤدي إلى سوء فهم أو انعكاس لتصورات مبهمة، والذي يعتبر مهم جداً لاستدامة الاستثمارات القطرية في تركيا.
أما مسألة الشفافية، وعندما يتعلق الأمر باستثمارات قطر والترابط الاقتصادي مع تركيا، فقد وقعت كلاً من تركيا وقطر بعض الاتفاقيات المهمة للغاية خلا الزيارة الأخيرة لأمير قطر نهاية شهر تشرين الثاني، تضمنت نقل 10% من أسهم الحكومة التركية في سوق التداولات في إسطنبول، بينما لم تفصح الحكومتان عن القيمة المالية لتك الصفقة. وأثار هذا الغموض في المعلومات حول التفاصيل مثل هذه الصفقات الكبير إلى جدلاً واسعاً داخل الاعلام التركي استغله أحزاب المعارضة كون أن تركيا تبيع من أصولها الوطنية الحكومية لدولة أجنبية مع التحفظ على بيانات الصفقة.
بينما وعلى الرغم من الانتقادات الموجه إلى الحكومة التركية، إلا أن هذه الخطوة سوف تخلق تكوين نظرة عامة بين أفراد الشعب التركي والرأي العام، وينبغي أن يكون أولويات تلك الحكومتين إطلاع شعبيهما على الأبعاد التقنية والمالية أثناء الاتفاقيات بهذا القياس لتجنب المسائل الحساسة مستقبلاً.
فهل حان الوقت لكلٍ من تركيا وقطر لاتخاذ هذه الخطوة وإثبات أن علاقتهما مستندة على روئية بعيدة المدى ؟