مقالات

بين التسامح السني والتطرف والحقد الشيعي (تركيا وإيران نموذجاً)

نعيم مصطفى

مدير التحرير
عرض مقالات الكاتب

لو غصنا في بطون الكتب لو قفنا على لؤلؤة من أنفس اللآلئ في تاريخ الدساتير البشرية ، ولو قيض لهذه الدساتير  أن تطبق على أرجاء المعمورة، لانتشرت العدالة، والسعادة ، وعمت الدنيا، ألا وهي ” صحيفة المدينة” ، أو ” الدستور المدني ” ، الذي سنّه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم عند وصوله إلى المدينة المنورة، واستلامه مقاليد قيادتها، وقد نصت بنود هذه الوثيقة على خمسة وخمسين بنداً ،من ضمن هذه البنود أن من يسكن في المدينة من مسلمين ويهود أمة واحدة من دون الناس وجاء في بند آخر: إنه من تبعنا من يهود فإنّ له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصرين عليهم.

 لقد منحت الوثيقة اليهود الحقوق المدنية العامة وضمنت لهم الأمن ،والحرية الشخصية، ولهم حرية العقيدة، وممارسة الشعائر الدينية الخاصة بهم، ولا يُجبر أحد منهم على الدخول في الإسلام بنص الآية الكريمة:

لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ ” البقرة 256

ولم يثبت في السيرة النبوية أنه عليه الصلاة والسلام أجبر أحداً من الكفار المسالمين الذين التزموا بقوانين الدولة على الدخول في الإسلام.

أردت من خلال هذا المدخل استحضار هذا النموذج النبوي الذي لا يمكن أن يُضاهى في التسامح ،والرقي، والحضارة، والسمو، كي أثبت أن معظم المسلمين السنة الذين فهموا جوهر الدين الإسلامي الحقيقي، ومقاصده الرفيعة يُحاكون هذا النموذج النبوي، ويعتبرونه أسوة ،وقدوة في تصرفاتهم ومعاملاتهم، وإننا لنجد السنة في لبنان مثلاً لم يُسجل لهم أي موقف طائفي، أو متشدد، أو حاقد على الآخر (إلا من شذّ وهذا لا يُقاس عليه).

ولو عقدنا موازنة بين الشيعة، والسنة من خلال دولتين مهمتين إن لم أقل أهم دولتين إسلاميتين(بحسب زعم إيران أنها دولة مسلمة) ، وهما إيران، وتركيا لتبين لنا جلياً مَن المتسامح، والمعتدل، والذي يقتدي بالنموذج النبوي السليم، ومن المتطرف، والحاقد، والمتشدد ،والذي يسعى لإلغاء الآخر.

إيران تعتبر أكبر دولة في العالم تضم الشيعة (وأنا أقصد هنا شيعة الفرس وليس شيعة العرب المعتدلين).

إن إيران تجعل حياتها كلها تدور رحاها حول أيديولوجيتها، بعلاقاتها الداخلية والخارجية، ففي الداخل الإيراني يُمنع بناء المساجد السنية، ولا يُرحب بالنازحين، والمهاجرين من الدول الأخرى، أو المجاورة إذا كان مذهبهم مخالف، لإيران، بل يُطردون، أو يُحبسون، ونجد ذلك جلياً لدى ذراع إيران في لبنان، وهو ميليشيا حزب الله الذي يُنكل بالنازحين السوريين فضلاً عن دخوله إلى سورية ،وقتل شعبها، فقط، لأنهم يختلفون معه في المذهب.

إيران تتدخل في سورية، واليمن ، والعراق ، والبحرين، وليس لها مسوغ إلا لمناصرة أتباعها؛ لأنهم شيعة حتى ،ولو كانوا قتلة، وفجرة كما يفعل بشار الأسد (الذي هو فرع من الشيعة) ونظامه في إجرامه الذي يفوق الوصف.

هذه العقلية المتزمتة التي يحملها الإيرانيون لا تمت إلى الحضارة بصلة، ومن العجيب أننا نجد بعض المنافحين عن سلوكها، وسياستها الطائفية، يصمون الآخرين بالطائفية، وينعتونهم بأقذع العبارات.

ولو تحولنا إلى تركيا، وهي من الدول الكبرى السنية، والتي لها أهمية كبيرة في موقعها الجغرافي، وتاريخها ،وحاضرها؛ لوجدنا أنها تختلف اختلافاً كبيراً عن إيران.

تركيا يُشكل السنة فيها أكثر من تسعين بالمئة ،ومع ذلك نجد انتشار المعابد للطائفة العلوية، ووجود مساجد للشيعة، وكل المواطنين يتمتعون بحقوقهم دون النظر إلى معتقداتهم ،وأديانهم، وإننا لنجد كثيراً من المواطنين السوريين المؤيدين لنظام بشار الذين أجرموا في حق الشعب السوري يفرون إلى تركيا، وفي أعناقهم قتلى ،وفي جيوبهم أموال الشعب التي اختلسوها، ومع ذلك، فإن السلطات التركية تغض الطرف عنهم(وهذا إفراط من الدولة التركية أن تترك المجرم يسرح ويمرح فوق أراضيها)، وتقول لم يقترفوا شيئاً على أراضينا.

ولو أن قسماً من الشعب السوري المعارض لنظام الأسد ذهب إلى إيران؛ لزجت به في غياهب السجون، وأعادته إلى مقصلة السفاح بشار كما فعل حسن نصر الله.

شتان بين الدول الإسلامية السنية (تركيا) المتسامحة، والحضارية، والمدنية، وبين دولة الشيعة(إيران) الطائفية، والهمجية، والإلغائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى