مختارات

“النجف مقابل قُم”.. حشد العتبات يواجه مد خامنئي بـ”قوة جديدة” في العراق

بعد ستة أعوام على تشكيلها، تشهد فصائل حشد العتبات نشاطا غير معتاد بدأته أول ديسمبر الجاري بعقد مؤتمر لا تزال فعالياته متواصلة، بينما يتباين فهم دلالاته، في ظل تخوف من قتامة الوضع السياسي والأمني في العراق.

وأقيم المؤتمر تحت شعار “حشد العتبات حاضنة الفتوى وبناة الدولة”، ودارت أولى جلسات المؤتمر حول أقسام الإدارة والمالية في ألوية الحشد الشعبي، الذي تنتمي إليه فصائل العتبات.

وربما يعكس مضمون الجلسة الأولى “معاناة” حشد العتبات من شح الدعم المالي والتسليح والتجهيز والتعتيم على دور مقاتليه في الحرب على تنظيم داعش على عكس الميليشيات الموالية لإيران وهو ما يطلق عليه البعض “الحشد الولائي”.

راية الدولة لا الأحزاب

ويعتقد أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكوفة العراقية، إياد العنبر، أن دلالة المؤتمر يمكن استنتاجه من شعاره الذي أشار إلى ارتباطه بالعتبات الدينية وليس بالسياسة.

وأضاف لموقع الحرة: “أعتقد أن الرسالة الأولى والأخيرة من مؤتمر حشد العتبات هو تأكيده على الارتباط بفتوى المرجعية بخصوص الجهاد الكفائي التي أكدت على الانضمام والتطوع وقتال تنظيم داعش تحت راية الدولة لا الأحزاب”.

وفي 13 يونيو 2014، استجاب عشرات آلاف العراقيين لفتوى وُصفت فقهيا بـ”الجهاد الكفائي” للمرجع الديني الشيعي علي السيستاني، بالانضمام للقوات الأمنية لمواجهة تنظيم داعش الذي سيطر على ثلث أراضي العراق حينها، وتوسع اتحاد الفصائل الشيعية المسلحة.

إلا أن من استجابوا لدعوة السيستاني بحمل السلاح لقتال داعش لم يتطوعوا في القوات الرسمية، وإنما انضموا إلى ميليشيات مسلحة كانت موجودة بالفعل قبل الحشد الشعبي، وشكلت نواته مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق ومنظمة بدر، وجميعها ميليشيات موالية لإيران.

وفي مقابل هذه الميليشيات “الولائية” انضم للاتحاد الشيعي المسلح “حشد العتبات” المكون من فرفة الإمام علي القتالية (العتبة العلوية)، ولواء علي الأكبر (العتبة الحسينية)، وفرقة العباس القتالية (العتبة العباسية)، ولواء أنصار المرجعية.

فك الارتباط

وعن مغزى توقيت المؤتمر الذي عُقد للمرة الأولى بعد ستة أعوام على تشكيل ميليشيات الحشد، قال العنبر: “قد يكون هذا التوقيت هو محاولة للتأكيد على فك الارتباط بين القوى السياسية التي تملك فصائل مسلحة تنتمي إلى تشكيلات الحشد الشعبي، وتستعد للمشاركة في الانتخابات المقبلة”.

وكان رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي حدد يونيو المقبل موعدا لانتخابات مبكرة، فيما بدأت الأحزاب الاستعداد لحملاتها، ويرجح خبراء أن يستفيد الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، المقرب من الميليشيات قادة الميليشيات الولائية، ومرشَحوه من قانون الانتخاب الجديد.

ورغم ذلك، يستبعد العنبر محاولة انفصال حشد العتبات عن هيئة الحشد الشعبي، مرجعا ذلك إلى “التبعات المالية التي يمكن تشكل عائقا أمام هذه الخطوة”.

لكنه عاد ليقول إن الانفصال رسميا عن هيئة الحشد سيتم من خلال انضمام حشد العتبات إلى وزارة الدفاع، قائلا: “هذه الخطوة تم إعدادها والتصريح بها في أكثر من مناسبة، لكن حدثت تسوية”.

وأضاف: “يبدو أن الخطوة المقبلة لحشد العتبات ستكون تذويب تشكيلاتها داخل المؤسسة العسكرية”.

حشد جديد

وعلى النقيض من ذلك، يرى الباحث في الشأن العراقي رعد هاشم مؤتمر حشد العتبات بأنه بداية لتشكيل حشد جديد سيكون خاضعا للتناقضات بين أوامر القائد العام من جهة ورغبات المرجعية من جهة أخرى.

وقال لموقع “الحرة”: “هناك تأكيدات على أن حشد العتبات سيتلقى توجيهاته من أحمد الصافي وعبد المهدي الكربلائي”، وهما وكلاء المرجعية.

وعن دوافع عقد مثل هذا المؤتمر، قال هاشم: “الشارع العراقي الآن يضج بصور المرشد الإيراني علي خامنئي وصيحات مواليه”، مضيفا “كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق والميليشيات الأخرى الولائية تهيمن على المشهد”.

وبحسب هاشم، فإن “هذه الولائية تشكل ضررا على مرجعية المرجع الشيعي الأعلى في العراق علي السيستاني، لذلك جاء المؤتمر لتعزيز دور الجماعات التي توالي مرجعية النجف”.

وأضاف “سطوة مرجعية النجف باتت تتأثر جراء ثقل وخطورة إيران وتأثيرها على القرار السياسي في العراق”، معتبرا أن المؤتمر “تحوط دفاعي أولي لمواجهة المد الخامنئي في العراق ككل، وما يشكله من تنافس على مستوى الولاءات الشعبية لمرجعية النجف”.

إعادة تموضع

ويرى هاشم أن المؤتمر بمثابة إعادة تموضع للسياسيين في العراق وتشكيلاتهم المسلحة، بتذكيرهم أن مرجعيتهم في النجف وليست في قم.

ويرى هاشم أن الضغط الدولي، إلى جانب الوضع الأمني وانفلات السلاح، وميل حشد العتبات إلى الانعزال عن هيئة الحشد الشعبي من بين العوامل التي ساهمت في عقد المؤتمر.

وفيما يتعلق بسبب الانعزال عن الحشد الشعبي، قال: “كتائب حزب الله تهيمن على مجمل الفصائل في هيئة الحشد الشعبي، وتتحكم في غالبية الإدارات”.

وتابع: “كنا نتمنى انتهاء الفتوى الكفائية للسيستاني، وحل الحشد الشعبي لأنه عمليا انتهى قتال داعش، ومواجهته أصبحت رهنا بطيران التحالف والاستشارات الدولية”.

لكن المؤتمر الذي انعقد الثلاثاء الماضي أنهى أي أمل بإصدار المرجعية فتوى تبطل الفتوى الأولى أو تلغيها، بحسب رعد هاشم الذي أضاف “بات للمرجعية الآن قوة مسلحة رسمية، صحيح هي تقول إنها بإمرة القائد العام لكن الأمر يبدو أنها لحماية المرجعية والمذهب”.

وأوضح قائلا: “ربما يستشعر حشد العتبات، بتوصيات من المرجعية، خطر الميليشيات الموالية لإيران والمنفلتة”.

ولا يستبعد هاشم أن يؤسس الحشد الولائي حشدا آخر، “وبذلك نكون إما دولة ميليشيات أو دولة حشود”، متسائلا عن جدوى بقاء القوات الأمنية الشرطية والعسكرية بأعدادها المليونية، في ظل هذا الوضع.

المصدر : الحرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى