حقوق وحريات

هل تبنى الدولة اللبنانية على فساد القضاء

الدكتور طارق شندب

محام وأستاذ القانون الدولي
عرض مقالات الكاتب

يبدو أن ما قاله وزير الداخلية محمد فهمي قد استفز الكثيرين، وجعله موضوع انتقاد، ولكن للحقيقة ما قاله فهمي هو ما يقوله الكثير من السياسيين، و القضاة، والمحامين في الصالونات الخاصة، وهو إلى نسبة كبيرة صحيحة؛ فمعظم وزراء العدل السابقين قالوا أكثر مما قاله فهمي عن القضاء.
وبالمناسبة نتمنى على مجلس القضاء الأعلى الإيعاز للعديد من القضاة ان يقوموا بواجبهم المفروض عليهم، فلا يعقل أن يكون دوام بعض القضاة يبدأ الساعة بين ١٠ و١١ صباحًا، وينتهي الساعة ١ أو ٣ ظهرًا، وما بينهم من استقبالات، ومجاملات حسب المصلحة، والعلاقة، ولا يعقل أن يكون بعض القضاة لديهم ملفات موكلين بها، وتتجاوز المئات للفصل بها، أو البت بها، وهي حبيسة الإهمال، واللامبالاة، ولا يعقل أن يكون بعض القضاة يتعاطى مع بعض المحامين بخلفية سياسية، وهكذا دواليك، ولا يعقل أن تكون بعض أبواب القضاء مفتوحة للبعض، ومغلقة بوجه الآخرين، وغيره الكثير الكثير مما يعرفه الكثير ن، ولا يجرؤون على قوله.
الفساد لا يعني سرقة المال العام فقط والرشاوي ، الفساد ممكن أن يكون بأشكال كثيرة منها الإهمال، وتأجيل الملفات لأشهر طويلة، ونسيان بعضها، وعدم البت ببعضها، ومحاباة طرف سياسي، أو أمني، أو شخص معين، أو مرجعية معينة، الفساد كثيرة أشكاله، والتفتيش القضائي يعرف الكثير منها، ولا أحد فوق الانتقاد، ولوكان القضاء، وإلا لماذا هنالك تفتيش قضائي، ولماذا هنالك قضاة طردوا، وآخرين عوقبوا ، الكل يعرف المشكلة، والكثيريون يحبون تبييض الطناجر، ومسح الجوخ، وإذا أراد مجلس القضاء أسماء، ووقائع عن مخالفات، وتحاوزات، فليأت التفتيش القضائي الساعة الثامنة صباحًا إلى قصور العدل، أو ليطلعوا على ملفات نائمة في أدراج بعض النيابات، ومئات الشكاوي، والإخبارات بحق فاسدين، وسارقين، ومجرمين كلها نائمة ، وملفات ضائعة ، وعندما يتم اللجوء إلى التفتيش يمنع عليك أن تعرف النتيجة، فلماذا، وبأي حق ، وإذا أردتم أسماء، وأرقام للملفات، والشكاوي فكله موجود، ثم بأي حق يفرض على المتداعين وضع رسوم، وطوابع قضائية تعود لصندوق تعاضد القضاة بدون إقرارها في المجلس النيابي، والتي تكلم عنها نواب في البرلمان، وانتقدوها؛ لأنها تتم بدون قانون، وهذا غيض من فيض.
ما قاله الوزير محمد فهمي ليس مبالغًا” فيه، وإنما هو واقع، وحقيقة تكلم عنها معظم وزراء العدل السابقين دون أن ننسى أن هنالك قضاة (أوادم) ولكن للأسف هؤلاء قلة قليلة.
وقبل أن أنسى أود أن يتحفنا وزير العدل السابق سليم جريصاتي عن ملفات في عهده عندما كان وزيرًا للعدالة، ومنها ملف (خلية العبدلي) الذي أرسل من الكويت عبر الإنتربول
و لاحقًا عن ملف الجمارك فيما خص ما عرف بأمير الكبتاجون، وهذا غيض من فيض، أين أصبحت تلك الملفات وماذا حل بها؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى