تحقيقات

حوار مع معتقلة روسية في سجن الأسد

قرأت عن سوريا أنها من أعرق البلدان في التاريخ والحضارة، وأن لها الريادة في تعليم اللغة العربية التي عشقتها، فرفعت عصاها وولت وجهها شطر الشام، لكن يبدو أنها لم تكن تعلم أن من يحكم تلك البلاد وحوش بلباس بشر، فدفعت ثمن غفلتها.

إنها الفتاة الروسية كاترينا…

على الرغم من بعدها عن السياسة ، ورحلتها في طلب العلم فحسب، فإن ذلك لم يشفع لها بالنجاة من براثن المخابرات التي كادت أن تفتك بها.

قصة كاترينا جديرة بالاهتمام والنشر لتفضح ممارسات شبيحة الأسد التي هي مفضوحة بالأصل.

رسالة بوست تواصلت مع هذه الفتاة وكان لها هذا الحوار:

*متى ذهبت إلى سوريا ؟ وما الأسباب والغايات التي دفعتك لاتخاذ هذه الخطوة؟

**ذهبت إلى سوريا عام 2009من أجل دراسة اللغة العربية هناك حيث علمت أن سوريا واحدة من أقدم بلدان العالم، ومن أجل التعرف على الثقافة العربية.

*حبذا أن تحدثينا عن أسباب اعتقالك من قبل النظام ؟ وكيف عاملوك؟

**كنت أقيم وأدرس في دمشق وكان لي صديقة في قرى حلب، فقررت أنا وزميلتي كريستينا أن نزورها، وكان ذلك عام 2013 وبسبب كثرة الحواجز في طريقنا وصلنا متأخرين إلى حلب المدينة فقررنا المبيت في الفندق .

في الفندق الذي نزلنا فيه كان يوجد شخص من الأمن السياسي، قبض علينا، وأخذنا إلى الفرع للاستجواب، وقد سألنا المحقق أول سؤال عن ديانتنا فقلنا له إننا مسيحيتان، وتحدث كثيرًا معنا عن الدين، ثم طلبوا منا العودة إلى الفندق وعدم مغادرته إلا  بإذننا.

وفي اليوم التالي دعاني ضابط الأمن الذي ساقنا إلى التحقيق، إلى غرفته، ثم طلب مني أن يقيم علاقة معي، فرفضت ذلك، فغضب غضبًا شديدًا، وقال إنه سينتقم مني، فسألته ماذا ستفعل؟ أجاب سآخذك إلى فندق آخر خمس نجوم، وفي اليوم التالي صباحاً، أخذنا أنا وصديقتي كريستينا إلى السجن، ومكثنا في السجن شهرًا ونصفًا، ومرضت صديقتي وكادت أن تموت، وأنا أضربت عن الطعام، ولم يهتموا بأمرنا إطلاقًا، وعندما طلبنا منهم إجراء تحقيق معنا ، قالوا إننا سجناء سياسيون، ولا يحق لنا المحاكمة.

*هل يمكن أن تحدثينا عن صور التعذيب التي كنت تشاهدينها وتسمعينها؟

**لا بد من لإشارة قبل الجواب على ذلك أن العناصر قالوا لنا لولم تكونوا أجانب لكنا أنزلنا بكم أشد العقوبة ولكنكما مع الأسف أجانب.

كان الناس يتعرضون باستمرار للتعذيب، كان هناك جمع كبير، وطابور يقف خلف بعضه من أجل التعذيب، وقد كان الجلاد يضربهم على أقدامهم، وصدورهم، وظهورهم، وقبل الشروع بالتعذيب كانوا يجبرونهم على خلع ملابسهم، ثم يقيدونهم إلى قضبان، ثم يبدؤون بالتفنن في تعذيبهم، من ضرب بالكابلات إلى سكب الماء عليهم ، وقد رأيت أناسًا قد سلخت جلودهم ،وسمعت أناسًا يتوسلون الموت، لكن المعذبين كانوا يسخرون  من استغاثتهم، ويقولون لهم لا نريد أن تموتوا قبل أن نشفي غليلنا منكم.

وكنا نرى الجثث كيف يخرجونها من الزنازين ومن حجرات التعذيب.

*هل كنت تعتقدين أن النظام يمكن أن يمارس هذا العنف وهذه الوحشية وهذا الإجرام في حق الشعب السوري أم أن الأمر كان مفاجئًا لك؟

**لم أكن أتخيل في يوم من الأيام أن هناك تعذيبًا، وقتلًا بهذه الطرائق البشعة يمكن أن يكون في أي دولة، لقد كانت صاعقة لي، وقررت على إثر ذلك فضح هذا النظام المجرد من الإنسانية.

*ماهي خططك المستقبلية بخصوص القضية السورية ومأساة الشعب التي ماتزال مستمرة منذ عشر سنين؟

**عندما كنت في السجن وعدت النزلاء  أن أنشر معاناتهم وأن أخرج صوتهم إلى العلن، وقد حاولت التواصل مع بعض الصحف والمواقع الروسية؛ لأحدثهم عما حصل معي، وعن مآسي السوريين لكنهم  رفضوا، فقمت بعمل مشروع حول المعتقلين السوريين ، ومشروع آخر عن حياة اللاجئين السوريين في تركيا، ونشرته على موقع الكتروني خاص بالصحفيين المستقلين.

أود أن أخبر الروس عما حلّ بالسوريين من قتل واعتقال وتشريد، وأود أن أصنع أي شيء أخدم فيه هؤلاء المعذبين المظلومين، ولكن يتعذر علي أن أذهب إلى أرض سوريا فأكون في قبضة الأسد أسيرة سياسية، وإذا ذهبت إلى أراضي الجيش الحر يقولون إني روسية، وغير مرغوب بوجودي.

إني أتألم كثيرًا، ويتفطر قلبي حزنًا على السوريين.

لقد وقعت في شراك حب وعشق هذا البلد.    

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى