مقالات

طوق نجاة.. بعد فشل مؤتمر عودة اللاجئين الائتلاف يلقي للنظام بطوق نجاة

جهاد الأسمر

كاتب ومحامٍ سوري.
عرض مقالات الكاتب

المؤتمر الذي عُقِد مؤخرًا في دمشق والذي دعا فيه النظام وروسيا وبقية دول الاحتلالات التي تحتل سوريا ودعوا فيه اللاجئين في دول الشتات السوريين للعودة وذلك للإيهام بأن الأمور في سوريا باتت أفضل من ذي قبل وما على اللآجئين سوى أن يعودوا إلى أوطانهم في وقت يكذّب واقع الحال الصورة هذه التي أراد أن يرسمها رعاة هذا المؤتمر.

ما جرى في هذا المؤتمر جرى في ظل غياب أمريكا ودول الاتحاد الأوربي وتركيا فهذه الدول لها مواقف معروفة من مسألة عودة اللآجئين السوريين فهذه الدول الغالبية الغالبة من اللآجئين السوريين يعيش بين ظهرانيها وهذه الدول معروف موقفها من عودة اللآجئين وموقفها معروف أيضًا من مسألة الاعمار التي يرفضونها بالكلية إلا في حال الشروع في عملية سياسية تفضي إلى عملية انتقال سياسي حسب منطوق القرار الأممي 2254 ومخرجات جنيف1.

إذًا والحال على ماذكر مؤتمر عودة اللاجئين السوريين لهذه الإعتبارات حُكِم عليه بالفشل قبل أن يبدأ طبعًا يضاف إلى هذه الاعتبارات التي أفشلته عاملًا وسببًا آخر جوهري وهو موقف القوى الثورية والناشطون على الأرض الذين قالوا كلمتهم فيه قبل أن يقول الآخرون كلمتهم فيه.

ائتلاف ما يسمى قوى المعارضة والثورة الذي يسمى اختصارًا بالإئتلاف بات متأخرًا بل وعقبة أمام آمال وطموحات الشعب السوري فقد كان عليه أن يستثمر جيدًا هذا الأمر وهذا الفشل الذريع لمؤتمر عودة اللآجئين ويُجيّره لصالح الثورة ويرفع من رصيده ورصيدها، فالنظام وداعميه كانوا يأملون من هذاالمؤتمر الكثير فخيبتهم من فشله كانت بقدر أو ربما أضعاف الأمل الذي كانوا يمنون النفس فيما لو نجح المؤتمر وحقق ما كانوا يصبون إليه،فالائتلاف لم يحرك ساكنًا في هذا الأمر،فهم على العكس من ذلك تمامًا الساكن الذي حركه الإئتلاف كان عكس المتوقع والمرجو ونقيض ما كان الثوار يأملونه، فقد خطى الائتلاف بخطوة غريبة فقد قام رئيس الإئتلاف المدعو نصر الحريري بالدعوة إلى إنشاء ما يسمى “مفوضية عليا للانتخابات”

فماذا يعني تشكيل مفوضية عليا للإنتخابات في هذا الوقت؟؟

هذا يعني بالدرجة أن تكون هذه المفوضية المستحدثة هي الجسم والكيان في أي استحقاق قادم وفي أي مرحلة قد تطرأ والتي لم يأتِ إنشاء هذه المفوضية المسماة”المفوضية العليا للانتخابات”في هذا الوقت بالذات إلا لتكون الأساس الذي يستند عليه الائتلاف لتقديم مرشح له في الانتخابات الرئاسية التي ستجري في مناطق سيطرة النظام التي ستجري السنة القادمة في صيف 2021 وهذا ما تريده روسيا وإيران وبقية دول الاحتلالات التي تحتل سوريا وذلك لإضفاء المشروعية عليها وعلى نتائجها.

كثيرون رأوا أن إنشاء هذه المفوضية وما تسمى بالعليا ستتلوها في وقت لن يكون طويلًا أن يرشح نصر الحريري نفسه أو أحدًا آخر من جوقة الائتلاف ليكون مرشحًا أمام المرشح الآخر وهو بشار الأسد وذلك لإضفاء الشرعية على هذه الانتخابات والتي ستكون نتيجتها معروفة للجميع وكأن أمر الثورة السورية وأهدافها ومطالبها والوطن وما حل فيه من كوارث أمر تمحوه
مسرحية انتخابات شكلية هزيلة لا تقدم ولا تؤخر وسيكون الإئتلاف شاهد زور فيها.

خطوة الإئتلاف هذه أقل ما يقال فيها أنها خطوة خيانية يحاول فيها الإئتلاف مقاربة الانتخابات الأمريكية لتشبيه حملة نصر الحريري وحملة بشار التي ستحصل إن رشح الحريري نفسه كما يرى كثيرون أنه سيفعل شبيهة بحملتي ترامب وبايدن التي جرت مؤخرًا في أمريكا التي لا يصح مقاربتها ومقارنتها بها.

على مدار سنوات خلتْ فرّط الائتلاف بالكثير من مبادىء الثورة السورية وثوابتها فقد فرّغ الائتلاف هذا القرار 2254 من كل محتوى له والتي يأتي على رأسها المرحلة الانتقالية وقد فرط فيها ولم يبق من القرار 2254 سوى موضوع اللجنة الدستورية التي عمل ويعمل النظام بشأنها على ممارسة المماطلة والتسويف الذي برع فيهما على حساب جهل الائتلاف الفاضح وعدم درايته بالذي يدور من حوله.

إن إنشاء هذه المفوضية جاء بخطوة لا الزمان ولا المكان يسمحان بإنشائها اللهم إلا في سبيل الانخراط في عملية انتخابية لإعطاء النظام المشروعية وطوق نجاة له لتجميل صورته القبيحة أمام الرأي العام الدولي.

فالإئتلاف ليس من مهامه إنشاء مفوضية للانتخابات في هذه المرحلة فهذا من صميم عمل المرحلة الانتقالية المؤقتة التي نص عليها القرار 2254 لإن الائتلاف إذ ذاك وبشكل تلقائي سيزول بظهور المرحلة الانتقالية خاصة إذا علمنا أن لا يمكن لأي من وجوه الإئتلاف الترشح لأي دور بحلول المرحلة الإنتقالية والتي أراد مستحدث هذه المفوضية القفز فوقها.

ربما أدرك الإئتلاف ورئيسه نصر الحريري مافي هذه الخطوة من مخاطر فبادر إلى التراجع وتوضيح ما الذي كان يقصده من وراء اتخاذ هذه الخطوة بعد الزلزال الذي أحدثه اتخاذها
ولكن وكما يقال سبق السيف العذل وظهر جليًا ما الذي يجري عليه العمل في هذا الائتلاف المسخ وطريقة تفكيره الذي قاد العمل الثوري إلى كوارث حقيقية الأمر الذي جعل ويجعل من الواجب والملجىء لاتخاذ خطوات لكف يد هذه الشرذمة وسحب البساط من تحت قدميها قبل أن يفرّط هذا الائتلاف بالمزيد في وقت لم تعد تحتمل الثورة وما بقي فيها من ثوابت للتفريط بأي مزيد…

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى