مقالات

هل كان عبد الناصر مستعدًا للتخلي عن سيناء؟ (الانقلابات العسكرية ملة واحدة)

فرج كُندي

كاتب وباحث ليبي
عرض مقالات الكاتب

بعد أن أضاع ضباط 23 يوليو شبه جزيرة سيناء التي تمثل أكثر من ثلت مساحة اراضي الدولة المصرية في حرب يونيو عام 1967، إثر هزيمتهم المنكرة على يد العدو الصهيوني ( إسرائيل ) وسقوط الآلاف من الجنود المصريين بين قتيل وأسير في ايدي عصابات الجيش الصهيوني .
اطلق ضباط يوليو وأذرعهم الإعلامية على هذه النكبة الكبرى اسم النكسة تخفيفًا من وقعها المرير على كل الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج الذين تعشموا خلاص فلسطين وتحريرها سوف يكون على ( بطل الأمة العربية ) و ما سمي ثورة يوليو.
وبعد ضياع سيناء بثلاث سنوات، نجح انقلاب عسكري جديد في ليبيا في سبتمبر 1969 أسقط نظام الحكم الملكي الدستوري الشرعي الذي اختاره وتوافق عليه الشعب الليبي عام 1951 بجميع مناطقه وتوجهات بإرادته الحرّة دون إكراه أو تهديد .
وقبل انقضاء شهر من عمر هذا الانقلاب قال ” فتحي الذيب ” مبعوث عبدالناصر قائد انقلاب يوليو في مصر عام 1952 لتأمين انقلاب سبتمبر في ليبيا في ثالث يوم من الإعلان على هذا الانقلاب العسكري الذي يدين بالولاء التام لعبدالناصر بكونه رمز القومية العربية في كتابه ( عبدالناصر وثورة ليبيا ) أن احمد صدقي الدجاني المفكر والمؤرخ الفلسطيني أخبره أنه سمع من بشير المغيربي وزير الثقافة في ليبيا ذلك الوقت – وهو ناصري – أن الرئيس جمال (( أبلغه أنه مستعد أن يتخلى عن سيناء، ويؤجل المعركة مع إسرائيل في سيبيل نجاح الصورة في ليبيا )) .
أن هذا الموقف من عبد الناصر من الاستعداد عن التخلي عن سيناء وتأجيل المعركة مع العدو الغاصب لأجل انجاح انقلاب عسكري يلتقي معه في الفكر والتوجه، ويوفر له وصاية على ليبيا بكون القائمين على الانقلاب في ليبيا ضباط صغار السن وقليلي الخبرة, ويعتبرون عبدالناصر أبًا روحيًا لهم .
أن فكرة التخلي عن سيناء وتأجيل المعركة التي نقلها الوزير المغيربي عن عبد الناصر والتي ذكرها الذيب في كتابه عن علاقة عبدالناصر بالثورة – الانقلاب- في ليبيا . يقابلها موقفه السلبي من ليبيا كدولة وجارة شقيقة، ووقف ضد إرادة الشعب الليبي في مناصرة وتأييد الانقلاب ،ودعمه وتثبيت اركانه .
في الوقت ان ليبيا الملكية وقفت مع الشعب المصري في أحلك أزماته مواقف تاريخية مشرفة واولها عدم السماح، ومنع القوات البريطانية من استخدام طائراتها التي كانت موجودة في القاعدة العسكرية في ليبيا وهذا باعتراف لعبد الناصر نفسه في خطاب مرئي مسجل بث في وقته رغم قيام اذرعه الاعلامية بأن بعض طائرات العدوان خرت من ليبيا .
والموقف الاكبر والاهم في تاريخ مصر الحديث هو وقوف ليبيا والليبيين ملك وحكومة وشعب حين تخاذل أغلب الحكام العرب عن إيقاف تصدر النفط إلى الغرب عقب هجوم إسرائيل على مصر في عام1967 .
وجاء هذ القرار بتوجيه من الملك إدريس السنوسي رحمه الله للحكومة وأقره البرلمان الليبي، في حين لم تأخذ به الدول العربية المنتجة للنفط الا عقب حرب مصر مع العدو الصهيوني في أكتوبر 1973 .
إن عبدالناصر اختار الانقلاب على الشرعية، وقدّم نجاح الانقلاب العسكري حبًا في وجود نظام عسكري يدين له بالولاء على من مدّ له يد العون وقطع اليد التي امتدت له , وراهن على الانقلاب مقابل أرض مصر وكرامتها لتحقيق طموح شخصي على حساب أمة مازالت تعاني الأمرين من تركته الثقيلة على شعب مصر وباقي شعوب الأمة التي اكتوت بنيران الانقلابات العسكرة التي أضاعت الأوطان بالخراب أو الاحتلال .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى