مقالات

جامعة حلب الحرة.. ملحمة أخرى في الثورة (2)

ياسر الحسيني

كاتب وإعلامي سوري
عرض مقالات الكاتب

في لقاء خاص مع رئيس الجامعة الدكتور ياسين خليفة للوقوف على أهم المحطات التي مرت بها الجامعة منذ قرار إحداثها عام 2015 بميزانية تقدر بحدود نصف مليون دولار تقريباً ، قال :” كانت الجهة الداعمة حينها ( سبارك وسامز) ثم أصبحت الجهة الداعمة فيما بعد منظمة ( تعليم بلا حدود ـ مداد)، ونظراً للانتشار الجغرافي الواسع لكليات الجامعة من الجنوب إلى الشمال ظهرت معوقات كبيرة في الادارة والتنسيق في ظلّ ظروف غاية بالصعوبة تعرّضت خلالها المنشآت التعليمية للقصف والحصار وانقطاع تام للكهرباء والخدمات الأخرى ، ورغم ذلك كان عدد الطلاب المسجلّين في العام الأول للجامعة (5000 ) طالب وطالبة “.

أما عن الصعوبات التي كانت تعترض العملية التعليمية فقد قدم شرحاً مستفيضاً ومعززاً بالصور عن الظروف الصعبة التي كانت تكتنف العملية واضطرارهم لاستخدام المنشآت المؤقتة نظراً لتكرار عملية النزوح والتنقل، وما بين الخيم والعراء استمرت الجامعة باصرار منقطع النظير .

في الوقت الذي كانت تعطى المحاضرات في المنشآت المؤقتة ، كانت هناك ورشات البناء توصل الليل بالنهار لإنجاز المقرات الثابتة للكليات وتجهيزها وفق المعايير العالمية وبإشراف مهندسين متخصصين ، وعلى الرغم من إستيلاء فصائل ” هيئة تحرير الشام” على عدة مقرّات وأبنية بعد استكمالها في أكثر من منطقة كما أسلفنا في المقالة السابقة ، ولكن ذلك لم يثن رئاسة الجامعة من المضي في إنجاز ما خططت له وجعل جامعة حلب في المناطق المحررة منارة للعلم يعتدّ بها ، ولتكون بحق من أهم إنجازات الثورة السورية التي أراد النظام المجرم أن يوسمها بالإرهاب وأن يروج عنها زوراً وبهتاناً بأنّها ثورة جهلة ومتخلفين يريدون العودة بسوريا إلى عصورالظلام.

وتبقى الحقيقة الدامغة ما يحصل على الأرض ، فهناك منشئات قد قامت وتم تزويدها بأحدث التجهيزات والمختبرات وهناك كادر تدريسي وطني من ذوي الخبرة والتاريخ الطويل في التدريس والحاملين للشهادات العليا والمشهود لهم بالكفائة العلمية … وأخيراً هناك جيل من طلبة العلم يسابقون الزمن لتعويض مافاتهم بسبب إجرام النظام الذي حال بينهم وبين استكمال تحصيلهم العلمي بشتى الوسائل ( حصار ـ قطع الكهرباءـ تدمير ـ اعتقال ) ، ولكن إصرار الشباب على متابعة الدراسة رغم ظروف الحرب المجنونة جعل الحلم واقعاً ، وتحولت جامعة حلب الحرة من مجرد فكرة كانت تجول في أذهان الكثيرين إلى حقيقة تنمو وتزدهر يوماً بعد يوم.

وها هي اليوم وخلال سنوات قليلة من عمر الجامعة ، تستقبل عدة آلاف من الطلاب في كافة الفروع العلمية والأدبية وتخرّج بضعة آلاف من حملة البكالوريوس والدراسات العليا ( ماسترـ دكتوراه).

وفي لقاء مع بعض الطلاب يمكن تلخيص المشاكل التي يعانونها :

 ـ عدم وجود نشاطات طلابية ترفيهية ( رياضية ـ ثقافية) ـ قلة المخابر والمعدات اللازمة للمحاضرات العملية

 ـ ارتفاع الرسوم الجامعية قياساً بالوضع المعيشي للطلاب ـ عدم الاهتمام بالتدريس عن بعد في ظل كورونا.

أما شكاوى الكادر التدريسي والعاملين الإداريين فهي عديدة وأبرز ما جاء فيها :

ـ ضعف الموارد المالية والدعم المالي والفني ـ نقص في الأبنية والمخابر ونقص التجهيزات

ـ قلة في بعض الاختصاصات العلمية التي تحتاجها الجامعة ـ قلة إيفادات المدرسين

ـ عدم توفر الدعم المادي لتطوير البحث العلمي .

فيما كانت الهواجس الأمنية وعدم الشعور بالاستقرار المهني والأمني يساور الجميع لأسباب عديدة معظمها معروفة لدى الجميع، ولو أن الأمور قد أخذت مساراً إيجابياً في الآونة الأخيرة من الناحية الأمنية والخدمية وإن كان بطيئاً .

ويبقى موضوع الإعتراف بالشهادة الممنوحة من الجامعة هو الأمر الذي يقلق الطلبة ، ويؤكد رئيس الجامعة الدكتور خليفة بأنّ مسألة الإعتراف في سلّم الأولويات حيث تسعى الجامعة والحكومة المؤقتة للحصول على إعتراف الدول التي تساند الشعب السوري من دول الإتحاد الأوروبي بعد أن حازت على اعتراف تركيا في قبول الخريجين لنيل درجة الماجستير في الجامعات التركية ، أمّا بخصوص سوق العمل فللخريجين فرص العمل في المحرّر وتركيا وقطر.

خمس سنوات منذ نشأة الجامعة في ظروف أقلّ ما يقال عنها ” شبه مستحيلة” ، استطاعت خلالها جامعة حلب الحرة أن تتجاوز العقبات الواحدة تلو الأخرى في سيرورة وصيرورة ملحمية تبعث على الأمل والتفاؤل بمستقبل مشرق لسوريا بعد زوال غيمة النظام الحامضية التي لم تمطر إلّا دماراً وتشريداً فكانت عنواناً للجهل والفناء .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى