بحوث ودراسات

المغرب لما يرغب قريب (2 من 10)

مصطفى منيغ

سفير السلام العالمي
مدير مكتب المغرب لمنظمة الضمير العالمي في سيدني-استراليا

عرض مقالات الكاتب

بجدِّيَةِ الأمورِ في أواسِطِها انطلاقاً من أَوَائِلِها في سرِّيَة مضبوطة منظَّمة التوجُّهِ صَوْبَ الخَوَاتِم ، كَنَفَائِسِ الأرضِ المُخْتَبِئَة تحتها في المناجم ، تَحَلَّت عبقرية المقاومة المغربيَّة في مهدها الأول بمدينة “تطوان” عاصمة الشمال شَهِيرَة المَعالِم ، كًلَّما ساق الحديث مُرِيدِيه نحو تفصِيل ألْبِسَةِ الجهاد الحق على مَقاسِ وَرَثَةِ المَكارِم ، مِن رجال ونساء ليس لهم في ذاتِ الأعمال البطولية مُزَاحِم ، لتنتقل الشرارة إلى مدينة الآولياء الصالحين “القصر الكبير” بإيمان يعمي أبصار مَن باعُوا ذواتهم لكل شيطان رجيم ، ليحطّ الرِّحال على أحسن مُسْتَقْبِلِين بعناية الرَّحمان الرَّحيم ، فتبدأ التدريبات دون أن يعرف أمكنتها إلاَّ المشارك فيها وبما ينتظر إن إكتُشِفَ شأنه عليم ، لتدخل مدينة “العرائش” بما رَسَّخَ شجاعة فلذات كبدها في تمرير معدات شكَّلت شوكة مُؤلِمة في حناجر الغاصبين لطهارة الأرض المغربية وحرية الشعب المغربي العظيم ، فيأخذ الانتشار عبر كل قرية أو دوار لا يَقِلّ مواطنيها إخلاصاً عن أي مغربي يتمنَّى أن يعم وطنه الاستقلال والاستقرار والسلام ، إن شُنِقِ شهيد من طرف القوة العسكرية الغاشمة عن طريق محاكمات صورية غير محتَرِمة لحقوق الإنسان في شيء عُوَّض بعشرات المقاومين الأشاوس ناشدي الشهادة مِن أعوام ، ومتى امتلأت السجون بالمعتقَلين عن ظُلم ساد بين المحتلِّين الاسبان أشدَّ خِصام ، لعجزهم وقف أمواج الزّحف البشري المُبارك الهادر الضاربة وجودهم دون رؤيتها بل مجرَّد احساس بالهيبة سيطرَ على حالاتهم النفسية هرّب عن جفونهم راحة المَنام ، وحرمهم التذوُّق العادي مهما كان الطعام ، و جرَّهم لتفكيرٍ (في الكَفِّ عن تعنّتهم الإستعماري البغيض بما لحقتهم من خسارة فادحة في الأرواح والعتاد وذلك بانتقال سريع لبلدهم في “شبه الجزيرة الإيبِيرٍيَّة”) لا يُقَاوَم .

عشرات القصص عرفَتها الطريق الرابطة بين نقطة الحدود الوهمية ، الفاصلة بين نفوذ الإسبان والفرنسيين على امتداد شريط كثَّفت الدولتان المحتلَّتان شديد الحراسة عليه تَفرُّعاً من النقطة المذكورة المسماة “عَرْبَاوَة” البعيدة عن مدينة “القصر الكبير” بما يُقارب الخمس كيلومترات ، حوَّلها “رجال التحرير” لمنار كفاح (غير مرئي إلا للآصفياء مثلهم المهتدين لمراكز تحرك آمن) مِن نوعٍ آخر تمثَّلَ في تهريب السلاح (ليصل رجالا على نفس العهد ونفس الهدف صامدين) المُجمَّع داخل أولى مدن الجنوب الرازحة تحت عبودية الفرنسيين “سُوقْ أَرْبِِعَاء الغَرْبْ” ليوضَعَ قِطعاً مستعملة في عمليات مقاومة أشعلتها ناراَ على مشارف مدن لعبت دوراً طلائعيَّا في جعل المستعمر الفرنسي يشعر بخطر وجوده حيث ألِفَ المقام مستغلاً قدراته المتلاشية مع مرور الزمان ، في نقل خيرات البلد أحياناً عبر بواخر تصل فرنسا ، كأن المغرب ضيعة مكتوبة باسمها ولا أحد له الحق في استرجاعها حرَّة من جديد ، حتى المغاربة أنفسهم بضغط استبدادٍ قائمٍ على خنقهم لدرجة لا تتصور من الهمجيَّة غير العابئة بأرواح الابرياء ولو زُهِقت ظُلما وعُدوانا . كان السلاح يُهرَّبُ قِطَعاً مفكَّكة يتمّ تركيبها واستعمالها في مواقع عَجَّلَت برحيل فرنسا من أبواب جهم المفتوحة لإذابة رؤوسها العاملين ببشاعة فوق أرض لا هي لهم ولا هم لها ، وبخاصة في مدينة “الخميسات” ونواحيها ، بقيادة المقاوم المغوار، الراحل “بلميلودي” والمكافح البطل الصديق الوفيّ الراحل “عبد القادر المِيخْ” الذي استمعتُ منه شخصيا (خلال مقامي في عروس المقاونة “الخميسات” ، تلك الفارضة موقفها المُشِعّ بنور الوفاء للوطن، المكتوب اسمها كأفعالها الكبرى في مثل الميدان ، حَرْفاً حرفاً بدم نساء ورجال عَزَّ نظيرهم مع مرور مراحل قرَّبت حتى المقربين للجيل الحالي لآفَةِ النِّسيان) ، ما أَلَّفتُ به كِتاباً لا زلتُ محتفِظاَ بمسودَّته مؤجِلاً نشره من سنوات لأسباب ليس المجال مجال ذكرها الآن .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى